انقسام في سيناء حول المشاركة في مائدة إفطار يرعاها الجيش

17 ابريل 2023
يفترض أن ينظم الإفطار يوم غد الثلاثاء (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

انقسم الشارع في محافظة شمال سيناء (شرق مصر) حول المشاركة في إفطار جماعي يقام غداً الثلاثاء في مدينة العريش برعاية الجيش المصري، وبتبرع من مؤسسات ورجال أعمال وشركات من سيناء. ويعود الانقسام إلى إلغاء الأمن المصري إفطاراً شعبياً دعا إليه نشطاء ووجهاء من العريش خلال الأيام الماضية، وذلك رداً على الإفطار الذي أقامه قائد الجيش الثاني الميداني، اللواء محمد ربيع، لمشاهير سيناء من المشايخ ورجال الأعمال والإعلاميين فقط.

وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية إن مائدة إفطار للمشاهير جزء من فعاليات الجيش لتكريم أهالي سيناء، وتوطيد العلاقة بين الطرفين.

ومنذ أيام، تحشد الأذرع الإعلامية والحكومية في سيناء للإفطار الجماعي المقرر إقامته على شاطئ مدينة العريش الثلاثاء، لإظهار الوضع الأمني الهادئ، بعد عشر سنوات من الحرب الدائرة بين قوات الأمن المصرية وتنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم "داعش"، وبعد الغضب الشعبي من جراء الإفطار الذي عقد في مقر الكتيبة 101 للمشاهير في سيناء من دون عامة الشعب أو المحتاجين منهم، ما دفع النشطاء المحليين إلى الدعوة إلى إقامة إفطار بجهود ذاتية وبمساهمة المواطنين. إلا أن قوات الأمن أجبرتهم على إلغاء الفعالية، واستعاضتها بفعالية برعاية من قيادة الجيش المصري في سيناء.

وتعليقاً على إلغاء الإفطار الشعبي في حي المساعيد، كتب الناشط محمد حجاج عبر صحفته على "فيسبوك": "طالما أن الإفطار الجماعي مرفوض أمنياً، وألغي إفطار حي المساعيد الذي نظّم بجهود ذاتية من أهالي الحي، ويعلم جميعنا أن أهالي حي المساعيد كانوا دائماً أصحاب المبادرات الذاتية الوطنية مثل تنظيف وتجميل الحي بالجهود الذاتية، وبيع الخضار أقل من باقي المحافظة بالجهود الذاتية من أهالي الحي، وإنشاء ميدان كامل للشهداء بحي المساعيد بالجهود الذاتية للمواطنين من أهالي الحي، أعلن أنا محمد حجاج عدم المشاركة في أي دعوة إفطار جماعي، حفاظاً على الأمن طالما أن الإفطار الجماعي يمثل خطورة. مع العلم أن الدعوات التي ظهرت بعد دعوات حي المساعيد كان أهم أسبابها توصيل رسالة للإعلام ولكل العالم بأن سيناء آمنة".

أما الناشط فيصل أبو هاشم، فكتب عبر هاشتاغ #إفطار_حي_المساعيد_مطلب_شعبي: "أتمنى العدول عن قرار إلغاء إفطار حي المساعيد. وللعلم نجاح يوم 27 رمضان هيكون (سيكون) أهالي المساعيد له عامل كبير في نجاحه، ونحن نقدر تعليمات الأمن ولكن نرى أن رسالة إفطار حي المساعيد لن تقل أهمية عن رسالة افطار يوم 27 رمضان".

وكتب عشرات المواطنين من سكان حي المساعيد ومدينة العريش منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رفضاً للقرار الأمني بمنع إقامة الإفطار الجماعي، وسط عبارات الغضب والرفض، والمطالبة بالعدول عن القرار، ما اضطر عددا من وجهاء المدينة والمسؤولين فيها، إلى التواصل مع إدارة الأمن للسماح بإقامة الإفطار من دون جدوى، إلى أن تم إقرار إفطار جماعي برعاية الجيش المصري، وبدعم من مؤسسات وشركات ورجال أعمال.

وتجاوز الخلاف حدود النشطاء والمواطنين ليمتد إلى الأحزاب. وقال أمين حزب التجمع بشمال سيناء، حسن عبد الله النخلاوي: "لو حزب التجمع كان ناوي (ينوي) ينظم أي فاعلية مكنش هيقدم (لن يكون ليقدم) طلب لأن تلك الفعاليات لا تحتاج إلى موافقة أمنية، وما حدث من مديرية أمن شمال سيناء وقسم ثالث العريش برفض إقامة إفطار أهالي حي المساعيد هو تعنت واضح ضد المواطنين وتساهل كبير مع الطبقة البرجوازية التي دعت إلى إفطار جماعي وفي مكان مفتوح". 

