تونسيون ينتقدون قانون الهجرة الفرنسي وخوف على مستقبل الطلاب

23 ديسمبر 2023
رفض لقانون الهجرة الجديد في فرنسا (سيباستيان سالوم ـ غوميز/ فرانس برس)
+ الخط -

فجّر قانون الهجرة الفرنسي الجديد جدالاً كبيراً في تونس، وسط قلق من تداعياته على مصير آلاف التونسيين وارتداداته على المكاسب المدنية للأجيال الجديدة من المهاجرين، ولا سيما الطلاب. ويرى ناشطون تونسيون أن القانون الجديد، الذي أقره البرلمان الفرنسي بشكل نهائي ليل الثلاثاء الماضي، "أطفأ أنوار فرنسا" التي باتت تحت سيطرة أحزاب اليمين، ما أدى إلى تبني القانون المثير للجدل بشأن الهجرة. وينشغل التونسيون بتداعيات قانون الهجرة الجديد على المهاجرين، في ظل النسبة المرتفعة من الجالية التونسية المقيمة بالخارج، والمقدرة بما يزيد عن 1.7 مليون تونسي.
وبحسب بيانات رسمية، تعتبر فرنسا دولة الاستقبال الأولى للمهاجرين التونسيين داخل الفضاء الأوروبي بنسبة تتجاوز 56 في المائة. وتُقيم في فرنسا أعلى نسبة من التونسيين الذين لم تتجاوز أعمارهم 18 عاماً، وهم من أجيال الهجرة الجديدة، وتقدر نسبهم بـ14.8 في المائة من مجموع المهاجرين التونسيين في منطقة اليورو. ويخشى التونسيون المنتقدون قانون الهجرة وضع حواجز أمام الطلبة التونسيين الذين يرغبون في الالتحاق بالجامعات الفرنسية، وذلك بعد زيادة رسوم التسجيل في هذه الجامعات منذ عام 2019.
وتعلق الباحثة التونسية رجاء بن سلامة على القانون الجديد على صفحتها الرسمية على فيسبوك بالقول: "انطفأت أنوار فرنسا الأنوار". فيما يصف رئيس الفيدرالية التونسية من أجل مواطنة بين الضفتين محي الدين شربيب قانون الهجرة الفرنسي الجديد بـ"الخطير شكلاً ومضموناً"، معتبراً أنه "يعكس تراجعاً كبيراً في فلسفة الهجرة في فرنسا، ويمس في الصميم مسائل أساسية في تعامل هذه الدولة مع المهاجرين، ولا سيما منهم مواطني بلدان شمال أفريقيا". ويقول شربيب لـ"العربي الجديد" إن "القانون لبّى رغبة اليمين الفرنسي التي يطالب بها منذ 30 عاماً، والتي تمس بحقوق ملايين المهاجرين الذين سيعانون من التمييز، بما في ذلك المقيمون في وضعية نظامية". ويؤكد أن "القانون الذي جرى إقراره بغالبية الأصوات يتعارض مع مبادئ أساسية في الدستور الفرنسي، أهمها المساواة بين المواطنين"، معتبراً أن "التمييز في التعامل بين المقيمين على التراب الفرنسي يتحوّل إلى ممارسة قانونية تسلب المهاجرين جزءاً من حقوقهم".

ويشرح أن "وضع قواعد جديدة للحصول على المنحة الاجتماعية يضع المهاجرين في مرتبة دون المواطنين الفرنسيين، الذين يحصلون على المنحة من الصناديق الاجتماعية بمجرد الحصول على عقد عمل، بينما سيطالب المهاجرون بالعمل مدة عامين ونصف عام للحصول على هذا الحق الاجتماعي". يتابع أن "هذه المنحة ممولة من قبل الأجير والمؤجر ويفترض أن يتمتع بها كل عامل يساهم في النمو الاقتصادي، غير أن قانون الهجرة الجديد ضرب هذا الحق".

فرنسا (محمد صلاح الدين عبد السيد/ الأناضول)
رفض لقانون تمييزي وعنصري (محمد صلاح الدين عبد السيد/ الأناضول)

وفي ما يتعلّق بالحواجز الجديدة التي يضعها قانون الهجرة أمام الطلاب، يقول شربيب إن "فرض دفع وديعة مالية في مقابل التسجيل في الجامعات الفرنسية سيعرقل حقوق شريحة واسعة من الراغبين في الدراسة الجامعية هناك". ويشير إلى "احتجاج رؤساء الجامعات الفرنسية على هذا البند الذي يضرب حقوق التعليم للجاليات والوافدين، لا سيما أن الرؤية لم تتضح بعد بشأن قيمة الضمان المالي المطلوب والذي سيحدد بأوامر حكومية". يضيف: "سيجبر الطلاب الأجانب على دفع وديعة للحصول على تصريح إقامتهم، وتقديم دليل كل عام على الطبيعة الحقيقية والجدية لدراساتهم". ويتوقّع أن "يزداد وضع المهاجرين في فرنسا سوءاً في حال صعود حكومة يمينية بعدما نجحت أحزاب اليمين في إقرار هذا القانون". 

من جهته، يقول المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية الاجتماعية رمضان بن عمر إن "فرنسا تواصل الانحدار يميناً نحو مقاربات أكثر تمييزاً وعنصرية ضد المهاجرين، بحجة حماية هويتها وتركيبتها الديمغرافية". ويشير إلى أن قانون الهجرة الجديد "يُضاف إلى قوانين أخرى في أوروبا تتنكر لحقوق المهاجرين وتكرس استعماراً وعبودية بأشكال جديدة".
ويرى بن عمر أن "قانون الهجرة الجديد يأتي في سياق أوروبي لمزيد من التشديد على المهاجرين"، معتبراً أن "بنود القانون عنصرية بامتياز، وتُحكم قبضة اليمين المتطرف على كامل أوروبا". ويؤكد بن عمر لـ"العربي الجديد" وجود "تهديدات كبيرة باتت تحدق بالمهاجرين النظاميين وغير النظاميين المقيمين في فرنسا، بسبب الشروط المشددة على المساعدات الاجتماعية". يضيف: "لطالما افتخرت فرنسا بنظامها الاجتماعي الشمولي، غير أن هذا النظام بصدد التحول إلى آلية تمييزية تستهدف المهاجرين". ويقول: "استسلمت فرنسا لرغبات اليمين المتطرف في ما يتعلّق بتسوية أوضاع المهاجرين غير النظاميين، وستشمل مستقبلاً قائمة مهن تحددها السلطة بناء على النقص المسجل في تلك الوظائف". ويرى أن "البند الأخطر في قانون الهجرة الجديد هو المتعلق باحترام مبادئ الجمهورية"، معتبراً أن "هذا البند فضفاض ويمكن للسلطات الفرنسية استخدامه لترحيل المهاجرين من دون سند قانوني واضح بحجة عدم احترام هذه المبادئ".

المساهمون