تضاربت التصريحات الرسمية بشأن وصول فارين من السودان التي تشهد صراعاً مسلحاً منذ الشهر الماضي، باتجاه الأراضي الليبية التي تعد منذ سنوات وجهة رئيسية لآلاف الراغبين في الهجرة من دول أفريقية عدة.
ونفت بلدية الكُفرة، الواقعة في أقصى جنوب شرقي ليبيا قريباً من حدود السودان، ما أعلنته الأمم المتحدة بشأن نزوح 700 سوداني إلى مدينة الكفرة، مؤكدة أنها ستعلن عن أي نازحين حال وصولهم. وقال المكتب الإعلامي للبلدية، إنها شكلت غرفة طوارئ للتواصل مع الحكومة في طرابلس، ومع المنظمات الدولية للتعامل مع أية حالات نزوح من السودان، كما شكلت فرقاً لــ"تسجيل أعداد النازحين، والتعامل معهم بطريقة تتماشى مع العادات الليبية والمواثيق الدولية".
وأكدت البلدية أنها خاطبت حكومتي البلاد، حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس والحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، فضلاً عن المنظمات الدولية بهذا الشأن، وأن لديها استعدادا للتعاون مع أية جهة راغبة في التعاون والمساعدة، مشيرة إلى أنها تلقت وعوداً من منظمة الهجرة الدولية، ومنظمة "يونيسف"، والإغاثة الدولية، والصليب الأحمر بالتعاون.
جاء بيان بلدية الكُفرة تعليقاً على إعلان المنظمة الدولية للهجرة أرقاماً بشأن النازحين من السودان منذ اندلاع الحرب، وكان من بينهم 700 سوداني وصلوا إلى مدينة الكفرة في الفترة من 15 أبريل/نيسان إلى 3 مايو/أيار الجاري. ولفتت المنظمة إلى وجود أعداد كبيرة من المهاجرين السودانيين في ليبيا منذ سنوات، وأنهم يشكلون نحو 19 في المائة من إجمالي المهاجرين السريين في البلاد.
ورغم نفي وصول نازحين من السودان إلى ليبيا، إلا أن الناشط الحقوقي، رمزي المقرحي، يؤكد أن "إمكانية وصول نازحين إلى المناطق القريبة من الحدود لا تزال قائمة". ويوضح لـ"العربي الجديد": "يمكن نفي وصول أعداد ضئيلة عادة، لكن نفي وصول هذا العدد الكبير يجعل الأمر تحيطه الشكوك، خصوصاً وأن منظمة الهجرة الدولية حددت الرقم والوجهة، وهي الأكثر دراية بمثل هذا الملف".
وتوقع المقرحي أن تكون مليشيات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، المسيطرة على المنطقة قد استقبلت السودانيين الواصلين، ونقلتهم إلى ضواحي المدينة، فمثل هذا العدد يمكن ملاحظته من قبل أهالي المدينة، وإذا ثبت ذلك فلن توفر مليشيات حفتر ظروفاً مناسبة لهم، بل مراكز إيواء غير رسمية، خصوصاً وأن (مليشيا سبل السلام) التابعة لحفتر سبق أن أكدت تقارير خبراء الأمم المتحدة تورطها في الاتجار بالمهاجرين القادمين من السودان عبر الحدود".
يضيف المقرحي: "الكُفرة محاطة بعدد من الواحات والقرى المتاخمة لها، كالسارة، والتاج وغيرها، بالإضافة إلى مناطق مثل (تازربو) التي تعد من أكبر مناطق تجميع المهاجرين، وأتوقع صدور تقارير جديدة من منظمة الهجرة تكشف عن مصير النازحين السودانيين الذين أكدت أنهم وصلوا إلى الكفرة".
وينقل الليبي فوزي الحطماني، من سبها (جنوب)، عن أصدقائه في الكفرة، أن المدينة تعيش مخاوف كبيرة من وصول موجات كبيرة من النازحين من السودان، وتشهد نتيجة هذا التوتر تذبذباً في كميات الوقود، وارتفاعاً ملحوظاً لأسعار المواد الغذائية.
وأكد الحطماني لـ"العربي الجديد": "عدد من أصدقائي في الكفرة يفكرون في مغادرتها إلى مناطق أخرى، فبلديات الجنوب لا تمتلك الإمكانيات اللازمة لضبط تدفق النازحين، وهناك إمكانية لاستثمار تجار البشر الفرصة بنقلهم إلى نقاط تهريب البشر على السواحل. لن تتأثر الكفرة وحدها، بل كل مناطق الجنوب التي يعيش أهلها بالفعل حالة قلق واضحة من تدفق النازحين السودانيين في ظل الوضع الأمني الهش للمنطقة".
وفي وقت سابق، أعلنت الحكومة في طرابلس استعدادها للعب دور الوسيط بين طرفي الصراع في السودان، بعد أن أجلت أعداد من الليبيين المقيمين هناك.
وأعلن المكتب الإعلامي لخليفة حفتر، الجمعة، أنه ناقش مع مسؤولين في الحكومة الإيطالية خلال زيارة إلى روما "آليات توطيد التعاون في المجالات الأمنية ومكافحة الهجرة غير الشرعية"، بالإضافة إلى "تشكيل لجان مُشتركة لمراقبة وتأمين الحدود الليبية الجنوبية".
وتزامنت زيارة حفتر إلى روما مع تصاعد المخاوف بشأن تداعيات الصراع في السودان على الأراضي الليبية، وتكرر العديد من وسائل الإعلام الدولية أنباء حول دعم حفتر العسكري لقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وأن هناك تحالفا قديما بينهما، وأن حميدتي يحتفظ بمئات من المسلحين "الجنجويد" في جنوب شرقي ليبيا.