باكستان: مرحلة ثانية من ترحيل اللاجئين الأفغان

20 ابريل 2024
يعبرون الحدود بين باكستان وأفغانستان في يناير الماضي (شفيع الله كاكار/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- باكستان تعلن عن المرحلة الثانية لطرد اللاجئين الأفغان، بما في ذلك الشرعيين، كجزء من استجابتها للتحديات الأمنية، متهمة اللاجئين غير الشرعيين بالمساهمة فيها.
- حكومة طالبان تنفي اتهامات باكستان للاجئين الأفغان بالضلوع في أعمال عنف، مؤكدة على مساهمتهم الإيجابية في الاقتصاد الباكستاني وعيشهم بسلام وأمان.
- الإعلان عن ترحيل اللاجئين يثير قلق وتوتر بينهم، مع تحضير الكثيرين للعودة إلى أفغانستان، مطالبين بعودة تحفظ كرامتهم وتحمي حقوقهم، وأملهم في بدء حياة جديدة بعيداً عن الخوف.

في وقت زاد التوتر في العلاقات بين أفغانستان وباكستان، أعلنت إسلام أباد أنها ستنفذ المرحلة الثانية من طرد الأفغان. حتى إن اللاجئين الشرعيين بدأوا يستعدون كذلك للمغادرة وبدء حياة جديدة.

يبدو أن التأثيرات السلبية لحالة المدّ والجذر في العلاقات السياسية بين باكستان وأفغانستان لا تزال كبيرة على ملف اللاجئين الأفغان في باكستان، فبعدما ارتفعت وتيرة التوتر بين البلدين إثر الغارات التي نفّذها سلاح الجو الباكستاني في ولايتي بكتيكا وخوست الأفغانيتين المحاذيتين للحدود في 18 مارس/آذار الماضي، وتحذير حكومة حركة طالبان في كابول من تبعات "خارجة عن السيطرة"، سارعت إسلام أباد إلى إعلان أنها ستنفذ المرحلة الثانية من إخراج اللاجئين الأفغان من باكستان. 
وقالت إسلام أباد إنها أبلغت جميع السلطات المحلية والحكومات الإقليمية بأن المرحلة الثانية من إخراج اللاجئين الأفغان غير الشرعيين من باكستان ستبدأ بعد عيد الفطر، وأكدت أنها ستكون مرحلة فاصلة في ملف اللاجئين. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الباكستانية، ممتاز زهراء بلوش، في مؤتمر صحافي عقدته في الخامس من إبريل/نيسان الجاري: "الحكومة مصممة على تنفيذ قرار إخراج الأفغان غير الشرعيين من باكستان، وأيضاً كل من يعيش في البلاد بطريقة غير شرعية".
تابعت: "يجري تخطيط الكثير من الأحداث الأمنية في باكستان في الخارج، وفي معظم الأحيان يتورط أشخاص يعيشون بشكل غير قانوني في باكستان في تنفيذ هذه الأحداث، لذا تصرّ باكستان على إخراج وترحيل كل اللاجئين الأفغان الذين يعيشون في باكستان بشكل غير شرعي، وهذا قرار نهائي لا رجوع عنه".

لكن حكومة "طالبان" رفضت ذرائع وزارة الخارجية الباكستانية لتنفيذ المرحلة الثانية من عملية ترحيل اللاجئين الأفغان، وشددت على أنه "لم يثبت ضلوع هؤلاء اللاجئين الذين غادروا أفغانستان بسبب الأوضاع السيئة، في أعمال غير قانونية في باكستان، وأنهم يعيشون في أمن وسلام في باكستان، وساهموا في تطوير وتحسين الوضع التجاري في هذا البلد، وبينهم تجار ومستثمرون وغيرهم، وبالتالي ليست ادعاءات إسلام أباد بشأن ضلوعهم في أعمال عنف صحيحة".

