تعويل على المبادرات الأهلية في شتاء السوريين الأبرد

04 ديسمبر 2024
تحتاج أسر كثيرة في سورية إلى وسائل التدفئة (محمد سعيد/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد مدينة السويداء حملات إنسانية لدعم الأسر الفقيرة، حيث تنفذ منظمة "بيتي أنا بيتك" حملة لتوزيع الملابس الشتوية، وتجمع جمعية "قرية ولغا" الأموال لشراء حطب التدفئة.
- في درعا، تبرز مبادرات لدعم المدارس بمازوت التدفئة، حيث يساهم الأهالي في توفيره بسبب العجز الحكومي، مما يعكس التعاون المجتمعي رغم التحديات الاقتصادية.
- في طرطوس واللاذقية، تقتصر المساعدات على جهود فردية من المغتربين، مع التأكيد على أهمية تحويل المبادرات إلى حلول مستدامة عبر شراكات دولية.

تشهد مدينة السويداء، جنوبي سورية، حملات إنسانية تستهدف الاستجابة لاحتياجات الأسر الفقيرة مع حلول فصل الشتاء. ونفذت منظمة "بيتي أنا بيتك" حملتها السنوية بعنوان "رجعت الشتوية افتكر فيي" التي نجحت في جمع كميات كبيرة من الملابس الشتوية الجديدة والمستعملة لتوزيعها على عائلات متعففة، وطالبت المنظمة المحتاجين غير المسجلين لديها بزيارة مقرها في مدينة شهبا، للحصول على احتياجاتهم.
يقول الناشط المتطوع في "بيتي أنا بيتك"، سامر الخطيب، لـ"العربي الجديد": "دافع هذه الحملة هو تلبية احتياجات ملحة لعدد كبير من أسر المنطقة إلى الدفء والملابس الشتوية، بعدما ارتفعت أسعارها في السوق المحلية. لاقت الحملة إقبالاً كبيراً من المتبرعين، ما سمح بتغطية احتياجات عدد كبير من الأسر. هذه المبادرات تحمل إيجابيات كثيرة في هذه الأوقات العصيبة، لأنها توفر المصاريف على العائلات التي لا تملك شراء ملابس شتوية أو وقود. ويكفي أنها تدخل البهجة إلى قلوب الأطفال، من خلال اختيارهم ما يحبون من ملابس".
بدورها، نظمت جمعية "قرية ولغا" الخيرية حملة في غرب السويداء، جمعت 21 مليون ليرة سورية (1423 دولاراً) لشراء حطب جرى توزيعه على 210 أسر في القرية. ويقول أحد النشطاء المطلعين على عمل الجمعية لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الخطوة البسيطة أثرّت بشكل كبير في نفوس أهالي القرية الذين يعانون مثل غيرهم من السوريين من ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف التدفئة".
ويؤكد الناشط مهند حرب، لـ"العربي الجديد"، أن "هذه المبادرات ليست مجرد حملات إغاثة عابرة، بل تجسيد حي لروح التعاون والتضامن. في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها سورية يجب أن يبرز دور المجتمع المدني في دعم ومساعدة المحتاجين".
إلى ذلك، تهتم مبادرات مدنية وأهلية في محافظة درعا المجاورة بدعم المدارس بمازوت التدفئة، من أجل ضمان حصول الأطفال على قسط إضافي من الدفء، في ظل العجز الحكومي عن تأمين المازوت بكميات كافية للمدارس.
وبحسب أحد موظفي قطاع التربية بدرعا، بدأ أهالي قرى ومدن المحافظة في تنظيم حملات لتأمين المازوت للمدارس، في حين اعتمدت مدارس أخرى على أهالي الطلاب والتلاميذ في إرسال لترين من المازوت بالتناوب لتشغيل مدافئ الصفوف. وتبلغ المخصصات الحكومية من المازوت لكل صف دراسي 60 لتراً، لكنها لا تكفي فعلياً إلا للتدفئة لنحو 15 يوماً.

يعاني السوريون من ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف التدفئة (محمد عبد الله/ الأناضول)
يعاني السوريون من ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف التدفئة (محمد عبد الله/الأناضول)

ويؤكد مواطن من درعا، طلب عدم ذكر اسمه، أن "الناس مضطرون للتبرع لحماية أطفالهم من البرد، ما يحملهم تكاليف تفوق طاقاتهم في ظل تردي الأوضاع المعيشية، لكن هذا الأمر يُعيد ثقافة الفزعة التي طالما اشتهرت المحافظة بها".
ولا تختلف معاناة الشتاء في باقي المحافظات السورية، لكن المبادرات التي تنفذ فيها لا تعكس حالة التكافل نفسها. وفي طرطوس واللاذقية وجنوبي حلب وريف دمشق تقتصر مساعدات الأسر المحتاجة على جهود فردية ينفذها مغتربون في مناطقهم.
تقول إحدى الناشطات المدنيات من محافظة طرطوس لـ"العربي الجديد": "أصبحت أحوال الناس متشابهة، والكل سواسية في قرى طرطوس ومدنها، والجميع يستطيعون بالكاد تأمين وسائل الدفء، لذا باتت المبادرات تقتصر على جهود المغتربين، ولم يشهد العام الحالي مبادرات مجتمعية لتلبية احتياجات الشتاء، ما يعتبر مؤشراً خطيراً على ارتفاع معدل الفقر بين المواطنين".
وتخبر الناشطة أن فريقها لم يحصل سوى على مساهمات قدرها 10 ملايين ليرة سورية (680 دولاراً) لدعم احتياجات الشتاء الخاصة بالأسر المتعففة، وأن هذا يغطي بالكاد حاجة سكان واحدة من قرى المحافظة، فيما تنتظر معظم الأسر جهود المنظمات الدولية العاملة في سورية.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتقول الناشطة المدنية رولا العفيف، لـ"العربي الجديد": "هذه المبادرات جيدة لكنها تبقى حلولاً مؤقتة، ويجب أن تصبح مستدامة، ومبادرات الشتاء تواجه دائماً تحديات مثل نقص التمويل، وصعوبة الوصول إلى الفئات المستهدفة، لذا يجب بناء شراكات قوية مع المؤسسات الدولية والمنظمات غير الحكومية، للحصول على الدعم المالي والتقني في هذه المناطق المشهورة ببرودتها".
تضيف العفيف: "تضطلع هذه المبادرات بدور مهم في تخفيف معاناة الفئات المحتاجة، وتساهم في تعزيز التماسك بين أفراد المجتمع، كما تعزز ثقافة الاستجابة للأزمات الإنسانية، وتحسّن السلوكيات المجتمعية من خلال التشجيع على المشاركة في العمل التطوعي والإحساس بالآخرين، وبناء جسور تواصل معهم، كما تحمي الفقراء من خطر البرد. لم تأتِ أشهر الشتاء القاسية بعد، لكن حكومة النظام لم تستطع توزيع 50 لتراً من مادة المازوت على البطاقة الذكية، ولم يتجاوز التوزيع 2% في مناطق سيطرتها في ظل نقص التوريدات، وأزمة المحروقات الخانقة، ما يجعل شتاء السوريين أكثر برودة هذه السنة".