"إما النجاة معاً أو البقاء تحت القصف الروسي ومواجهة خطر الموت معا"، هكذا اختار تونسيون التعامل مع حيواناتهم الأليفة التي رافقتهم في رحلة الغربة لسنوات عديدة.
عبارات ترجمها مشهد طلبة تونسيين جرى إجلاؤهم من أوكرانيا، وصلوا إلى مطار تونس مصحوبين بقططهم وكلابهم بعد رحلة شقاء طويلة تقاسموها لبلوغ الحدود البولونية أو الرومانية.
"ليزا" الكلبة من صنف "لابرادور" كانت أول الحيوانات الواصلة إلى تونس في رحلة إجلاء على متن الطائرة العسكرية التي نقلت أمس الأول الإثنين أول دفعة من الرعايا التونسيين الذين تم إجلاؤهم من رومانيا.
يصفها صاحبها، أيمن الشنوفي بأنها ابنته ذات الـ8 أشهر، كانت رفيقة دربه في إقامته في أوديسا، وكانت تشاركه كل تفاصيل يومه، ما جعله يقرر الاحتفاظ بها مهما كلفه ذلك.
يقول أيمن لـ"العربي الجديد": "قبل بداية القصف الروسي قرّرت العودة إلى تونس صحبة "ليزا"، وكان عليّ أن أدفع ثمن الوزن الإضافي للحيوان وقفصه اللذين يزنان نحو 40 كلغ"، وهو ما جعلني أفكر في بيعها ووضعت صورها على موقع متخصص في بيع الحيوانات.
ويتابع: "بعد 5 دقائق من تنزيل صورها عاد أيمن الشنوفي لسحبها، مقررا أن يواصلا رحلتهما معا مهما كانت التكاليف، إذ قرر بيع هاتفه الجوال للحصول على الأموال الكافية لرحلة العودة، قبل أن يغيّر القصف الروسي السريع لأوكرانيا مجرى الأحداث لكليهما.
بعد بدء القصف، قرّر أيمن مغادرة أوديسا نحو الحدود الرومانية رفقة عدد من التونسيين الذين تمكنوا من توفير حافلة نقلتهم في رحلة كانت الأطول في حياة "ليزا" التي أصيبت بتوعك صحي في الأثناء وحالة من القيء المستمر.
ورغم ذلك يؤكد الشنوفي أنه ظل متمسكا بها ويحاول احتواءها إلى حين العبور لرومانيا، بعد أن قطعا معا مسافة طويلة مشيا على الأقدام اضطر خلالها إلى حملها بسبب حالة الإعياء التي أصابتها.
عند صعود الطائرة العسكرية التي عادت بأول دفعة من الرعايا التونسيين، أشعر طاقم الطائرة أيمن عدم السماح لـ"ليزا" بالركوب بسبب عدم توفر القفص الذي يفترض توفيره في نقل الحيوانات على متن الرحلات الجوية، تمسك أيمن بالرحيل معا أو البقاء معا بحسب تصريحه، ليسمح له لاحقا باصطحابها شرط توفير الكمامة الخاصة بها.
على شبكات التواصل الاجتماعي، تداول تونسيون بكثافة صور "ليزا"، فيما اختلفت التعليقات بين من أثنى على الحسّ الإنساني لصاحبها وبين من تهكم عليه بحجة أن التونسيين العالقين في مناطق النزاع هم الأولى بالترحيل.
غير أن المشهد اختلف بعد قدوم رحلتي الإجلاء اللتين حطتا، فجر الأربعاء، قادمتين من أوكرانيا ورومانيا، إذ جلب العديد من الطلبة العائدين حيواناتهم من قطط وكلاب، بينما قال بعضهم إنهم جلبوا حيوانات أصدقاء لهم من الأوكرانيين الذين استودعوهم حيواناتهم وطلبوا منهم رعايتهم خوفا عليهم من الموت تحت القصف.
ووصلت إلى مطار قرطاج الدولي في العاصمة تونس، فجر الأربعاء، رحلتان تحملان تونسيين قادمين من رومانيا وبولندا، بعد وصولهم إليهما هربا من الحرب في أوكرانيا.
وضمت الرحلتان 327 من أفراد الجالية التّونسية بأوكرانيا، حيث ضمت الرحلة الأولى التي أمنتها طائرة لسلاح الجو التّونسي، 97 فردا ممن وصلوا إلى الحدود البرية مع رومانيا، فيما ضمت الرحلة الثانية التي أمنتها طائرة تابعة للخطوط التونسية 230 فردا ممن وصلوا إلى الحدود البرية مع بولندا.