تراجع ظاهرة "الدكة العشائرية" في مدن جنوبي العراق

12 فبراير 2024
وتطورت أسباب الدكة العشائرية أخيراً لتشمل أموراً تافهة (أرشيف/أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تواصل السلطات الأمنية والقضائية العراقية ملاحقة مرتبكي ما يُعرف بـ"الدكة العشائرية" المعروفة في مناطق وسط وجنوب العراق، وهي القتال المسلح بين عشيرتين أو أكثر، والذي عادة ما يخلف خسائر بشرية ومادية وتعطيل الحياة اليومية، خصوصاً وأن بعض العشائر تمتلك أنواعاً عديدة من الأسلحة المتوسطة، بالإضافة إلى تسجيل استخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة في الفترة الأخيرة.

وكشف المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد مقداد الموسوي، أن "الإجراءات العديدة التي اتخذتها الوزارة أدت إلى الانعدام التام للدكة العشائرية في المناطق الغربية والوسطى، وانخفاضها بشكل كبير في المناطق الجنوبية".

ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، عن الموسوي، مساء أمس الأحد، قوله إنّ "الوزارة أصدرت أحكاماً عديدة آخرها الحكم على 5 أشخاص بالسجن المؤبد في محافظة ذي قار وفق أحكام المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب، فضلاً عن مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة"، منوهاً بأن "برنامج تسجيل الأسلحة وحصر السلاح بيد الدولة خفّض من الدكة العشائرية".

وتابع أنّ "وزارة الداخلية اتخذت إجراءات بشأن الرمي العشوائي، حيث ألقت القبض على الكثير من المتسببين بهذه الظاهرة، وإحالتهم إلى القضاء والبعض منهم صدرت بحقهم أحكام والبعض الآخر رهن التحقيق".

وسبق أن أصدرت محكمة محافظة واسط، جنوبي البلاد، حكماً بالإعدام شنقاً بحق رجل أقدم على قتل ضابط بسبب نزاع عشائري، عقب ذلك، أكدت وزارة الداخلية العراقية أن عقوبة مثيري النزاعات العشائرية وبالأخص "الدكة العشائرية" تصل من المؤبد إلى الإعدام.

وبالرغم من ذلك، فقد أصيبت طالبة في كلية الهندسة بمحافظة البصرة، السبت، برصاصة طائشة من جراء نزاع عشائري في منطقة الكرمة، وجرى نقلها إلى المستشفى، بحسب مصادر محلية. وقبل أسبوعين اندلع نزاع عشائري استمر لـ48 ساعة في محافظة ذي قار بسبب خلاف على قطعة أرض، أصيب بسببه نحو 16 شخصاً من الطرفين.

"الدكة العشائرية" إحدى جرائم الترويع

و"الدكة العشائرية" هي أن يقوم أفراد القبيلة بالهجوم على منزل أو مقر سكن الخصم من العشيرة الأخرى، مطلقين النار ومرددين هتافات تهدد بالوعيد والقتل، وتُعطى مهلة 3 أيام للخصم، حتى يأتي ويحتكم لديهم ويذعن لشروطهم. أو أن يهجموا ويقتلوا في قضايا الأخذ بالثأر أو الشجارات والمنازعات المالية والاجتماعية المختلفة.

وتطورت أسباب "الدكة العشائرية" أخيراً لتشمل أموراً يعتبرها المجتمع تافهة، كالتعليق أو الإعجاب عبر "فيسبوك" على موضوع تعتبره هذه العشيرة أو تلك مسيئاً لها، وطاول بعضها أخيراً إعلاميين ومقدمي برامج حوارية في بغداد، وكذلك مواطنين تهجموا على مسؤولين في الحكومة اعتبرت عشائرهم أنها إهانة لهم.

وقبل أكثر من عامين، أصدر العراق قانوناً يعتبر "الدكة العشائرية" إحدى جرائم الترويع، ويقر التعامل معها عبر قانون مكافحة الإرهاب للحد من انتشارها في المجتمع، إلا أن ذلك لم يُنه هذه الظاهرة.

من جهته، يقول الناشط المدني من محافظة البصرة منتظر الشمري، إن "الجهود الأمنية والقضائية جيدة وقد أسهمت بتراجع ظاهرة الدكة العشائرية، لكن هناك نوع جديد من النزاعات العشائرية وهو النزاع الخفي أو المستتر، حيث تقدم بعض العشائر على القتال من خلال عمليات الاغتيال لأخذ الثأر أو لأسباب أخرى".

وأكمل الشمري، أن "النزاعات العشائرية سمة من الصعب التعامل معها بطريقة الاستئصال لأنها راسخة في مفاهيم وأعراف عشائرية قديمة"، مشدداً في حديثه مع "العربي الجديد"، على أنّ "حصر السلاح بيد الدولة سيقلل بشكلٍ كبير هذه النزاعات، لأن بقاء الأسلحة لدى العشائر يعني استمرار النزاعات المسلحة".

وتشهد محافظات عراقية مختلفة، وتحديداً الجنوبية، نزاعات قبلية وعشائرية تأخذ طابع الحرب المسلحة، وتتسبب بالعادة في سقوط قتلى وجرحى وإيقاع خسائر مادية بالممتلكات، وسط محاولات متواصلة من قبل وزارتي الداخلية والدفاع من أجل فضها بطرق مختلفة، منها إقامة جلسات الصلح التي في الغالب لا تثمر إلا عن تهدئة مؤقتة.

المساهمون