انقطاع الكهرباء يعطل حياة الباكستانيين

13 مارس 2023
أزمة الكهرباء في باكستان قديمة (حسين علي/Getty)
+ الخط -

يعاني كثير من المناطق الباكستانية، خصوصاً المناطق النائية والمنعزلة، من انقطاع متكرر للتيار الكهربائي، والذي يمتد في كثير من الأحيان إلى ساعات طويلة، في حين فرضت الحكومة زيادة جديدة على كلفة استهلاك الكهرباء بغرض تحصيل عوائد مالية إضافية، واستجابة لشروط صندوق النقد الدولي الذي يطالبها بإلغاء دعم الطاقة لتمرير قرض متعثر.
وأعلنت الهيئة الوطنية لتنظيم الطاقة الكهربائية "نيبرا"، في 6 مارس/آذار الماضي، رفع تعرفة الطاقة على شرائح الاستهلاك التي تزيد عن 300 كيلوواط، بقيمة 3.82 روبيات لكل كيلوواط (0.013 دولار)، مؤكدة أن تطبيق تلك الزيادة سيتم بأثر رجعي اعتباراً من الأول من مارس/آذار الجاري ما أثار غضب آلاف المواطنين، وزاد من أعباء ملايين الباكستانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر.
يقول محمد أمان، وهو من سكان مدينة راولبندي لـ"العربي الجديد": "الحياة أضحت صعبة للغاية، والعيش في البلاد لم يعد في استطاعة الفقراء في ظلّ غلاء أسعار جميع الاحتياجات والخدمات الأساسية، علاوة على أزمة البطالة المستشرية، وأخيراً قررت الحكومة رفع أسعار الكهرباء، وليست تلك المرة الأولى، بل تكرر رفع الأسعار عدة مرات خلال السنوات الأخيرة. الحكومة تلوم صندوق النقد الدولي، لكن في الحقيقة إنّ كلّ ما يحصل سببه عدم كفاءة المسؤولين، وبعضهم من المسيطرين على مقدرات بلادنا منذ عقود. الحكومات المتعاقبة فشلت في التصدي لما تواجهه البلاد من أزمات، والمواطن الباكستاني لا يدري ماذا يفعل لتجاوز تلك الظروف المعيشية المضنية".
ويؤكد محمد فريد خان، وهو أحد الزعماء القبليين في منطقة أبدره بوسط مدينة بيشاور (شمال غرب)، لـ"العربي الجديد"، أن "الشعب الباكستاني لم يعد قادراً على تحمل قرارات الحكومة، وأتوقع أن يخرج الناس إلى الشوارع كي يرغموا الحكومة على أن تسمع صوت الفقراء. لم نعد نتحمل كلّ هذه الأعباء، فالعملة المحلية تدهورت إلى مستوى قياسي، وارتفعت الأسعار، ورغم ذلك فرضت الحكومة ضرائب جديدة على السلع، وهي الآن ترفع أسعار الكهرباء التي لا يمكن الاستغناء عنها سواء في الشتاء أو الصيف، ولا بدائل متاحة، وإن وجدت فإنّ تكلفتها أعلى، بينما غالبية الناس فقراء".

في نهاية أغسطس/آب الماضي، تسبب رفع الحكومة أسعار الكهرباء في اندلاع احتجاجات شعبية في مدينة لاهور عاصمة إقليم البنجاب، أكبر الأقاليم الباكستانية من حيث عدد السكان، وهاجم المتظاهرون خلالها الحكومة، وأحرقوا فواتير الكهرباء، وتعهدوا بعدم دفع الفواتير حتى إلغاء الزيادة الجديدة على الأسعار.
وتكرر خروج سكان مناطق في شمال وجنوب غرب البلاد إلى الشوارع، رافعين هتافات تهاجم الحكومة، وأغلق بعضهم الطرق الرئيسية احتجاجاً على الانقطاع المتكرر للكهرباء، وخرجت أحدث تلك التظاهرات في 2 مارس، في مقاطعة خيبر بختينخوا (شمال غرب)، حيث أغلق المتظاهرون الطريق الواصل بين أفغانستان وباكستان، والمعروف بطريق طورخم بيشاور، احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي، ورفعوا هتافات يطالبون فيها بحلّ نهائي للمشكلة التي تعرقل حياتهم.

ويشير ذيشان أفريدي، من منطقة جمرود، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "مشكلة انقطاع التيار الكهربائي ليست جديدة في باكستان، لكن مؤخراً، بدأت الأمور تتجاوز قدرة السكان على التحمل، خصوصاً أنّ الغلاء أثقل كاهلهم، والبطالة متفشية بينهم، إلى جانب الكثير من الأزمات المعيشية. نعتمد على الكهرباء في كثير من أمور حياتنا، والآن باتت تنقطع أحياناً ليوم كامل، وهذا أمر لا يمكن السكوت عليه".
من جانبه، يقول المسؤول في إدارة كهرباء مدينة بيشاور، حاجي فقير محمد، لـ"العربي الجديد": "مشكلة انقطاع الكهرباء كبيرة بالفعل، والحكومة عاجزة عن احتوائها بشكل فوري كما يطالب عامة المواطنين، لكن ثمة مشكلات أخرى تفاقم الأزمة، من بينها أنّ سكان بعض المقاطعات لا يدفعون فواتير الكهرباء، وكذلك هناك سرقات كبيرة للتيار الكهربائي، والكثير من الناس لديهم توصيلات غير قانونية يستخدمونها لسرقة التيار من دون دفع رسوم، وكلّ هذا يفاقم مهمة الحكومة الصعبة، ويؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي لساعات أطول، لكن كلّ ذلك لا يعني أن تتخلى الحكومة عن مسؤوليتها في توفير الكهرباء، وعليها أن تجد وسيلة لإنهاء الأزمة".
بدوره، يقول عبد الغفار محمد، وهو أحد سكان إقليم بلوشستان، لـ"العربي الجديد": "أوضاع الإقليم سيئة على مستويات عدة، أمنياً ومعيشياً، كما أنه إقليم مهمش، وجاء تكرار انقطاع التيار الكهربائي ليضيف المزيد من المشكلات. سكان بلوشستان، والمواطنون الباكستانيون عموماً، يدفعون ثمن الفشل الحكومي المتواصل".

المساهمون