تجارة رخص القيادة في روسيا

13 يناير 2021
قبل أيام في موسكو (غافريل غريغوروف/ Getty)
+ الخط -

منذ سنوات، تُواصل السلطات الروسية سلسلة من الإصلاحات تهدف إلى الارتقاء بمستوى مهارات السائقين المستقبليين بعد حصولهم على رخصة القيادة. ومن بين الخطوات التي تَقرّر اتخاذها والتي ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من إبريل/ نيسان المقبل، توحيد امتحاني قيادة السيارات الخاصين بالنشاطات الرياضية والعامة، عند استخراج الرخصة، ما سيتيح التركيز على اختبار مهارات السائق "تحت الضغط" وسط حركة المرور الكثيفة للمدن.
إلا أن الإصلاحات المستمرة تصطدم بمنظومة الفساد المستشرية في شرطة المرور الروسية ومراكز اختبارات القيادة وتوسط مدارس القيادة ومدربي القيادة لإيصال رشاوى إلى أعضاء لجان الإمتحانات، بحسب رئيس تحرير مجلة "دفيجوك" الإلكترونية المتخصصة في المرور والسيارات إيليا أوغورودنيكوف. ويقول لـ "العربي الجديد": "هناك إصلاحات مستمرة، وفكرة توحيد الإمتحانين ليست جديدة، لكن تم تأجيل تطبيقها إلى العام الجديد بسبب جائحة كورونا. صحيح أن هذه الإصلاحات قد تحسن الوضع بعض الشيء، لكن ما يتم اقتراحه هو علاج للأعراض فقط من دون أي تحسين أو تطوير". 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

ويلخص أبرز مشاكل منظومة استخراج رخص القيادة في روسيا في تفشي الفساد، قائلاً: "ليس سراً أنه في أحيان كثيرة، يتم شراء رخص القيادة عبر وساطة مدارس القيادة، ووصل الأمر ببعضها إلى تقديم بطاقات VIP (الأشخاص المهمين) بضعف الثمن بشكل رسمي للمتدربين مع ضمان النجاح في امتحان شرطة المرور. وتُلمّح المدارس أو تخبر تلاميذها صراحة بأنه يمكن الحصول على رخصة القيادة بسهولة في مقابل مبلغ محدد". 
ويشير إلى مشكلة أخرى متعلقة بـ "تدني مستوى التدريب في المدارس التي لا تستهدف سوى تحقيق الأرباح، ويجري تدريب الملتحقين بها على حفظ إجابات أسئلة الامتحان النظري واجتياز الاختبار العملي، من دون تحمل أي مسؤولية عن حوادث بسبب قيادة خريجين جدد". 
وحول رؤيته لتحسين الوضع مع مستوى السائقين، يتابع: "يجب وضع آلية لمساءلة مدارس القيادة والمدربين وأعضاء لجان الامتحانات في حال تسبب من دربوه ومنحوه رخصة القيادة في حادث مروري مميت خلال العام الأول على التخرج. أما أي إصلاحات أخرى، فهي بمثابة علاج للجروح". 
مع ذلك، يلفت أوغورودنيكوف إلى أن الفساد هو مشكلة ذات جانبين، أحدهما ضباط شرطة مرور يتقاضون رشاوى، وثانيهما السائقون الشباب الذين يريدون استخراج الرخصة من دون تعلم أي شيء.  
في هذا الإطار، يؤكد عدد من الشباب في موسكو تحدثت إليهم "العربي الجديد"، وفضلوا عدم الكشف عن أسمائهم، أنهم تلقوا عروضاً من مدربيهم لتسوية الأمر مع شرطة المرور في مقابل ما بين 30 و35 ألف روبل (نحو 400 - 500 دولار أميركي)، والحصول على رخصة القيادة من دون أي متاعب. وشملت هذه العروض حجز موعد الاختبار من دون انتظار واختيار أسهل مسار أثناء اختبار المدينة وضمان النجاح فيه. 
واصطدم شاب رفض دفع أي مبالغ مالية لاستخراج الرخصة بمماطلة مدرسة القيادة في حجز مواعيد الاختبارات له إلى أن انتهت صلاحية الشهادة الطبية والاختبار النظري ومدتها ستة أشهر فقط، ما اضطره لبدء مشواره من جديد. وعلى الرغم من دفعه رسوماً إضافية لتجديد الشهادة الطبية وامتحانات الإعادة ودروس قيادة تكميلية، إلا أن الشاب لم يندم على إصراره. ويقول: "صحيح أنني أنفقت في المجمل ما يقارب مبلغ الرشوة، لكنني أفتخر بأنني لم أستسلم وطورت مهاراتي كثيراً أثناء الاختبارات والدروس المتكررة".  
وفي ظل تفشي الفساد لدى شرطة المرور الروسية، ما زالت حركة السير في روسيا غير آمنة، إذ إن ما بين 17 و20 ألف شخص يقضون بحوادث السير سنوياً من دون أي تراجع يذكر في النسبة، وسط توقعات بأن يكون الرقم النهائي عن عام 2020 أقل من السنوات السابقة نتيجة لبضعة أشهر من الإغلاق الكلي بسبب جائحة كورونا، وتعطل حركة المرور بين المدن وبقاء السكان بمنازلهم.  

قضايا وناس
التحديثات الحية

وبحسب تقرير نشرته مجلة "زا روليوم" الروسية المتخصصة في شؤون القيادة والسيارات في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فإن روسيا تأتي في المرتبة الرابعة عالمياً لناحية إجمالي عدد الوفيات في حوادث السير سنوياً، بعد كل من الهند (نحو 150 ألف وفاة) والصين (نحو 60 ألفاً) والولايات المتحدة (نحو 40 ألفاً). 

حوادث سير أقل
شهدت روسيا تراجعاً لافتاً في معدّل الوفيات في حوادث الطرقات، بعد اعتماد نظام التعليم والعمل عن بعد، وتراجع حركة السفر بين المدن والأقاليم. وتكشف شركة "أفتودور" الحكومية الروسية، المعنية بإدارة الطرقات السريعة، أن الحوادث تراجعت خلال الأشهر التسعة الأولى من 2020 بنسبة 20 في المائة.

المساهمون