تحذير أممي من انتشار المجاعة في اليمن

11 نوفمبر 2020
شبح المجاعة يطارد اليمنيين (Getty)
+ الخط -

دقت الأمم المتحدة، مجدداً، ناقوس الخطر حول احتمال انتشار المجاعة في اليمن، داعية  أطراف النزاع إلى وقف اقتتالها والسماح بالوصول إلى جميع المحتاجين، كما دعت الدول المانحة إلى تقديم الأموال اللازمة. جاء ذلك خلال إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك حول آخر التطورات في الملف اليمني قدم فيها عدد من المسؤولين في الأمم المتحدة إحاطاتهم حول الوضع الإنساني والسياسي في اليمن.

وفي مستهل الجلسة، دعا مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن، مارتن غريفيث، أطراف النزاع للتمسك بالتزاماتها القانونية للحفاظ على أرواح اليمنيين، معبراً في الوقت ذاته عن قلقه لاستمرار القتال وإن خفت وتيرته خلال الأسابيع الأخيرة.

وعبّر عن قلقه إزاء تصاعد القتال من حين لآخر بين الطرفين في كل من مأرب وتعز، وأكد كذلك أن عمليات إطلاق النار والقصف أدّت إلى تدمير المنازل والمدارس والمستشفيات ودور العبادة في مناطق مختلفة من اليمن. ولفت إلى أن عددا من جبهات القتال شهدت هدوء نسبيا مقارنة بآخر إحاطة له قبل أسابيع، لكنه أوضح في الوقت ذاته أن هناك إشاعات بأن القتال قد يحتدم مجددا على بعض الجبهات.

ولم يخف المتحدث قلقه أيضاً من  استمرار التفاوض حول ناقلة النفط صافر منذ أشهر دون أي نتيجة. وتتفاوض الأمم المتحدة مع الحوثيين حول وصول بعثة خبراء الأمم المتحدة إلى الناقلة من أجل تقييم حالتها وإجراء أعمال صيانة أولية، ومن ثم تقديم توصيات حول الخطوات الضرورية التي يجب اتخاذها لتجنب أي تسرب للنفط منها وبالتالي حدوث كارثة بيئية ذات تبعات إنسانية وخيمة. وأضاف "على الرغم من المحادثات البناءة إلا أن الأمم المتحدة لم تتمكن حتى الآن من الحصول على الموافقات المطلوبة من الحوثيين كي تتحرك البعثة للوصول إلى الناقلة". وشدد على ضرورة أن يعطي أنصار الله الضوء الأخضر لفريق الأمم المتحدة للوصول إليها.

بعض المناطق في اليمن تشهد سوء تغذية أسوأ من أي وقت مضى

وفي الوقت الذي كان فيه مارتن غريفيث يرسم صورة قاتمة حول الملف السياسي،كان زملاؤه في الأمم المتحدة أكثر وضوحاً بأن الوضع الإنساني كارثي وأن الملايين يواجهون مجدداً شبح المجاعة. وقال مارك لوكوك، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية الإغاثة في حالات الطوارئ، "إن المهمة الأكثر إلحاحاً في اليمن اليوم هي منع انتشار المجاعة".

 وأكد أن بعض المناطق في اليمن تشهد سوء تغذية أسوأ من أي وقت مضى، وفي أخرى فإن واحداً من كل أربعة أطفال يمنيين يعاني من سوء التغذية الحاد.

وتحدّث عن التدهور الذي يمر به الجسد جراء المجاعة وسوء التغذية الحاد وقال "إنه موت رهيب ومؤلم ومهين - وهو قاسٍ بشكل خاص في عالم، مثل عالمنا، حيث يوجد في الواقع أكثر مما يكفي من الطعام للجميع". ووجه انتقاداً شديد اللهجة للمجتمع الدولي وأطراف النزاع قائلاً "إن العالم ترك مصير شبح المجاعة معلقاً فوف رؤوس الملايين من اليمنيين من الرجال والنساء وخاصة الأطفال. اليمنيون لا يجوعون ولكن يتم تجويعهم".

العالم ترك مصير شبح المجاعة معلقا فوف رؤوس الملايين من اليمنيين، لا يجوعون ولكن يتم تجويعهم"

وأشار إلى تمكن الأمم المتحدة قبل سنتين للحيلولة دون انتشار المجاعة في اليمن لتجد الأمم المتحدة نفسها مجدداً أمامه الآن. ثم أحاط المجلس حول خمسة مجالات في الملف اليمني، حماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وتمويل عمليات المساعدة الإنسانية، والاقتصاد، التقدم نحو تحقيق السلام. وفيما يخص حماية المدنيين قال إن القتال في اليمن مستمر على ثمانٍ وأربعين جبهة وأسوأ الاشتباكات في مأرب وتعز والجوف وضالع. وأردف أن فرص التصعيد في مأرب وتجدد الاشتباكات في الحديدة مقلقة للغاية. ولفت إلى أن المناطق الأكثر تأثراً بالنزاعات هي الأكثر عرضة للمجاعة. وأكد مجدداً ضرورة وقف إطلاق النار. وعبر عن قلقه بسبب تسجيل اعتداءات على العاملين في المجال الإنساني من بينها اعتداء في عدن أطلق فيه النار على أحد العاملين في الهلال الأحمر التركي، وفي حادث آخر رميت قنبلة على مركز مساعدات إنسانية في عدن كذلك.

وتحدث عن التأخير والقيود الإدارية التي تواجهها الوكالات الإنسانية في جنوب اليمن، ثم قال إن العوائق في الشمال أسوأ بكثير على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرز بما فيها الموافقة على مشروع التسجيل البيومتري، عن طريق البصمات، للحاصلين على المساعدات لضمان وصولها للأشخاص المحتاجين.

وأكد لوكوك أن صندوق الإغاثة الإنسانية لليمن التابع للأمم المتحدة لم يحصل حتى الآن إلا على قرابة 1.5 مليار دولار، أي حوالي 45 بالمائة فقط من المطلوب لهذا العام. وذكر أن الأمم المتحدة تمكنت في الفترة نفسها للعام الماضي من الحصول على ضعف المبلغ. وقال إن لذلك عواقب وخيمة على عدة أصعدة بما فيها المساعدة الغذائية الطارئة. لكن إضافة إلى ذلك فإن عدم تقديم التبرعات المالية الكافية من قبل الدول المانحة يهدد كذلك بخسارة قرابة تسعة ملايين يمني للخدمات الصحية الأساسية، كما يهدد بوقف علاج قرابة نصف مليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية الحاد.

وأكد أن تدهور الأوضاع الاقتصادية يزيد من خطر المجاعة. وشرح في هذا السياق أن الريال اليمني يخسر قيمته بشكل مستمر حيث وصلت قيمته في الجنوب إلى 840 ريال مقابل الدولار وهو أسوأ سعر صرف في تاريخ اليمن. وفيما يخص واردات النفط الأساسية عبر الحديدة قال لوكوك إنها "أقل بكثير من المطلوب بسبب النزاع السياسي بين الحكومة اليمنية وأنصار الله على إدارة العائدات". ثم لفت الانتباه إلى أن هناك عددا من التدابير التي يمكن اتخاذها بشكل فوري ويمكنها تحسين الوضع من بينها وقف إطلاق النار، واستئناف دفع الرواتب، وفتح مطار صنعاء.  

من جهته، قال ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، "إننا نقبل على كارثة حقيقية في اليمن"، محذراً من أن حجم المأساة في اليمن كبير وإذا غض العالم النظر سيبتلع شبح المجاعة الشعب اليمني خلال أشهر.

المساهمون