تواجه وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، ضغوطاً متزايدة بشأن أوضاع المهاجرين في منطقة كينت الحدودية، حيث تمّ تكديس ما يزيد عن 4 آلاف مهاجر في مركز مانستون المصمّم لاستيعاب 1600 شخص كحدّ أقصى، وسط مخاوف وتحذيرات من انتشار مرض الدفتيريا والجرب.
وفي رسالة مفتوحة، عبّرت أكثر من 100 جمعية خيرية، اليوم الاثنين، عن احتجاجها على "سلوك برافرمان" المتعلق بالهجرة، لاسيما في مطار مانستون حيث يقيم الآن عدد أكبر من ضعف الطاقة الاستيعابية للمركز، كما اتّهمت الجمعيات وزيرة الداخلية بالفشل في حلّ مشكلة الاكتظاظ تلك عبر رفضها نقل اللاجئين إلى الفنادق.
وأشارت الرسالة إلى أن "المهاجرين غير الشرعيين" الذين تتحدّث عنهم برافرمان، خاض معظمهم رحلات شاقّة وخطيرة من بلدان غير آمنة تعيش حروباً وصراعات كأفغانستان وإريتريا وسورية. وطالبت الجمعيات بتحقيق نظام عادل يحترم القانون الدولي عبر منح طالبي اللجوء جلسة استماع عادلة.
وفي اتصال مع "العربي الجديد"، قالت مديرة مؤسسة "هيومن فور رايتس" مادي هاريس، إن المشكلة تكمن بشكل أساسي في "سياسات الحكومات المتعاقبة العنصرية والمعادية للاجئين والتي تلحق الأذى بأشخاص قدموا بحثاً عن الأمان"، مضيفة أن مشكلة السكن التي تشهدها كينت اليوم، جدّية وتحتاج إلى إجراءات طارئة وفورية، إضافة إلى أزمة الانتظار التي يعيشها طالبو اللجوء والتي باتت تمتدّ إلى أكثر من 500 يوم، ما يمنعهم من الدراسة والعمل والانخراط في حياة جديدة وطبيعية هم بأمسّ الحاجة إليها.
وكان مركز مانستون، قد شهد البارحة اكتظاظاً إضافياً بعد أن تم نقل عدد من اللاجئين (700 مهاجر) من منطقة دوفر على خلفية تعرّض مركز الاحتجاز هناك لهجوم بقنابل حارقة ألقاها "رجل أبيض"، بحسب ما أوردت الشرطة، مشيرة إلى أنها عثرت عليه متوفياً في مكان قريب بعد دقائق من تنفيذ اعتدائه الذي أسفر عن إصابتين طفيفتين في صفوف طالبي اللجوء.
وأظهر فيديو التقطه مصوّر "رويترز" الذي تزامن وجوده في الموقع مع الهجوم، محاولة موظّفين إخماد حريق صغير على الجدار الخارجي لمركز الاحتجاز، ولا تزال التحقيقات مستمرة حتى اللحظة.
وعن هذه الحادثة، علّقت هاريس، في حديثها مع "العربي الجديد" بالقول إن التحقيقات لاتزال جارية وإن المتوفّر حتى اللحظة هو محاولة اعتداء قام بها رجل بغرض قتل أبرياء، ولا تزال ظروف مقتله غامضة. لكن هاريس ترجّح أن هذه المحاولة هي نتيجة حتمية لخطاب الكراهية الذي تروّج له الحكومة اليمينية المتطرّفة حيث باتت المشاعر المناهضة للاجئين تتنامى أكثر فأكثر.
يُذكر أن برافرمان، وقبلها بريتي باتيل، قد رفضتا النصيحة القانونية التي قدّمها مسؤولون في وزارة الداخلية، والتي تقضي بحجز إقامات فندقية للتعامل مع الزيادة الكبيرة في أعداد اللاجئين.
ويقول مصدر مقرّب من برافرمان لـ"العربي الجديد" إن رفض الوزيرتين ينطلق من قناعتهما بأن تفاقم أزمة اللاجئين واكتظاظ مراكز الإيواء سيشكّلان عامل ضغط على الحكومة لتسريع تنفيذ خطة رواندا المثيرة للجدل، وترحيل طالبي اللجوء إلى البلد الأفريقي بأسرع وقت ممكن.
يُذكر أيضاً أن الوزيرتين لم يسبق لهما أن زارتا مركز مانستون الذي يأوي الآن أكثر من طاقته الاستيعابية والذي يعيش فيه الآلاف ظروفاً وصفها شهود عيان بـ"غير الإنسانية". ومع أن القانون البريطاني يحدّد مدة الإقامة القصوى في مركز الاحتجاز بـ 24 ساعة، فإن اللاجئين هناك موجودون منذ أكثر من أربعة أسابيع.
ومن المنتظر أن تواجه برافرمان مجلس العموم الليلة للإجابة عن تساؤلات عاجلة بخصوص مركز الاحتجاز في كينت وبخصوص قضية أخرى متعلقة بخرقها للقانون والقواعد الوزارية عبر تسريبها وثائق سرية باستخدام بريدها الإلكتروني الشخصي.