تغير المناخ في أوروبا: أنهار جافة وموجات حرّ وحرائق

20 ابريل 2023
جفاف في كاتالونيا في إسبانيا (آدري ساليدو/الأناضول)
+ الخط -

ضرب تغير المناخ أوروبا في الصميم العام الماضي، في ظل أدنى مستوى لمنسوب الأنهر والطبقات الجوفية وصيف حار جداً وحرائق ضخمة، بحسب تقرير جديد نشرته خدمة كوبرنيكوس الأوروبية لمراقبة تغير المناخ، يظهر التحديات التي تواجهها القارة.

وترتفع درجة حرارة العالم بسبب تراكم غازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري، وخصوصاً ثاني أكسيد الكربون والميثان الذي وصل تركيزه العام الماضي إلى أعلى مستوى تسجّله الأقمار الاصطناعية. وجاء في تقريرها السنوي أن السنوات الثماني الماضية كانت الأكثر حرّاً على الإطلاق، مؤكدة البيانات الأولية التي نشرت في يناير/ كانون الثاني الماضي.

من جهتها، شهدت أوروبا، حيث ترتفع درجة الحرارة أسرع مرتين من المتوسط العالمي، أكثر مواسم الصيف حراً على الإطلاق منذ بدء تسجيل البيانات عام 1950. وارتفعت حرارة القارة 2,2 درجة مئوية منذ حقبة ما قبل الثورة الصناعية مقارنة بـ 1,2 درجة مئوية في سائر أنحاء العالم.

وقال مدير خدمة كوبرنيكوس كارلو بوونتمبو، في مؤتمر صحافي: "يضيء التقرير على اتجاهات مقلقة. فلا يزال العام 2022 عاماً قياسياً لناحية تركيزات غازات الدفيئة ودرجات الحرارة القصوى وحرائق الغابات ونقص المتساقطات، وكلها لديها آثار ملحوظة على الأنظمة البيئية والمجتمعات في كل أنحاء القارة".

محصول أقل

من جهتها، قالت نائبة مدير الخدمة سامانثا بورغيس: "في كل أنحاء العالم، سيكون هناك بعض السنوات الأكثر دفئاً وبعض آخر أكثر برودة. لكن احتمالات وجود سنوات أكثر دفئاً تتزايد". تعرضت أوروبا لجفاف واسع النطاق العام الماضي، مع تساقط ثلوج أقل من المعتاد خلال شتاء 2021-2022 وهطول أمطار أقل من المتوسط في الربيع على جزء كبير من القارة. وفقدت الأنهر الجليدية في جبال الألب ما يعادل خمسة كيلومترات مكعبة من الجليد.

كذلك، ساهمت موجات الحر التي ضربت القارة الأوروبية في الصيف في "جفاف واسع النطاق وطويل الأمد"، أثر خصوصاً على الكثير من القطاعات مثل الزراعة والنقل النهري والطاقة. وعكست الكثير من المؤشرات التي ذكرها التقرير هذا الوضع الاستثنائي. فقد كان تدفق الأنهر الأوروبية ثاني أدنى تدفق على الإطلاق "مع العام السادس على التوالي من التدفقات دون المتوسط".

وحدّدت كوبرنيكوس أن 63 في المائة من الأنهر الأوروبية تراجعت تدفقاتها عن المتوسط، وهو رقم قياسي. بالنسبة إلى هذا العام، أصبح من المعروف أن الزراعة ستعاني في جنوب أوروبا حتى في حال هطول أمطار متأخرة. وأعلنت فرنسا حالة تأهب قصوى مع فرض قيود مبكرة على استخدام المياه، كما هي الحال في إسبانيا حيث مستويات المياه في الخزانات منخفضة جداً.

وقالت بورغيس: "على الأرجح، سيكون محصول هذا العام أقل بسبب الشتاء الجاف والربيع الذي شهدناهما".

الحد من الانبعاثات حتمي

كانت هذه الظروف الجافة والحارة الصيف الماضي مؤاتية للحرائق التي ولّدت أعلى نسبة انبعاثات كربونية في كل أنحاء الاتحاد الأوروبي منذ عام 2017، وفق كوبرنيكوس.وأشارت الخدمة إلى أن "ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وسلوفينيا شهدت أيضاً أعلى انبعاثات ناجمة عن حرائق الصيف منذ 20 عاماً على الأقل، فيما شهد جنوب غرب أوروبا بعضاً من أكبر الحرائق المسجّلة". وأوضحت أن "الحد من انبعاثات غازات الدفيئة أمر حتمي للتخفيف من أسوأ آثار تغير المناخ".

ودعا خبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أخيراً إلى اتخاذ تدابير طموحة لمواجهة ظاهرة احترار المناخ. ووفقاً لتقريرها المنشور في مارس/ آذار الماضي، سترتفع الحرارة 1,5 درجة مئوية مقارنةً بعصر ما قبل الثورة الصناعية اعتباراً من الأعوام 2030-2035. وأشارت بورغيس كذلك إلى أن "فهم التغيرات ومواجهتها والتنوع في موارد الطاقة المتجددة، مثل الرياح والشمس، أمر ضروري لدعم انتقال الطاقة نحو تحييد الكربون".

حول هذه النقطة، لفتت كوبرنيكوس إلى أن أوروبا تلقت العام الماضي أعلى مستوى من الإشعاع الشمسي منذ 40 عاماً، وهي أنباء جيدة على الأقل لإنتاج الكهرباء الكهروضوئية.

(فرانس برس)

المساهمون