طالب برلمانيون عراقيون، اليوم الأحد، الأمم المتحدة، بالتدخل الفوري لإغاثة وإنقاذ النازحين العراقيين من المدن التي تجري فيها عمليات عسكرية مستمرة وموجات نزوح كبيرة، أسفرت عن هجرة آلاف الأسر من بلدات وقرى عديدة نحو المناطق الصحراوية، بلا ماء أو غذاء.
وتأتي هذه المطالبات في وقت تشهد فيه بلدتا الشرقاط والحويجة، شمال البلاد، موجات نزوح كبيرة، قبيل استعداد القوات العراقية لاقتحام البلدتين لاستعادة السيطرة عليهما من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
وقال النائب في البرلمان العراقي، خالد المفرجي، في تصريح صحافي اليوم "وصلتنا مناشدات واتصالات من مئات النازحين، بينهم الكثير من النساء والأطفال خرجوا من مناطق سيطرة "داعش" وهم يتجمعون عند مدخل مدينة كركوك، للسماح لهم بالتوجه نحو المخيمات".
وأضاف "حياة هؤلاء النازحين أصبحت في خطر كبير، وهم الآن يفترشون العراء بلا غذاء أو حتى مياه للشرب، ولذلك نطالب الأمم المتحدة بالتدخل الفوري لإغاثة النازحين وإيصال المساعدات الإنسانية لهم".
وتوجّه معظم الفارين من بلدتي الشرقاط والحويجة، بحسب المصادر الأمنية، نحو مدينة كركوك (264 كلم شمال العاصمة بغداد) لقرب البلدتين نسبياً من المدينة التي تنتشر فيها العديد من مخيمات النازحين منذ منتصف عام 2014.
ويناشد وجهاء ونازحون، الحكومة العراقية والإدارة المحلية في مدينة كركوك، فتح الطريق أمامهم لدخول المخيمات، بدلاً من البقاء في المناطق الصحراوية في هذا الحر الشديد، خاصة أن أغلب النازحين من النساء والأطفال.
وكشف مدير دائرة الهجرة والمهجّرين في مدينة كركوك، عمار صباح، في تصريح صحافي اليوم، عن صعوبة إيصال المساعدات الإنسانية للنازحين الهاربين من مناطق سيطرة "داعش"، كونهم يتجمعون حالياً في "الأرض الحرام"، ما يجعل عمليات إيصال المساعدات لهم خطرة".
وبيّن صباح أنه "سيتم إدخال النازحين المتجمعين عند مكتب خالد قرب مدخل المدينة باتجاه سواتر قوات البشمركة في الساعات القليلة القادمة، بعد إجراء عمليات تدقيق أمنية لهوياتهم".
ولا يتعلق الأمر بالنازحين من بلدتي الشرقاط والحويجة التي تحاصرهما القوات العراقية وتجري حولهما عمليات عسكرية منذ نحو شهرين فحسب، بل تشمل النازحين في مخيمات بغداد وأبوغريب والأنبار ومدن أخرى، والذين يمرّون بظروف إنسانية وُصفت بالخطيرة.
وتأتي هذه المطالبات بعد توقف المساعدات الأممية لمنظمة الأمم المتحدة إثر إعلان مكتبها في العراق، نهاية 2015 ومنتصف 2016، عن عدم قدرة المنظمة على توفير المساعدات الإنسانية للنازحين، بسبب قلة الدعم المالي من الدول المانحة. الأمر الذي عقّد عمليات الإغاثة وجعل النازحين في المخيمات يعتمدون على ما يصلهم من الناشطين والمتبرعين وعدد من منظمات المجتمع المدني، وسط غياب حكومي عراقي شبه تام، واتهامات للحكومة العراقية بإهمال ملف النازحين والتعامل معهم بطائفية.
ووقعت عشرات الوفيات بين النازحين خلال هربهم من مناطق سيطرة "داعش"، بسبب الجوع والعطش الذي فتك بهم في المناطق الصحراوية، وعدم وجود خطط حكومية لإغاثتهم وإيصال الماء والطعام لهم، بحسب ناشطين.
وأعلنت الأمم المتحدة، في يونيو/حزيران الماضي، أنها لا تملك أموالاً كافية لإغاثة النازحين العراقيين، بسبب توقف المنح المالية من قبل الدول المانحة.
وناشدت منسقة بعثة الأمم المتحدة في العراق، ليزا كراند، الدول المانحة للمساهمة في تغطية النفقات المالية المخصصة لإغاثة النازحين العراقيين، وتقديم الدعم لوزارة الهجرة والمهجرين العراقية بشكل عاجل.
ونزح منتصف عام 2014 من الأنبار والموصل وصلاح الدين وبابل وديالى نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون نازح، مع اشتداد المعارك بين القوات العراقية وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" توجّه معظمهم نحو إقليم كردستان شمال البلاد.
ويتخوف حقوقيون وناشطون من وقوع "كارثة إنسانية" حال بدء معركة الموصل المرتقبة، لوجود نحو مليونين ونصف المليون مدني مازالوا يعيشون في المدينة التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" بالكامل.
وما يعقّد عمليات إغاثة النازحين عدم إعادتهم إلى مناطقهم التي استعادتها القوات العراقية منذ عام ونصف في بعض المدن والبلدات، مثل بلدة جرف الصخر التي مضى على استعادتها نحو عام ونصف ولم يعد من أهلها سوى بضعة آلاف فقط، وذات الحال في بلدات ديالى وتكريت وبيجي شمال بغداد، والتي مضى على سيطرة القوات العراقية عليها نحو عام ونصف.