تقرير يرصد انتهاكات حقوقية في سجون مصر أمام الأمم المتحدة

30 يوليو 2024
أحد سجون مصر في صورة سابقة (خالد الفقي/ EPA)
+ الخط -

قالت المنظمات المشاركة في تحالف المادة 55، إن سجون مصر أصبحت الوجهة النهائية لكل من يتحدث بما يُخالف السلطات المصرية أو يعارضها، كما أن الممارسات القمعية داخل السجون ومراكز الاحتجاز ما زلت مستمرة ولم تتغير. 

وأضافت المنظمات، في تقرير تقدمت به إلى لجنة الاستعراض الدوري الشامل (UPR) للأمم المتحدة بخصوص مقار الاحتجاز وسجون مصر، أنه رغم تأييد مصر في الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل أكثر 10 توصيات فيما يخص مراكز الاحتجاز والسجون، كالتوصية رقم 31.185 الصادرة عن دولة نيوزيلندا عام 2019، التي أكدت أهمية ضمان حصول جميع السجناء على الحد الأدنى من معايير المعاملة الإنسانية، بما في ذلك الحماية من جميع أشكال التعذيب؛ فإن مصر لم تدخل أي تغييرات فيما يتعلق بتحسين معاملة السجناء ولم يطبّق الحد الأدنى من معايير المعاملة الإنسانية.

انتهاكات مُمنهجة داخل سجون مصر

التقرير الذي نُشر اليوم الثلاثاء، تناولت فيه المنظمات "أبرز الانتهاكات الحقوقية المُمنهجة بداخل تلك المقار، التي من ضمنها؛ القتل خارج إطار القانون، الإهمال الطبي وعدم تقديم الرعاية الصحية، الحبس الانفرادي التعسفي، عدم السماح بحضور السجناء جلسات تجديد حبسهم إلا عبر الإنترنت، حرمانهم حق التواصل مع محاميهم وذويهم".

وبشأن ارتفاع أعداد الوفيات داخل مقار الاحتجاز، استعرض التقرير الارتفاع الملحوظ في أعدادها على مستوى المحافظات منذ يناير/كانون الثاني 2020 وحتى يونيو/حزيران 2024، والذي وصل إلى 296 حالة وفاة جرى رصدها وتوثيقها على أرشيف مراقبة العدالة. 

وبشأن الإهمال الطبي وسوء أوضاع الاحتجاز، تطرق التقرير إلى الحالات التي وثقتها منظمات التحالف حول ظروف الاحتجاز القاسية وغير الآدمية التي يتعرض السجناء لها؛ لمعاقبتهم لمعارضة النظام السياسي بشكل أساسي، إذ أشارت العديد من التقارير إلى اكتظاظ عدد المعتقلين داخل كل زنزانة وسوء التهوية، وعدم السماح بالأدوية الطبية، وتدني مستوى النظافة، ومنع تعرض السجناء في بعض الحالات للتريض خارج زنازينهم الضيقة غير الآدمية، وإخضاعهم لظروف احتجاز قاسية.

ووثقت "لجنة العدالة" 533 حالة إهمال طبي داخل السجون ومراكز الاحتجاز منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2019 وحتى يونيو/حزيران 2024، ومنذ يوليو/تموز 2013 وحتى يونيو/حزيران 2024، جرى رصد وتوثيق 1319 انتهاكاً بالحرمان من الرعاية الصحية. ويحدث ذلك الإهمال بشكل مُمنهج ومتعمد مع المعتقلين على ذمة قضايا ذات طابع سياسي، حيث تتعنت إدارة مصلحة السجون ووزارة الداخلية في نقلهم لأماكن تقدم فيها رعاية طبية كاملة، ويكتفي أطباء السجن بإعطاء جميع المعتقلين مسكنات ضعيفة للآلام، بغض النظر عن الشكوى والمرض.

