يتطلب الحصول على سيارة شعبية في تونس أن يحمل الفرد الجنسية التونسية، وعدم تجاوز الراتب الشهري لغير المتزوجين 10 أضعاف الحدّ الأدنى للأجور، و15 ضعف الحدّ الأدنى للأجور بالنسبة إلى الأزواج، علماً أن راتب الحدّ الأدنى محدد بـ150 دولاراً.
عند توفر الشروط، يمكن لكل فرد التقدم بطلب لوزارة التجارة من أجل الحصول على سيارة من بين 7 أصناف (ألمانية وفرنسية وصينية المنشأ)، والتي تتراوح أسعارها بين 10 إلى 13 ألف دولار بحسب نوعيتها والتجهيزات التي تتضمنها، ويجري تسديد ثمنها عبر أقساط شهرية.
وتراعي هذه التسهيلات ظروف صغار الموظفين من أجل تعزيز فرصهم في الحصول على سيارات شعبية، وهو إجراء لجأت إليه الدولة منذ تسعينيات القرن العشرين حين خصصت سيارات للطبقة المتوسطة والموظفين بسعر لا يتجاوز 5 آلاف دولار، لكن الأسعار ارتفعت بسبب ارتفاعها في السوق العالمية، وتدني قيمة صرف الدينار التونسي أمام الدولار، إلى جانب عدم رفع الأجور المالية للموظفين إلا بنسب بسيطة.
يقول الموظف عز الدين الأبيض، لـ"العربي الجديد": "أودعت طلباً للحصول على سيارة شعبية قبل عشر سنوات، لكن لم يصل دوري حتى الآن للحصول عليها بسبب ارتفاع عدد الطلبات، ونقص عدد السيارات المستوردة. اضطررت لشراء سيارة مستعملة من أجل التنقل إلى مقر عملي بأمل أن يصل دوري للحصول على أي سيارة شعبية. تشهد أسعار السيارات ارتفاعاً كبيراً، وقد يتجاوز بعضها 13 ألف دولار في المستقبل، وهذا المبلغ ليس في متناول جميع الموظفين".
وينضم عز الدين إلى آلاف الموظفين الذين يحلمون بالحصول على سيارة شعبية منذ سنوات بسبب طول الانتظار ووجود نحو 200 ألف طلب لاقتنائها. في حين توجه كثيرون إلى السيارات المستعملة رغم ارتفاع أسعارها بسبب تزايد الطلب عليها.
ويقول الناطق باسم الغرفة الوطنية لوكلاء بيع ومصنعي السيارات الشعبية في تونس، مهدي محجوب، لـ"العربي الجديد": "تصل مدة انتظار بت ملف طلب اقتناء سيارة شعبية إلى ثلاث سنوات، وتتغير بحسب نوعها. وقد شهدت أسعار مختلف أنواع السيارات ارتفاعاً هذا العام مقارنة بالعام الماضي، ووزارة التجارة هي الطرف الوحيد المخول لها تحديد أسعار السيارات الشعبية مع الأخذ في الاعتبار سعر التوريد، وضمان هامش ربح للوكلاء. ويجري بيع بين 6 و7 آلاف سيارة شعبية سنوياً مع تحديد حصة كل وكيل سيارات بنحو ألف سيارة سنوياً، بحسب اتفاق بين الوكلاء ووزارة التجارة".
ورغم توسيع شريحة المستفيدين من اقتناء السيارات الشعبية في ظل ارتفاع أعداد الطلبات، إلا أن نقص المعروض يزيد مدة الانتظار. تقول رقية عبد الغفار، لـ"العربي الجديد"، إنها قدمت طلباً للحصول على سيارة شعبية، وسجلت اسمها في عدد من وكالات بيع السيارات قبل أكثر من 12 سنة. "كلما سألت عن دوري أواجه بمقولة إن طلبات عدة تسبقني في الانتظار، وإن عدد السيارات الشعبية المستوردة يتقلص سنوياً. قدمت الطلب حين كان السعر لا يتجاوز 9 آلاف دولار، أما اليوم فالسعر 12 ألف دولار أو أكثر بسبب ارتفاع ثمن السيارات. أيضاً بات يصعب الحصول على سيارة شعبية، حتى إذا توفرت، بسبب ارتفاع نسبة الاقتطاع من الأجر الشهري لتسديد قيمة الدين".
من جهته، انتظر محمد الحافظي نحو 6 سنوات للحصول على سيارة شعبية، ثم حصل على قرض من بنك لشراء سيارة عادية لا يتجاوز سعرها 18 ألف دولار. ويقول لـ"العربي الجديد": "لا توجد سيارات شعبية بسبب تراجع عددها، وانخفاض معدل توريد أنواع عدة منها، ما اضطرني إلى البحث عن سيارة مستعملة". يتابع: "فوجئت أيضاً من ارتفاع ثمن السيارات المستعملة بسبب ارتفاع ثمن تلك الجديدة، وانتفاع سماسرة السيارات المستعملة".
ويؤكد حسان عبد العزيز، وهو أحد سماسرة بيع السيارات المستعملة، لـ"العربي الجديد"، أن "سوق السيارات المستعملة كانت تنتعش بتأثير ملل الطبقة المتوسطة من انتظار دورها في الحصول على سيارة شعبية، أما اليوم فيشهد عملها ركوداً نوعياً بسبب تراجع عدد السيارات المستعملة المعروضة للبيع، بعدما بات أصحابها غير قادرين على استبدالها بجديدة لا توجد في السوق أساساً، وإذا وجدت فإن أسعارها مرتفعة جداً مقارنة بالسنوات الماضية".