توأم غزة خالد وصلاح حيّان في قلوب الأصدقاء وذكرياتهم

29 نوفمبر 2023
التوأم خالد وصلاح جاد الله (فيسبوك)
+ الخط -

اعتاد التوأم خالد وصلاح جاد الله (28 عاماً)، الوجود في مختلف المناسبات والمعارض في قطاع غزة. كان خالد وصلاح مطلوبين من قبل الشركات التجارية، كما أنهما شخصيتان محبوبتان. تطابق ملامحهما كان يميزهما، بالإضافة إلى صداقتهما لكثيرين. كان خبر استشهادهما مع عائلتهما مفجعاً في اليوم الرابع للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
كان خالد وصلاح يقولان إنهما "قطعة واحدة"، يتشاركان العمل في بعض معارض المنتجات المستوردة والوطنية، والتطوع في المبادرات الإنسانية، بالإضافة إلى العمل الحر أونلاين. كانا يمارسان الرياضة معاً وينامان في غرفة واحدة. استشهد الشقيقان نتيجة استهداف طائرات الاحتلال المبنى الذي يقيمان فيه بحي الشيخ رضوان في مدينة غزة.
كان شقيقهما مصوّر وكالة الأناضول في غزة علي جاد الله قد خسر منزله قبل يوم من خسارة منزل والده وأسرته بالكامل. ولدى إخراج جثمان التوأم، أمسك أيديهما وقبّلها بشدة.  
لدى خالد وصلاح أصدقاء مقربون أعربوا عن حزنهم الشديد لفقدانهم الثنائي الأجمل كما ذكروا. من بين هؤلاء طارق أبو الخير مسعود، وتعود صداقته مع التوأم إلى أكثر من تسع سنوات. درسوا معاً في جامعة الأزهر، وبدأت صداقتهما منذ السنة الجامعية الأولى، على الرغم من دراسة مسعود الصيدلة في كلية أخرى، فيما درس التوأم التجارة. ودعهما إلى جانب أصدقاء آخرين وعاملين في مجال الصيدلة والقطاع الطبي كانوا قريبين منهما. 

يقول مسعود لـ"العربي الجديد": "كنا نلتقي يومياً وحتى في نهاية الأسبوع. كانا شقيقين بالنسية إلي، واعتدنا دعم بعضنا بعضاً. حتى خلال أيام العدوان الإسرائيلي، كنا نحرص على اللقاء متى سنحت الفرصة في ظل القصف الشديد. يصعب علي اختصار علاقتي بهما في سطور. هذه 9 سنوات فيها أحزان وأفراح وأعياد واعتداءات إسرائيلية متكررة ووباء كورونا والكثير". 
آخر اللحظات التي جمعتهم معاً كانت في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول، أي قبل العدوان بيومين. قضوا وقتاً على شاطئ البحر وتناولوا السمك. كانت سهرة مليئة بالضحك وتذكر المواقف الطريفة. يتذكر حين يكونان معاً ويحضر صديق آخر ويسلم عليهما ولا يعرف التمييز بين خالد وصلاح. 

طارق مسعود مع التوأم جاد الله (فيسبوك)
طارق مسعود مع التوأم جاد الله (فيسبوك)

قبل ساعة من استشهادهما، طلب مسعود من خالد وصلاح شراء أدوات كهربائية عاجلة من جارهما في حي الشيخ رضوان نظراً لعدم توفرها في منطقتهم في بلدة جباليا. قام والدهما أبو علي، الذي استشهد هو الآخر في المنزل بشرائها وأرسلها إلى منزل مسعود مع شخص آخر. يضيف مسعود: "كانا يريدان فتح مشروع خاص، وكانا يعملان معاً في بعض المعارض وبالبيع والشراء، وقد بدآ شراء بضائع أونلاين وبيعها في غزة. كانا طموحين جداً".
بدوره، ودع وسيم السيسي التوأم وقد ملأ الحزن قلبه. كان يشاركهما مخططاتهما المستقبلية، وكانا يحرصان على استشارته، ويشير إلى أن خالد كان يحب فتاة وكان يحضر له مفاجآت لحفل خطوبته برفقة عدد من أصدقائه، وكان التأخير يرتبط بوصولها كونها تعيش خارج قطاع غزة.

مع الأصدقاء (فيسبوك)
مع الأصدقاء (فيسبوك)

أما صلاح، فكان يبحث عن مكتب للإيجار لبدء مشروعه. كانا مبدعين في التجارة الإلكترونية، وفي حوزتهما الكثير من الأفكار لمشاريع تتناسب مع سوق غزة على الرغم من كل الصعوبات التي يواجهها القطاع. تجمعه معهما الكثير من الذكريات الجميلة. 
يقول السيسي: "كنت ألتقط صوراً لهما وهما نائمان. قضينا كثيراً من الوقت معاً، وكأننا إخوة بالإضافة إلى مجموعة أصدقاء آخرين. في فترات الصيف، كنا نقضي أيامنا معاً. كنت وصلاح نجري تحدي معلومات كرة القدم وتشتد المنافسة في ما بيننا. قلبي يؤلمني. لم أتوقع أن يحصل ذلك. جميع أفراد العائلة استشهدوا بلا ذنب. جميعهم مدنيون يحبون الحياة".

ودع سعد سمير (28 عاماً)، الشقيقان، وهو يتذكر جميع اللحظات التي جمعتهم في مختلف المراحل الدراسية في المدرسة. كان سمير مشاغباً في الفصل كما يذكر، وكان يساعدهما في تبديل المقاعد من دون أن يلاحظ المدرس. وكان خالد وصلاح يساندان بعضهما بعضاً في الاختبارات. يقول سمير لـ"العربي الجديد": "كل من عرف خالد وصلاح حزن وبكى عليهما. جميع من يعرفهما في قطاع غزة يحبهما.  كنت أطلق عليهما اسم الجوهرة، ربما لأنهما توأم ومتشابهان. كانا مليئين بالحب والمشاركة. حين كنا في المدرسة، كنت أمازحهما قائلاً إنه في حال شعر أحدهما بالألم في عضو جسدي، سيشعر الآخر به أيضاً. كلما التقينا، كنا نجلس ونضحك ونستعيد ذكرياتنا الجميلة". 

المساهمون