حذّر المجلس الوطني لهيئة الصيادلة في تونس من تنامي التداول العشوائي للأدوية، فالأمر يمثّل خطراً على الصحة العامة، بالتزامن مع تواصل النقص المسجّل في الأدوية من خلال المسالك النظامية.
وقد أصدر المجلس، أمس الأربعاء، بلاغاً حذّر فيه من تداول أصناف من الأدوية تُباع خارج الصيدليات، في حين تتحوّل وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصات لتبادل "مواد كيميائية" يحصل عليها المرضى من دون وصفات طبية ومن دون مراعاة لشروط حفظها.
وأكّد المجلس أنّه سجّل "تنامي ظاهرة ترويج الأدوية عبر صفحات التواصل الاجتماعي"، محذّراً من "مخاطر" قد تنجم عن شراء الأدوية من "المخازن والمسالك العشوائية". ودعا السلطات الرسمية إلى "التصدّي لهذه الظاهرة".
ويصف عضو المجلس الوطني لهيئة الصيادلة بتونس وليد بوبكر ما يحصل من أساليب جديدة لتداول الأدوية بـ"الأمر الخطير"، مشدّداً بحديثه لـ"العربي الجديد" على أنّ "لجوء مواطنين إلى مخازن عشوائية للتزوّد بالأدوية، بما في ذلك تلك الخاصة بالأمراض السرطانية، يهدّد صحتهم العامة".
يضيف بوبكر أنّ "ظواهر غريبة في تداول الدواء تُسجَّل (أخيراً) وتهدّد القطاع الذي تحكمه قوانين صارمة ترعى بيع الدواء في مختلف مراحل التوزيع"، مشيراً إلى أنّ "مواطنين يفتحون المحال العشوائية لتوفير الأدوية لمن يحتاجها من دون وصفات طبية، وكذلك من دون مراعاة لأدنى شروط حفظها".
وفي هذا الإطار، يوضح بوبكر أنّ "قوانين البلاد تقيّد شروط صرف الدواء أو تقديمه مجاناً على شكل هبات، عبر جمعيات مرخّص لها من قبل وزارة الصحة".
ويلفت بوبكر إلى أنّ "الأدوية الخاصة بالأمراض السرطانية التي يشتريها المرضى عبر المسالك العشوائية هي أدوية تُصرَف مجاناً من قبل المستشفيات وصندوق التأمين على المرض، مع العلم أنّها تستلزم شروط تبريد خاصة لا توفّرها إلا المؤسسات القانونية التي تتولى صرف هذه الأصناف من الدواء".
ولا ينكر بوبكر "تأثير نقص الدواء في السوق التونسية على تزايد المسالك العشوائية التي يلجأ إليها المواطنون بحثاً عن أصناف مفقودة"، مؤكداً أنّ "كلّ نقص في الدواء بالمسالك الرسمية يتسبّب في مزيد من الأسواق العشوائية". ويتابع أنّ "نقص الدواء مستمر مع تسجيل استقرار نسبي في هذا المجال، إذ لم يُسجَّل فقدان أنواع جديدة".
ويبيّن المتحدث ذاته أنّ "النقص الحاصل هو أساساً في الأدوية المستوردة من مختبرات أجنبية، وبدرجة أقلّ تلك المصنّعة محلياً"، شارحاً أنّ الأمر يتعلّق بـ"أكثر من 300 دواء".
وفي تونس، يقيّد قانون يعود إلى عام 1973 شروط تداول الدواء وقبول الهبات وتوزيعها مجاناً. ويفرض هذا القانون توزيع الأدوية التي جُمعت مجاناً وتحت مسؤولية صيدلي لفائدة المعوزين ومحدودي الدخل والفئات ذات الاحتياجات الخاصة عن طريق الكوادر الصحية العمومية أو الجمعيات المرخّص لها.
ويمكن لجمعيات قائمة قانونياً قبول هبات الأدوية الواردة من الجمعيات والمنظمات الخيرية والمؤسسات المحلية والأجنبية ومن العموم وذلك تحت مسؤولية صيدلي.
تجدر الإشارة إلى أنّ أزمة فقدان الأدوية في تونس تعود إلى أكثر من عام، غير أنّها شهدت تفاقماً في الآونة الأخيرة مع توسّع النقص ليشمل أدوية منقذة للحياة، واكتفاء صيدليات المستشفيات بصرف أصناف قليلة بكميات محدّدة.
وتُسجَّل في قطاع الأدوية بتونس أزمة مركّبة ناجمة عن الصعوبات المالية التي تعاني منها البلاد والتي تسبّبت في عجز الصيدلية المركزية، المستورد الحصري للدواء، عن سداد ديونها للمصنّعين والبالغة 225 مليون دولار أميركي.
وفي سياق متصل، خسرت السوق التونسية ثلاث شركات أجنبية متخصّصة في صناعة الأدوية وتسويقها، فهي خرجت من البلاد بسبب ما وصفته بتعقيدات وطول الإجراءات الإدارية المعتمدة للحصول على تراخيص تسويق الأدوية الجديدة.