تأمين مواد التدفئة لمواجهة الصقيع مهمة شاقة لسكّان المخيمات شمال سورية

12 يناير 2023
يعتمد النازحون للتدفئة بالدرجة الأولى على "البيرين" (عارف وتد/فرانس برس)
+ الخط -

يعاني سكّان المخيمات في مناطق شمال وشمال غرب سورية من موجة الصقيع التي تضرب المنطقة مع تدني درجات الحرارة لما دون الصفر المئوية خلال ساعات الليل، ومع هذه الظروف يعاني القسم الأكثر من النازحين في هذه المخيمات من أزمة توفير مواد التدفئة.

ويعتمد النازحون للتدفئة بالدرجة الأولى على "البيرين"، الذي يصنع من مخلفات الزيتون بعد استخراج الزيت منه في المعاصر، بالإضافة للحطب، كون هذه المواد كلفتها أقل من غيرها، بينما يستخدم البعض النفايات البلاستيكية والملابس البالية وما يمكن حرقة رغم المخاطر التي تنجم عنه.

لا تكفي أجرة العامل اليومية لتوفير مواد التدفئة والغذاء والخبز بالنسبة للنازحين

ولا تكفي أجرة العامل اليومية لتوفير مواد التدفئة والغذاء والخبز بالنسبة للنازحين، وهذا ما يدفعهم لتقليل استخدام مواد التدفئة إذا توفرت لأدنى حدّ ممكن، وفقاً لما أشار إليه النازح إبراهيم الدرويش، قائلا لـ"العربي الجديد": "تأمين مواد التدفئة ليس بالأمر السهل، أجري كعامل يومي بأفضل الأحوال 50 ليرة تركية (2.7 دولار). ونحتاج في الوقت الحالي إلى 20 ليرة (1.07 دولار) ثمنا لمواد تدفئة في اليوم. لم نتلق أي مساعدة تدفئة منذ 4 سنوات حيث نقيم في مخيم لمسة رحمة بمنطقة دير حسان".

وأضاف "عدد قليل من النازحين يحصلون على التدفئة، والسبب أن الجهات المختصة إن كان منظمات أو جمعيات خيرية هي التي تختار مخيمات دون غيرها"، موضحاً أن المواد المستخدمة للتدفئة هي البيرين أو الحطب، وقال "نحن حالياً في المربعانية، وهي الفترة الأشد برودة في فصل الشتاء، كلفة التدفئة عالية جدا في الوقت الحالي ناهيك عن تأمين الطعام والشراب، سابقا كنا نشغل المدفأة في الصباح والمساء فقط، أما في الوقت الحالي فنجبر على تشغيلها لوقت أطول كي لا يمرض الأطفال".

بدوره، أوضح مدير مخيم "أهل التح" عبد السلام حاج يوسف لـ"العربي الجديد"، أنه مع حلول فصل الشتاء تزداد معاناة سكان المخيمات، وذلك لحاجتهم إلى مواد التدفئة، وقال: "هذا العام كانت مواد التدفئة غالية جداً، هناك من استخدم الملابس المستعملة وهناك من يخرج إلى الحقول والطرقات لجمع أعواد أو غيرها يمكن استخدامها في التدفئة، وهناك قسم كبير من الأهالي ليس لديهم أي مواد تدفئة، وبعض الأسر تتدفأ على مواد غير صالحة للاحتراق، منها البلاستيك، الأمر الذي تسبب بأمراض للأطفال".

وأضاف "تلقينا مساعدة تدفئة بمبلغ 150 دولارا لكل عائلة، لكن بسبب الفقر الشديد للأهالي تصرفوا بالمبلغ، لا سيما أنهم حصلوا عليه قبل أكثر من شهرين"، مشيرا إلى ضعف استجابة الجهات المانحة هذا العام في دعم مواد التدفئة.

بدورها، تقول أم محمد، وهي مقيمة في مخيمات كفرلوسين، إن رحلتها في البحث عن كل ما يمكن جمعه وحرقه لتدفئة أوصال أولادها المنتظرين في خيمتها، تبدأ كل صباح، مشيرة في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أنها تستعمل المواد البلاستيكية والأقمشة مع بعض الأخشاب لتدفئة خيمتها نتيجة عجزها عن شراء الحطب أو البيرين هذا العام.

في المقابل، أوضح سعيد اليوسف، وهو مقيم في المخيمات، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الكميات التي وزعتها المنظمات للتدفئة لم تكن كافية لتأمين التدفئة في الشتاء، وتفاوتت الكميات التي وزعتها الجمعيات الإنسانية ما بين مئة كيلوغرام وطن من البيرين، لكن حتى الكمية الأكبر لا تكفي العائلة خلال فصل الشتاء، إذ تحتاج العائلة على الأقل إلى طن ونصف من البيرين أو الحطب.

 

من جانبه، قال المهندس محمد حلاج، مدير فريق "منسقو استجابة سورية" لـ"العربي الجديد": "إننا نخشى من تسجيل حالات وفيات بين الأطفال وكبار السن في ظل الانخفاض الكبير في درجات الحرارة، وخاصةً مع تسجيل عدد من الوفيات بين الأطفال خلال العام الماضي نتيجة الحرارة المتدنية".

وتابع "نحذر من نشوب الحرائق في مخيمات النازحين، وخاصةً أن العام الماضي سجل أكثر من 163 حريقاً تسببت بخمس وفيات وبإصابة 42 شخصاً، كما سجل العام الحالي حتى الآن أربع حرائق تسببت بإصابة امرأتين وطفلة".

وحذّر حلاج من زيادة الأمراض التنفسية بين النازحين، وخاصةً بين الأطفال وكبار السن، نتيجة الاعتماد على مواد للتدفئة غير صالحة، مثل المواد البلاستيكية والأقمشة.

يشار إلى أن الفريق ناشد جميع الجهات المانحة والتي تقدم الدعم الإنساني في مناطق شمال غربي سورية للمساهمة بشكل عاجل وفوري لتلبية متطلبات النازحين ضمن تلك المخيمات والتجمعات.

المساهمون