بريطانيا: ربع المشردين من العمال في موسم الميلاد

24 ديسمبر 2024
كل عشر دقائق يصبح شخص عامل بلا مأوى في بريطانيا، 12 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه بريطانيا أزمة إنسانية متفاقمة مع اقتراب عيد الميلاد، حيث يهدد خطر التشرد أكثر من 50 ألف عامل، مما يعكس الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة.
- تتفاقم الأزمة بسبب ارتفاع الإيجارات وأسعار الرهن العقاري وتجميد معدلات بدل السكن، مما يؤدي إلى عجز شهري لدى العديد من المستأجرين وتراجع الدخل المتاح للأسر ذات الدخل المنخفض.
- رغم الجهود الحكومية، ترى مؤسسة "جيش الخلاص" أن التدخلات غير كافية وتدعو لرفع مزايا السكن بما يتماشى مع التضخم، بينما يدعو رئيس الوزراء كير ستارمر لتحسين مستويات المعيشة.

مع اقتراب عيد الميلاد تلوح في الأفق أزمة إنسانية تهدد حياة آلاف العمال في بريطانيا. وكشف تقرير حديث أصدرته مؤسسة "جيش الخلاص" الخيرية أن أكثر من 50 ألف عامل يواجهون خطر التشرد خلال عيد الميلاد هذا العام، وقالت إن "الرقم يعكس عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة التي تقوّض الافتراض التقليدي بأن العمل يكفل استقراراً سكنياً وحياة آمنة".
ونقلت المؤسسة عن بيانات حكومية تشمل الفترة بين إبريل/ نيسان 2023 ومارس/ آذار 2024، تسجيل 56,242 عاملاً مشرداً في أنحاء المملكة المتحدة، من بينهم 32,138 يعملون بدوام كامل، و24,104 بدوام جزئي. وتشير المؤسسة إلى أنّ الأعداد الفعلية قد تكون أعلى، لأنّ الإحصاءات تعتمد فقط على بيانات مقدم الطلب الرئيسي في كلّ أسرة، بينما لا يجري تسجيل العديد من المشردين لدى السلطات المحلية.

وتتفاقم المشكلة مع ارتفاع الإيجارات وأسعار الرهن العقاري، وأيضاً إقرار الحكومة تجميد معدلات بدل السكن المحلي. وتوضح مؤسسة "جيش الخلاص" الخيرية أن الإيجارات زادت بنسبة 8.7% حتى أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما تسبب في عجز شهري مقدراه 100 جنيه إسترليني (126 دولاراً) لدى العديد من المستأجرين. 
ويقول نك ريدمور، مدير خدمات التشرد في المؤسسة: "يصبح شخص عامل بلا مأوى كل عشر دقائق. وقد يكون هذا الشخص هو من يعد الطعام أو يوصل الطلبات خلال موسم الأعياد، ومع ذلك يفتقر إلى منزل يؤويه".
من جهتها، تقول نعومي ساوثويل من مؤسسة "جوزيف راونتري" المتخصصة في مكافحة الفقر: "تواجه الأسر ذات الدخل المنخفض أزمة متفاقمة، ويتوقع أن يستمر تراجع الدخل المتاح بعد تكاليف السكن حتى عام 2028".
وتتوقع المؤسسة أن ينخفض الدخل المتاح للأسر بمقدار 440 جنيهاً سنوياً (555 دولاراً) بحلول عام 2029، وتدعو الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمة وضمان الأمن الاقتصادي.
وتتجلى الأزمة بوضوح على المستوى الفردي. ومن بين القصص تلك لجين (اسم مستعار)، وهي موظفة بدوام كامل منذ أكثر من عشر سنوات تعيش معاناة يومية، رغم استقرار وظيفتها. وتقول لـ"العربي الجديد": "رغم أن دخلي يغطي بالكاد الاحتياجات الأساسية، مثل الإيجار والفواتير، سارت الأمور على ما يرام، حتى تلقيت إشعاراً بإخلاء شقتي بعدما قرر المالك بيعها. وأنا حالياً عالقة في دوامة البحث عن سكن جديد يتناسب مع دخلي، في وقت تشهد فيه لندن منافسة شرسة على العقارات، والسوق متقلبة، وباتت أشبه بمزاد يتنافس فيه المستأجرون على تقديم أعلى سعر". تضيف: "اضطررت إلى الإقامة مع عائلتي مؤقتاً، لكن ماذا سيحصل إذا لم أجد بديلاً؟".

يتوقع أن يستمر تراجع الدخل المتاح بعد تكاليف السكن، 30 نوفمبر 2022 (Getty)
يتوقع أن يستمر تراجع الدخل المتاح بعد تكاليف السكن، 30 نوفمبر 2022 (Getty)

بدورها، تسلط مؤسسات خيرية مثل "ذي باسيج" الضوء على الجانب الإنساني للأزمة. وتسرد كيف يمكن أن تتبدّل حياة أي شخص بين ليلة وضحاها نتيجة أزمات غير متوقعة، مثل المشاكل الصحية أو الانهيارات الأسرية أو فقدان الوظيفة. ومن بين هؤلاء شاب توفي بعدما وجد نفسه مشرداً وينام في ظروف قاسية بعد فجيعة عائلية، بينما وجدت كاتي نفسها بلا مأوى بعد تشخيص إصابتها بالسرطان، ما جعلها عاجزة عن العمل. كذلك دفعت الصراعات العائلية شخصاً يدعى نايجل إلى الشارع. 

وأمام هذا الواقع تحاول الحكومة اتخاذ خطوات إيجابية، وأعلنت تخصيص 230 مليون جنيه إسترليني (290 مليون دولار) لمعالجة التشرد والنوم القاسي، بينما أطلقت الحكومة الاسكتلندية تمويلاً بقيمة 4 ملايين جنيه إسترليني (5 ملايين دولار) لمشاريع الإسكان، وقررت تطبيق خطة لإنفاق 768 مليون جنيه إسترليني (968 مليون دولار) لبناء منازل جديدة.

ورغم هذه المبادرات، ترى مؤسسة "جيش الخلاص" أن التدخلات الحكومية لا تزال غير كافية. ودعت المؤسسة إلى رفع مزايا السكن بما يتماشى مع التضخّم لضمان قدرة الأسر ذات الدخل المنخفض على تحمّل تكاليف المعيشة والسكن. 
وسط هذه الأزمة، دعا رئيس الوزراء كير ستارمر، إلى تحسين مستويات المعيشة، وأشار إلى ضرورة زيادة دخل العاملين لمواجهة التحديات الاقتصادية.