قانون مكافحة استغلال الأطفال جنسياً في أوروبا يثير حفيظة المدافعين عن الخصوصية

13 يونيو 2024
صورة تعبيرية تظهر طفلاً يحمل دمية محشوّة على شكل دب، مايو 2017 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في مايو 2022، قدمت المفوضية الأوروبية اقتراحًا لمكافحة انتشار الصور والفيديوهات التي تتضمن استغلال الأطفال جنسيًا، مما أثار مخاوف حول الخصوصية وسرية المراسلات.
- تم تعديل الاقتراح في نوفمبر 2023 ليشمل فقط المستخدمين المشتبه فيهم واستثناء المراسلة المشفرة من الرصد الإلزامي، لكن لم يتم بعد تمرير النص التوافقي المقترح.
- الإحصائيات تظهر زيادة في رصد صور وفيديوهات استغلال الأطفال جنسيًا، مما يؤكد على الحاجة الماسة لتدابير فعالة لحماية الأطفال من هذه الانتهاكات.

يعرقل عدد من دول الاتحاد الأوروبي اقتراح قانون يرمي إلى مكافحة نشر الصور وتسجيلات الفيديو التي تنطوي على استغلال الأطفال جنسياً وذلك خشية استخدامه وسيلة لإجراء مراقبة شاملة على الاتصالات الخاصة. ويتناول وزراء الداخلية الأوروبيون هذا النصّ المثير للجدال في خلال اجتماعهم في لوكسمبورغ، اليوم الخميس، غير أنّ من غير المرتقب اتّخاذ أيّ قرار في هذه المرحلة.

واقتراح هذا القانون الذي قدّمته المفوضية الأوروبية في مايو/ أيار 2022 يرمي إلى مكافحة انتشار الصور وتسجيلات الفيديو التي تتضمّن مواد تنطوي على استغلال الأطفال جنسياً واستدراجهم من قبل متحرّشين بالأطفال. ويجبر القانون المقترح المنصّات وخدمات المراسلة عبر الإنترنت على رصد محتويات مماثلة والإبلاغ عنها.

لكنّ السلطات الأوروبية المسؤولة عن حماية البيانات وكذلك أعضاءً في البرلمان الأوروبي وعدداً من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من بينها ألمانيا، ترى أنّ النصّ يمسّ بصورة "غير متناسبة" احترام الحياة الخاصة، وتعبّر هذه الجهات عن قلق بشأن إنهاء سريّة المراسلات، خصوصاً أنّ خدمات الرسائل المشفّرة (من بينها سغنل وتلغرام وواتساب) سوف تخضع كذلك للقانون المقترح. وتشير تحفّظات هذه الجهات إلى احتمال تسجيل أخطاء مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي لرصد المحتوى الذي ينطوي على استغلال جنسي للأطفال.

وفي الوقت الراهن، ترصد المنصّات المحتوى الذي ينطوي على استغلال الأطفال جنسياً بصورة طوعية، وهو أمر غير كافٍ نظراً إلى حجم المشكلة، بحسب الاتحاد الأوروبي. ويستمر النظام المعمول به في هذا الإطار حالياً حتى إبريل/ نيسان من عام 2026، في انتظار إقرار القانون الجديد الذي من شأنه أن يجعل رصد هذا المحتوى خطوة ملزمة للجميع.

ويُجبر اقتراح القانون مقدّمي خدمات التواصل على اتخاذ تدابير وقائية لتجنّب نشر صور أو تسجيلات فيديو تتعلّق بأطفال وتكون ذات طبيعة جنسية. وعندما يكون الخطر كبيراً إزاء استخدام خدمة ما بطريقة مسيئة، يمكن لأيّ سلطة قضائية أو إدارية مستقلة إصدار أمر لرصدها. ووفقاً لاقتراح القانون، فإنّ المزوّد سوف يكون ملزَماً بتحليل محتوى التواصل عبر هذه الخدمة تلقائياً.

في الإطار نفسه، ينصّ اقتراح القانون على أنّه بمجرّد رصد المحتوى غير القانوني، ينبغي الإبلاغ عنه إلى المركز الأوروبي الجديد للوقاية من الاعتداء الجنسي على الأطفال ومكافحته، الذي يُجري بدوره عملية تحقّق ويرسل المحتوى المعني إلى أجهزة الشرطة المختصّة ووكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال إنفاذ القانون (يوروبول).

ضحايا استغلال الأطفال جنسياً بالآلاف

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، عدّل البرلمان الأوروبي اقتراح المفوضية لحصر نطاق هذه التوجيهات بمراقبة المستخدمين المشتبه في قيامهم بأفعال مماثلة، واستثناء منصّات المراسلات المشفّرة من طرف إلى آخر من إلزامية الرصد.

وينبغي على الدول الأعضاء حالياً اتّخاذ قرارها بشأن اقتراح القانون. وقد اقترحت بلجيكا، التي تتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي حتى نهاية يونيو/ حزيران الجاري، نصاً توافقياً لكنّه لم يحصل حتى الآن على الأغلبية اللازمة. ويتضمّن هذا النصّ المقترح تدابير لمحاولة معالجة المخاوف التي جرى التعبير عنها، من أبرزها إمكانية فحص المحتوى عند تنزيله قبل مشاركته عبر خدمة للرسائل المشفّرة.

ومن الممكن أن يقلب الموقف الفرنسي الذي لم يُعلَن عنه بعد، الموازين، بحسب مصادر دبلوماسية. يُذكر أنّ في بداية يونيو الجاري، دعت جمعيات كثيرة تُعنى بحماية الطفل، من بينها "إكبات فرانس" و"بي برايف" و"لا فونداسيون بور لانفانس" و"كاميليون" و"بوان دو كونتاكت" و"إيليين ريبيرث" و"لي زامي دو رومي" باريس إلى دعم القانون.

وكان تقرير نشرته المفوضية الأوروبية في ديسمبر/ كانون الأول 2023 قد أشار إلى أنّ شركة "ميتا" رصدت في عام 2022، على "مسنجر" و"انستغرام"، أكثر من 6.6 ملايين صورة أو تسجيل فيديو ينطوي على استغلال الأطفال جنسياً يُعنى بها مستخدم في الاتحاد الأوروبي، وحظر موقع إكس 2.3 مليون حساب تعود إلى مستخدمين مرتبطين بجرائم استغلال الأطفال جنسياً. وتشير المفوضية إلى أنّ عمليات الرصد عبر الإنترنت تساعد في التعرّف على آلاف الأطفال الذين وقعوا ضحايا مثل هذه الانتهاكات في الاتحاد الأوروبي، وفي إدانة مرتكبي تصرّفات مماثلة.

في السياق نفسه، تفيد بيانات المركز الأميركي للأطفال المفقودين والمستغلين (NCMEC) بأنّه جرى الإبلاغ عن أكثر من مئة مليون صورة وتسجيل فيديو تتعلّق باستغلال الأطفال جنسياً في عام 2023 الماضي، الأمر الذي يمثّل زيادة قدرها 20 في المائة تقريباً مقارنة بأرقام عام 2022.

(فرانس برس)

المساهمون