تدقيق أمني في معبر تورخام (شفيع الله كاكار/ فرانس برس)
تدقيق أمني في معبر تورخام (شفيع الله كاكار/ فرانس برس)

وبعيداً عن المواقف الرسمية، أثار إعلان الحكومة الباكستانية بدء المرحلة الثانية من ترحيل اللاجئين الأفغان غير الشرعيين حالة قلق في أوساطهم، سواء أكانوا شرعيين يملكون بطاقات لجوء أو غير شرعيين بلا أي أوراق رسمية، رغم أن الإعلان الأخير للحكومة الباكستانية شمل اللاجئين الأفغان غير الشرعيين فقط. ويدرك جميع اللاجئين الأفغان في باكستان ماذا حلّ بالجميع حين أعلنت الحكومة الباكستانية المرحلة الأولى من الترحيل، حين لم يستثن أي منهم من أعمال القمع والملاحقة.
يقول عبد الحكيم، أحد رموز اللاجئين الأفغان في باكستان، لـ"العربي الجديد": "رغم أن إعلان الحكومة الباكستانية يقتصر على اللاجئين غير الشرعيين، نعرف جيداً أن الأمر ليس كذلك، فهذا الإعلان يهدف إلى تفادي الضغوط الدولية، في حين يستهدف كل الأفغان من دون استثناء، وتحديداً القبائل. وعموماً، تلاحق الشرطة وقوات الأمن الباكستانية كل الأفغان الذين يملكون أوراقاً أو لا. من هنا يجب أن يغادر جميع الأفغان باكستان ويرحلوا إلى أفغانستان، التي تعتبر حالياً آمنة وتتوفر فيها فرص عمل أكثر من الماضي".

يتابع: "من حق الحكومة الباكستانية أن تُخرج الأفغان من البلاد، لكن ما نفذته في السابق غير مقبول فهي تعمّدت فعل ذلك خلال فترة قصيرة جداً، لم تسمح لعدد كبير منهم بجمع أغراضهم وترتيب أمورهم، لمغادرة بلاد عاش فيها بعضهم فترة ثلاثة أو أربعة عقود، وامتلكوا فيها أراضي ومنازل ومشاريع. وهكذا كانت خسائر كثيرين ممن رحلوا كبيرة، بعدما اضطروا إلى ترك مشاريع وممتلكات مقابل أثمان بخسة. أيضاً خلقت تصرفات الحكومة الباكستانية كراهية كبيرة، في حين أن الشعبين يعيشان معاً منذ سنوات طويلة، وهو ما يجب أن تأخذه الحكومة الباكستانية في الاعتبار. سيخرج الأفغان من باكستان، لكن ليحصل ذلك بطريقة مشرفة تحفظ كرامة الناس، وليس كما حصل في السابق".
ولعل هذا الهاجس جعل كثيرا من اللاجئين الشرعيين في باكستان يستعدون للعودة إلى أفغانستان. ويقول محمد موسى، أحد سكان ولاية ننغرهار شرق أفغانستان، والذي كان يعمل صرافاً في مدينة بشاور قبل أن يقرر بيع منزله والتحضير للعودة إلى أفغانستان، لـ"العربي الجديد": "واجهت الكثير من العناء والتعب خلال سنوات حياتي لكسب المال، تمهيداً للحفاظ على كرامتي وعزتي، لكنني أرى الآن أنهما مهددان في باكستان، لذا قررت المغادرة، فالبقاء سيكون على حساب كرامة أسرتي. وأعتقد أنه لا داعي للنقاش. نمشي إلى بلدنا ونبدأ من جديد، وإذا لم أستطع أن أصنع حياة جيدة سيفعل أولادي ذلك، وعلى الأقل لن نخاف من أي أحد. الوضع صعب في باكستان، وأخشى في كل لحظة أن يحدث شيء لأولادي، رغم أن الوضع تحسّن قليلا في الأيام الأخيرة، لكن عندما تبدأ المرحلة الثانية وهي المرحلة الفاصلة، كما أعلنت السلطات الباكستانية، فيعني ذلك أن الوضع سيكون أسوأ من السابق، خصوصاً أن التوتر زاد في العلاقات بين كابول وإسلام أباد".

المساهمون