بيتالوما الأميركية تقود إنهاء محطات الوقود

19 اغسطس 2021
عادات ملء البنزين قد تتغير (جستن سوليفان/ Getty)
+ الخط -

لم تتوقع الناشطة البيئية إيميلي بينت أن يتسبب التهديد المناخي في تغيير مكان إقامتها مع عائلتها جنوب مقاطعة نابا بولاية كاليفورنيا التي تتعرض حالياً لدرجات حرارة عالية وقياسية، وحرائق غابات مدمرة. يتعين على بينت إخلاء منزلها بسبب الحرائق والتلوث البيئي، علماً أن صديقتين لها فقدتا منزليهما في مدينة بارادايس بسبب حريق هائل اندلع عام 2018، قبل أن تجعل نيران التهمت محمية طبيعية في نابا الغابات "سوداء بالكامل" العام الماضي، ما شكل أول إنذار حقيقي لحتمية تغيير بينت مكان سكنها.
تبلغ بينت صحيفة "ذي غارديان" قلقها من التغير المناخي، وخشيتها على مصير شقيقتيها البالغتين 12 عاماً و8 أعوام. وتتساءل عن وضعهما في ظل التهديدات المناخية اليومية، وكيفية تكيّفهما مع حتمية الانتقال من مكان إلى آخر.
تعمل بينت مع طلاب ناشطين على كسر حلقة واحدة كبيرة في سلسلة الوقود الأحفوري التي تدفع إلى تغيّر المناخ. ويستهدف مشروعها منع تأسيس محطات وقود جديدة في مدينتها. 
في مارس/ آذار الماضي، باتت مدينة بيتالوما بمقاطعة سونوما أول مدينة في الولايات المتحدة تحظر إنشاء محطات وقود جديدة. وأعقب ذلك موافقة هيئة حماية المناخ الإقليمية في المقاطعة ذاتها في يوليو/ تموز الماضي على استكشاف وسائل خاصة لدعم المدن التسع في المقاطعة التي تنظر في فرض حظر خاص يمنع إنشاء مزيد من محطات الوقود، "ما قد يشكل بداية لتحول زلزالي"، كما تقول "ذي غارديان". 

من خلال نظرة دقيقة إلى ولاية كاليفورنيا، يلاحظ احتضانها أعلى نسبة لبيع السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة الأميركية، علماً أن 11 في المائة من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة في البلاد كانت كهربائية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري. 
وكان حاكم كاليفورنيا، جافين نيوسوم، أمر عام 2020 بأن تكون كل المركبات خالية من الانبعاثات في الولاية بحلول عام 2035، في حين تعهدت شركة "جنرال موتورز" المصنّعة للسيارات بتقديم تشكيلة كاملة من السيارات الكهربائية بحلول عام 2035.
لكن الأرقام تشير إلى أن مبيعات السيارات الكهربائية لم تتخطَ نسبة 2.3 في المائة فقط من إجمالي مبيعات السيارات الأميركية الجديدة عام 2020، مقارنة بـ74.8 في المائة في النرويج التي تضم أكبر عدد من السيارات الكهربائية الموضوعة قيد الخدمة. 
وأحصي تسجيل نحو 276 مليون مركبة في الولايات المتحدة الأميركية عام 2019، بينها عدد قليل من المركبات الكهربائية، علماً أنه يستبعد اتخاذ واشنطن إجراءات صارمة لفرض استخدام السيارات الكهربائية على المدى المتوسط، بسبب أهمية سوق السيارات المستعملة بالنسبة إلى الاقتصاد الأميركي حالياً. 

بداية معركة ضد محطات الوقود (رون آدار/ Getty)
بداية معركة ضد محطات الوقود (رون آدار/ Getty)

عام 1905، أنشئت أول محطة وقود في العالم في مدينة سانت لويس بولاية ميسوري الأميركية. ويعتبر خبراء أن محطات الوقود لم تحدث تغيّراً كبيراً في حياة الأميركيين بمقدار ما فعلته بالمناظر الطبيعية للبلاد التي تضم فعلياً 168,000 محطة وقود.
وفيما تشير دراسات سابقة إلى أن كل غالون بنزين مباع يضيف 9 كيلوغرامات (20 رطلاً) من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، استهلك الأميركيون 142 مليار غالون بنزين عام 2019 وحدها، والتي أنتجت 1.4 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو رقم ضخم يهدد الطبيعة.
يقول برانت آرثر، المسؤول في شركة "سونوما كلين باور" المصنفة بأنها "صديقة للبيئة"، إن "تغيير طريقة تزويد مركباتنا بالوقود يوفر فرصة لإعادة تعريف النقل، علماً أن إتقان الناس عملية شحن سياراتهم باستخدام الطاقة الشمسية يحتاج إلى وقت طويل، لذا ليست الوظيفة العامة لمحطة الوقود المشكلة اليوم، لكن يجب أن نقلب الصفحة، مع عدم تجاهل أن اختفاء محطات الوقود سيخلق مواقع بنية اللون وسامة في أنحاء البلاد، لأن المحطات نفسها تسرّب نحو مائة غالون من البنزين سنوياً إلى المياه الجوفية وتسممها، ما يجعل إعادة استخدام مواقعها مكلفاً وصعباً، وتطرح مشاكل بيئية ذات أبعاد هائلة".

لكن الأهم الآن أن نهاية محطات الوقود بدأت في مدينة بيتالوما التي تبعد 37 ميلاً من شمال سان فرانسيسكو، ويقطنها حوالى 60 ألف شخص يتزودون بوقود من 16 محطة تنتشر على مساحة 14.5 ميلاً مربعاً. وبالنسبة إلى عضو مجلس بيتالوما، دي ليندا فيشر، التي قادت حملة لمنع تأسيس مزيد من محطات الوقود، فهي ترى أن وجود 16 محطة قد يكون كافياً، ولا حاجة إلى المزيد.

قد تبدو هذه المدينة الريفية التي تحتوي على متاجر تحف ومطاعم شعبية مكاناً غريباً لإطلاق الثورة، لكنها تملك تاريخاً طويلاً في النضال للحفاظ على الطبيعة. ففي سبعينيات القرن العشرين أطلقت هيلين بوتنام، أول امرأة تشغل منصب عمدة المدينة، حملة ناجحة ضد التوسع الحضري وخاضت فيها معركة شرسة ضد المطورين الذين رفعوا قضاياهم إلى المحكمة العليا.
وتأمل فيشر في أن يطلق حظر محطات الوقود في بيتالوما نقاشاً وطنياً جدياً حول التغير المناخي، يؤدي في نهاية المطاف إلى تعليق إنشاء محطات وقود جديدة.

المساهمون