وحول الحبس الانفرادي، قالت منظمات التحالف إن الحبس الانفرادي في سجون مصر هو أسلوب يجري استخدامه بشكل ممنهج، وهو شائع ضد المعتقلين على ذمة قضايا سياسية، وقد يمتد لسنوات عدة في مخالفة للائحة السجون المصرية، ويعد نوعاً من أنواع التعذيب؛ حيث يُحرم المحبوس انفرادياً من أي اتصال مع الخارج لفترات غير قصيرة، ما يلقي بظلاله على مؤثراته الحسية والسمعية والبصرية، فضلاً عن معاناته من نقص الأوكسجين نتيجة لقلة فترات التريض أو انعدامها، وانتشار البكتيريا حيث يوجد، وتعرّضه للإغماء في كثير من الأوقات. ووفقاً لأرشيف مراقبة العدالة، جرى رصد 68 حالة حبس انفرادي بسجون مختلفة على مستوى محافظات مصر خلال السنوات الأخيرة.

وعن قرار وزير العدل رقم 8901 لسنة 2021 الذي يسمح للقضاة بعقد جلسات النظر في تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد، أوضحت منظمات التحالف أن تلك الجلسات تجري بشكل جماعي دون بحث وتفنيد أدلة ودفاع، وفي بعض القضايا يجري منع المحامين من التحدث وتقديم طلبات موكليهم، كما يجري حرمان السجناء من التواصل مع محاميهم.

كما تعاني الدولة المصرية من ضعف سرعة الإنترنت وانقطاع الكهرباء، بشكل مستمر على مدار اليوم. لذلك، فإن قرار تجديد الحبس عن بعد ينتهك حقوق المتهمين، وتحديداً حقهم في الاستماع إلى دفاعهم، حيث من المرجح أن يؤدي ضعف الاتصال بالإنترنت إلى عدم وضوح الصوت والفيديو بشكل كافٍ للمتهم والقاضي والمحامي، حسب التقرير.

وأوصى التقرير في ختامه، بعدة توصيات منها، إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي السلميين، مع ضمان حقوق السجناء في الزيارات العائلية المنتظمة، والعلاج الطبي، والوصول إلى المحامين.

كذلك دعت منظمات التحالف لضمان امتثال المحاكمات والاحتجاز السابق للمحاكمة لحقوق الإجراءات القانونية الواجبة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مع ضرورة تصديق مصر على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والوقف الفوري لممارسة التعذيب، ووقف التعامل الأمني مع ملف المحتجزين على ذمة قضايا سياسية، والالتزام بالمعايير والقوانين الإنسانية الدولية في التعامل مع ملف المحتجزين بشكل عام، بغض النظر عن انتمائهم الديني أو السياسي.

أيضًا حثت منظمات التحالف، السلطات المصرية، على منح المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية، حق زيارة مقرات الاحتجاز والسجون لمراقبة الأوضاع بداخلها، ومنحها الحق في الحصول على الإحصائيات الرسمية لعدد السجناء، مع فتح تحقيق شفاف ومحايد بخصوص الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون على أساس تمييزي، وتطبيق قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ولائحة سجون مصر والتوقف عن مخالفتهما، ومحاسبة كل من هو مسؤول إذا ثبت تورطه في انتهاك حقوق السجناء.

كما طالبت منظمات التحالف مصر، بنقل تبعية مصلحة سجون مصر من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل بإشراف ومراقبة مستقلة من قبل هيئات مدنية، وتثقيف العاملين بمصلحة السجون والمجتمع بأن دور مراكز الإصلاح والتأهيل خدمي نيابة عن المجتمع، للتحفظ في ظروف كريمة وإنسانية على من يجري إرسالهم للاحتجاز، وليس لقمعهم وتعذيبهم جسدياً ونفسياً، والتنكيل بهم.

يشار إلى أن تحالف المادة 55 يضم المؤسسة العربية للحقوق المدنية والسياسية، والشبكة المصرية لحقوق الإنسان، Egyptian Network For Human Rights ENHR، ونحن نسجل We Record، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان، ولجنة العدالة Committee For Justice.

المساهمون