تلوث العراق: الحكومة جزء من المشكلة

22 يونيو 2022
حملة لتنظيف أحد أنهر العراق (حسين فالح/ فرانس برس)
+ الخط -

تتفاقم مشكلات التلوث في الأحياء السكنية والأنهار والبحيرات في العراق، تزامناً مع تراجع مستوى المياه وارتفاع درجات الحرارة، مخلّفة مشكلات صحية وروائح كريهة في الكثير من مدن البلاد، وسط تحذيرات من استمرار تصريف مياه المجاري إلى نهري دجلة والفرات؛ إذ إن انخفاض منسوب النهرين جعل من كميات المياه المصرفة في مجرى النهرين كبيرة جداً، إلى درجة قتل الأحياء النهرية والنباتات على حافة النهرين التي امتلأت بالمخلفات أيضاً.

ويعمل ناشطون في مجال البيئة على إطلاق حملة جديدة للتوعية بمخاطر التلوث وربطه بالأوبئة والأمراض المتواصلة في البلاد، مطالبين بتشريع قوانين صارمة بحق المخالفين، في وقت يطالب آخرون بإنشاء شرطة خاصة بمكافحة مسببي التلوث، تكون بديلة وأكثر فاعلية من تشكيل أمني إداري.

ويقول الخبير البيئي حيدر الميراني، لـ"العربي الجديد"، إن "استمرار المواطنين، وحتى الدوائر الحكومية، في رمي المخلفات الثقيلة في الأنهار ومجاري المياه العذبة أو المسطحات المائية والساحات العامة سيزيد من الأمراض الحالية، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث أمراض مميتة وغير متوقعة".

ويوضح أن "المواطنين يرمون النفايات في غير أماكنها، وهم أكثر من يلوث المدن، حتى وإن لم يشعروا. كما أن الدوائر الحكومية وحتى المستشفيات ترمي مخلفاتها في الأنهر والساحات العامة". 

وعن الحلول، يقول الميراني إن "هناك حلولاً عدة، ويحتاج البعض إلى دراسات وخطط وأموال، لكن أهمها وأسرعها تشكيل شرطة النظافة، هدفها وعملها ملاحقة وتغريم كل من يلوث البيئة، سواء أكان مواطناً أم جهة حكومية أم قطاعاً خاصاً. وترتبط الشرطة بوزارة الداخلية، لكن لمديريات البلدية في المحافظات سيطرة عليها كونها المختصة بذلك".

ويؤكد الناشط محمد العبيدي في بغداد أن تحديات الجفاف والتصحر تتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة إنتاج النفايات في البلاد، الأمر الذي يجعل من الصعب الاستمرار من دون مشكلات صحية. 

ويوضح لـ"العربي الجديد" أن "هناك مناطق تنتشر فيها الأمراض الجلدية والمعوية. وعند البحث، نجد أنها أكثر تلوثاً من غيرها من المدن بالنفايات. لذلك، نطلق حملة خلال أيام للتوعية بمخاطر التلوث".

وبحسب تقارير بيئية سابقة، فإن نحو 50 في المائة من مشكلات التلوث في نهري دجلة والفرات بسبب مياه المجاري ومخلفات الدوائر الحكومية والمصانع والمنشآت التي تلقي مخلفاتها في مجرى النهرين، وتتصدر العاصمة بغداد أكثر المدن معاناة من هذه الظاهرة.

وتعثرت الحكومات العراقية المتعاقبة في بناء معامل تدوير النفايات، وتعتمد حتى الآن على وسائل بدائية في طمر النفايات بمناطق مختلفة، وسرعان ما تتحول إلى مشكلة تهدد المدن المجاورة لتلك المطامر.

ويقول المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية اللواء خالد المحنا، لـ"العربي الجديد"، إن مهمة شرطة البيئة "منع عمليات التلوث الكبرى كالتي تصدر من المعامل والمصانع، ونعتقد أن المشكلة ليست بوجود تشكيل أمني، وإنما تعود لثقافة المجتمع. ففي المجتمعات المتقدمة، نجد أن الفرد هو الذي يمثل عنصر الأمن مرة، والموظف البلدي مرة أخرى، ويكون هو الحارس على عملية منع التلوث. ونقول بشكل واضح إن هذا الأمر يحتاج إلى تضافر جهود وتعاون تتبعه ثقافة حرص على بيئة المجتمع".

بدوره، يقول مدير بلدية مدينة الديوانية جنوبي العراق حيدر مرزوك إنّ "الكوادر البلدية لم تعد قادرة على تنفيذ واجباتها الخدماتية بتنظيف المدينة بشكل جيد، بسبب عدم التزام المواطنين برمي النفايات أو تجميعها في مكانها المخصص، وهناك من يلوث البيئة ولا يتعاون معنا، بعضهم يقوم بالاعتداء على عمال النظافة، لذلك نحتاج فعلاً لقوة أمنية تسند عملنا".

يتابع مرزوك أن "هناك دوائر حكومية تعمل على رمي النفايات الصلبة والسائلة في الأنهر، وحتى الغازية بالهواء، وهذا خطر كبير. لذلك، وجهنا لهم أكثر من إنذار، كما عمدت مديرية البيئة إلى اتخاذ الإجراءات نفسها من دون أن يمتنعوا".

ويقرّ مهتمون بأن المواطنين يتحملون جزءاً من المسؤولية. ويقول حيدر اللامي إن "المجتمع بحاجة إلى أن يتحمل المسؤولية، ورمي النفايات في الأماكن المخصصة لها بهدف الحد من الأزمة البيئية".

ويضيف: "يجب أن تكون هناك مساعدة لعامل النظافة. كما أن الكثير من المستشفيات والدوائر الحكومية ترمي نفاياتها والمياه الثقيلة في الأنهر"، وشدّد: "في حال أرادت البلديات السيطرة على هذا الموضوع، يتوجب تشديد الغرامات والعقوبات على المخالفين مهما كانوا".

المساهمون