تمسك بالأمل رغم غياب العدل... رجاء أسر المعتقلين في مصر

08 ديسمبر 2020
لم يفقدوا الأمل في حدوث انفراجة قريبة (Getty)
+ الخط -

"أنس نازل جلسة بكرة، أمام القاضي الذي جدد حبس أكثر من 700 معتقل بالأمس. لا أكتب أملاً في التغيير أو إخلاء سبيل أنس غداً. أعرف أن أنس خارج حسابات كل الشخصيات العامة وكل من له صوت مسموع من كل مجتمع.. فيما عدا أفراد ما زالوا يذكروننا.. متقبلين هذا الأمر... متقبلين الواقع يعني تعودنا نبقى وحدنا في المشهد. الأمل في منام مبشر (رؤيا خير) أكبر من الأمل في إخلاء سبيل ينفذ"، هذا ما نشرته صفحة "الحرية لأنس البلتاجي"، نجل القيادي المصري بـ"جماعة الإخوان المسلمين" في مصر محمد البلتاجي، قبل ساعات من موعد جلسة تجديد حبسه اليوم الثلاثاء 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وأضافت الصفحة في منشورها على لسان أسرته "لو نزلنا حتى قعدنا عالرصيف مش هنشوفه من شباك الترحيلة لأن آخر مرة انتظرنا 8 ساعات على الرصيف، المحامين قالوا لنا أنس عدى من داخل محبسه لداخل القاعة، بدون الخروج من بوابة طرة.. أنا لا أكتب لهدف.. لكن أكتب كي لا أكون وحيدًا".

أنس لم يخرج من محبسه منذ عام 2013 وكان عمره يومها 19 عاماً وأصبح اليوم 26 عاماً. قضى سبع سنوات باتهامات ليس عليها أي دليل يحال فيبرأ ويحبس فيخلى سبيله، لكن السلطات تأبى عودته للحياة.

وكانت إدارة السجن تخبر أسرته صراحة بأن كونه نجله البلتاجي، فإن هذا يعطيه امتيازاً سلبياً عن بقية المعتقلين الآخرين، ونتيجة لذلك، تم احتجازه في زنزانة فردية، يتعرض بداخلها للتعذيب والتنكيل والحرمان من التريض والطعام والشراب حتى ساءت حالته الصحية بصورة كبيرة، من دون توفير أي رعاية طبية له.

وعلى الرغم من تبرئة أنس من قضيتين كانتا لفقتا له، وهما قضية الاعتداء على أحد الموظفين بسجن العقرب أثناء زيارة والده، والتي وقعت أحداثها قبل اعتقاله بعدة أيام، والثانية هي القضية المعروفة إعلامياً بقضية "خلية الماريوت"، إلا أنه وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2015 حكم عليه بالسجن خمس سنوات في قضية ثالثة اتهم فيها بحيازة سلاح، من دون تقديم أي دليل على ذلك، سوى المقطع المصور الذي أجبر هو وشقيقه على تصويره.

جدير بالذكر أن أنس محروم من استكمال دراسته، وقد رفضت كافة الطلبات التي تقدمت بها أسرته ومحاميه، لدخول الامتحانات، إذ إنه طالب بكلية التربية النوعية بجامعة عين شمس، كما أن إدارات السجون التي تنقل بينها لم تسمح له بإدخال كتبه الدراسية أو أية كتب أخرى، بالإضافة إلى انتهاك حقه وحق أبيه في أن يحتجزا معاً وفقاً لما ينص عليه قانون لمّ الشمل.

ويعد محمد البلتاجي من أبرز المعارضين المصريين، وإثر ذلك تعرض للاعتقال بتاريخ 29 أغسطس/ آب 2013، ووجهت إليه عشرات الاتهامات وحكم عليه ثلاثة أحكام بالإعدام والسجن لأكثر من 170 عاماً، وتعرض منذ تاريخ اعتقاله لشتى أنواع التعذيب البدني والنفسي، ومن جملة التعذيب التنكيل الجماعي بأسرته، خاصة بعد إصراره على اتهام قيادات النظام المصري بقتل ابنته أسماء في مجزرة رابعة العدوية بتاريخ 14/8/2013.

هذا الأمل الذي تحيا عليه أسرة البلتاجي، هو الذي تتنفسه أسر آلاف المعتقلين السياسيين في مصر، الذين يدركون أنهم خارج حسابات النظام وجماعات الضغط ولا يذكرون في المحافل الدولية والإقليمية كغيرهم.

فاليوم، الثلاثاء، ينظر أيضاً في جلسات تجديد حبس كل من الناشط السياسي البارز، علاء عبد الفتاح، والمحامي الحقوقي عمرو إمام، والكاتب الصحافي ضياء داوود، والصحافيين المتزوجين سلافة مجدي وحسام الصياد، والمحامي الحقوقي محمد الباقر، وغيرهم العشرات من المتهمين على ذمة القضايا نفسها.

وكتب المحامي الحقوقي البارز خالد علي، قبل جلسات تجديد حبسهم وهو موكل بالدفاع عن بعضهم، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، منشوراً عبّر فيه عن أمله في إخلاء سبيلهم "مهما كان اليأس والإحباط لن نفقد الأمل في عدالة نستحقها، وحرية نتوق إليها. جلسة النظر في أمر تجديد حبسهم اليوم، دعواتكم".

ويعوّل عدد من السياسيين والحقوقيين المصريين على الفترة الراهنة لإخلاء سبيل عدد من المعتقلين على خلفية قضايا سياسية، بعد الأزمة التي مر بها النظام المصري الحالي، باعتقال قيادات بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية - منظمة مجتمع مدني مصرية - وأفرج عنهم بضغط دولي وأممي كبير، وقبل ساعات من سفر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى باريس، للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وما زال هناك.

 

ويتوقع مراقبون انفراجة نسبية في ملف المعتقلين السياسيين، لكن ليس من ضمنهم معتقلو "جماعة الإخوان المسلمين"، خلال الفترة المقبلة، تمهيداً لاستقبال ساكن البيت الأبيض الجديد جو بايدن.

ويقدّر رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب المصري، علاء عابد، عدد المحبوسين احتياطاً في مصر حتى يناير/ كانون الثاني 2018 من 25 إلى 30 ألف سجين من إجمالي عدد السجناء الذي يقارب 65 ألفاً. بينما يقدّر عدد المعتقلين السياسيين في مصر بحوالي 60 ألف معتقل سياسي، وفق تقديرات حقوقية.

يشار إلى أنه تم بناء 23 سجناً جديداً منذ 2013 وحتى 2018 تماشياً مع منهجية التوسع في الاعتقالات وغلق المجال العام والمحاكمات غير العادلة، ليصل عدد السجون في مصر حالياً إلى 54 سجناً بالإضافة إلى 320 مقر احتجاز داخل أقسام ومراكز الشرطة، أما أماكن الاحتجاز السرية فلا يعرف عددها.

المساهمون