أضاف: "هذا التناقض يدل على أن مدير أمن شمال سيناء الذي فشل في حماية الممتلكات الخاصة والعامة من سرقات جامعي الخردة يعمل عكس اتجاه الدولة التي أعلنت عودة الاستقرار والحياة إلى طبيعتها، وها هو مدير أمن شمال سيناء يوافق لطبقة رجال وأحزاب الرأسمالية والمصالح لإقامة فعاليات كما يريدون ويرفض المثل لأهالي حي المساعيد".

وتابع أن "أمانة حزب التجمع بشمال سيناء لم تكن ضمن الداعين إلى إفطار أهالي حي المساعيد وهذا شرف لا ندّعيه. ونظراً لما سبق، فإننا وبعد الزج باسم أمانة الحزب في هذا الموضوع من قبل البعض، فإن أمانة الحزب ترفض قرار مدير أمن شمال سيناء المتعنت ضد فاعليه أهالي حي المساعيد. كما تحمّل مدير أمن شمال سيناء مسؤولية التقصير الأمني في حماية الممتلكات العامة والخاصة من السرقة". 

وختم حديثه قائلاً: "ولهذا، فإن أمانة حزب التجمع قررت رفع مذكرة عاجلة عن طريق الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، موجهة لوزير الداخلية، تطالبه فيها بإقالة مدير أمن شمال سيناء، من أجل فرض حالة من الاستقرار الأمني تواكب عودة الحياة لطبيعتها بعد انتهاء الحرب على الإرهاب بشمال سيناء". 

وتعقيباً على ذلك، يقول أحد وجهاء مدينة العريش لـ"العربي الجديد": "حالة من الإحباط أصابت المواطنين في شمال سيناء، في أول فعالية شعبية لم يكتب الأمن لها النجاح، فهل هذا جزاء آلاف المصريين الذين صبروا على معاناة الإرهاب والحصار والتضييقات التي شلت الحياة على مدار عقد من الزمان. وحينما أراد الأهالي الاجتماع على سفرة واحدة، من أجل العيش في لحظة من السعادة، أمر الأمن بإلغاء الفعالية، بل حذر من محاولة إقامتها بشكل سري أو بعيداً عن الشوارع الرئيسية، وكأن أهالي سيناء لم يكتب عليهم إلا مشاركة بعضهم البعض في الحزن والضيق".

أضاف: "في المقابل، فإن الأمن نفسه نشط في حضور موائد الإفطار التي أعدتها القبائل في مدن بئر العبد والشيخ زويد ورفح خلال الأيام الماضية، وكذلك لا ننسى إفطار الجيش المصري لمشاهير سيناء ورجال أعمالها، وتجاهل المساكين والمحتاجين للقمة العيش. وفي حين أراد المواطنون التكافل الاجتماعي بين بعضهم البعض، رفض الأمن ذلك، وحاول الالتفاف على ذلك، بإقامة إفطار جماعي بنكهة أمنية، يتم خلاله ضبط القائمين عليه وتحديد المكان والزمان، والحضور، والصورة التي ستخرج منه".

في المقابل، تتواصل الحملات الشعبية والقبلية للتكافل الاجتماعي بين العائلات في تقديم وجبات الإفطار للمسافرين على الطريق الرابط بين سيناء ومناطق غرب قناة السويس، بالإضافة إلى تبادل أطباق الطعام يومياً بين الأسر، رغم حالة الضيق التي يحياها غالبية أهالي سيناء في ظل اعتمادهم على الأعمال الفردية في الزراعة والصيد والصناعات الخفيفة والتجارة.

يشار إلى أنّ أحد أبرز مظاهر شهر رمضان في سيناء قبل وقوعها في فخ الإرهاب، كان يشمل إقامة موائد الإفطار الجماعية، وإقامة صلاة التراويح في المناطق المفتوحة، والجلسات العائلية والقبلية في مجالس الدواوين، والولائم التي تقام يومياً، بالإضافة إلى إعداد أكلة القرصة في ليالي رمضان، والخروج إلى البرية خارج نطاق المدن، وتبادل الأطباق بين الجيران والأصدقاء.

المساهمون