استمع إلى الملخص
- **الأضرار البشرية والمادية**: الفيضانات قتلت نحو مائة شخص ودمرت عشرات المنازل، مما أجبر 215 عائلة على النزوح وأثرت على أكثر من 560 ألف شخص، وفق المنظمة الدولية للهجرة.
- **التحديات المناخية والبنية التحتية الضعيفة**: اليمن يعاني من سوء التغذية والكوليرا بسبب السيول، وتغير المناخ يزيد من وتيرة الفيضانات، مما يجعل البلد معرضًا بشكل استثنائي للكوارث.
قرب منزله المهدّم، يبكي أبو إبراهيم ابنه وأحفاده السبعة الذين قضوا جراء فيضانات ضربت مؤخرا اليمن حيث تتسبب الأمطار الغزيرة والسيول العارمة في زيادة البؤس في بلد فقير مزقته الحرب. يشير الرجل الذي غزا الشيب لحيته إلى جدران منهارة، هي كلّ ما تبقى من المنزل الجبليّ الذي اجتاحته السيول، ويحاول حبس دموعه وهو يستذكر انهيار منزل ابنه.
ويقول أبو ابراهيم الذي يعيش على مقربة من المكان مع زوجته، لوكالة فرانس برس: "كنا نسمع أصوات الانهيارات والأمطار بكثافة. بعد ذلك، رأت زوجتي أن منزل إبراهيم لم يعد موجودا، فصرخت بصوت عال: إبراهيم جرفته السيول هو وأولاده".
وليست هذه العائلة الوحيدة التي قضت أو تشرّدت بسبب الأمطار الموسمية هذا العام والتي يقول خبراء إنها تزداد شدّة سنة بعد سنة نتيجة التغيّر المناخي. وقُتل نحو مائة شخص في أنحاء اليمن في الأسابيع الأخيرة، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام نشرتها الأمم المتحدة.
ونهاية أغسطس/آب، اجتاحت فيضانات ناجمة عن أمطار غزيرة محافظة المحويت في غرب اليمن، ما أسفر عن فقدان أو مقتل أكثر من 40 شخصا، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) الذي أشار إلى أن عشرات المنازل دُمّرت في المنطقة ما أرغم 215 عائلة إلى النزوح.
وكان 60 شخصا لقوا مصرعهم في فيضانات بدأت أواخر يوليو/ تموز، بحسب الأمم المتحدة. وأثّرت الأمطار والسيول على أكثر من 560 ألف شخص في أنحاء البلاد منذ أواخر يوليو، وفق المنظمة الدولية للهجرة التي أطلقت نداء عاجلا لجمع 13,3 مليون دولار للاستجابة لحاجات المتضررين. وقال القائم بأعمال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن مات هوبر إن "حجم الدمار مروّع، ونحن بحاجة ماسة إلى تمويل إضافي".
"سمعنا أصوات الانهيارات"
وتشهد المرتفعات الغربية في اليمن هطول أمطار موسمية غزيرة، لكن الظروف الجوية هذا العام كانت "غير مسبوقة"، بحسب هوبر. ففي ملحان، جرفت السيول والانهيارات الأرضية المنازل ودفنت عددا من سكانها.
ويقول عبدالله الملحاني، وهو جار إبراهيم المحويتي الذي قضى مع أبنائه: "سمعنا أصوات الانهيارات من الجبال". ويستذكر كيف سأله أبو إبراهيم عما إذا كان رأى ابنه وأولاده، فقال: "خرجنا ولم نجد أحدا، اختفوا جميعا. جرفتهم السيول والصخور".
وكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن على منصة "إكس"، في منشور سابق، أن إيصال المساعدات إلى المتضررين كان "شبه مستحيل" بسبب "الطرق المتضررة والعائمة"، مرفقا المنشور بصور تُظهر جِمالا تحمل صناديق مساعدات على طرق جبلية وعرة.
🟧📰#اليمن:وسط صعوبات كبيرة في الوصول نتيجة دمار الطرق،ساعدت آلية الاستجابة السريعة بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان أكثر من 9,340 ألف عائلة متضررة من السيول في #ملحان بالمحويت ومحافظات #الحديدة وحجة وريمة منذ أغسطس2024، بدعم صندوق الطوارئ المركزي للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي pic.twitter.com/egJ100MG9h
— UNFPA Yemen (@UNFPAYemen) September 4, 2024
With the support of our partners @ECHO_MiddleEast , @UNCERF & @USAID, UNFPA-led #UN Rapid Response Mechanism (RRM) have reached over 65,380 flood-affected individuals across #Yemen since the start of the rainy season last August, up to date. pic.twitter.com/OC6VHsmy9N
— UNFPA Yemen (@UNFPAYemen) September 5, 2024
فيضانات اليمن: تدمير منازل ونزوح آلاف الأسر
وتسبّبت فيضانات اليمن بتدمير منازل ونزوح آلاف الأسر وألحقت أضرارا بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المراكز الصحية والمدارس والطرق. ويعاني أفقر بلدان شبه الجزيرة العربية أصلا من زيادة معدلات سوء التغذية وأعداد الإصابات بالكوليرا نتيجة السيول.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية، الشهر الماضي، من أن الوضع قد يتفاقم في الأشهر المقبلة. وتوقّعت أن "تشهد المرتفعات الوسطى والمناطق الساحلية على البحر الأحمر وأجزاء من المرتفعات الجنوبية مستويات (متساقطات) غير مسبوقة تتجاوز 300 ملم".
وقالت الباحثة مها الصالحي في مؤسسة "حلم أخضر"، وهي منظمة بيئية يمنية، إن "تغيّر المناخ لا يؤدي إلى زيادة وتيرة الفيضانات فحسب، إنما يجعلها أكثر شدة".
"معرّض بشكل استثنائي"
وشرح الوكيل المساعد لقطاع الأرصاد الجوية في الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد لدى سلطات الحوثيين محمد حميد أن زيادة وتيرة الأمطار وشدّتها في اليمن تكشفان بوضوح تداعيات التغير المناخي. وقال لفرانس برس: "منذ مايو/أيار 2015 وحتى هذا العام، شهدت البلاد حوالى تسعة أعاصير، وهذه ظاهرة لم تكن موجودة من قبل في اليمن". وأضاف: "ندخل في شهر أكتوبر/تشرين الأول قريبا وعلينا أن نستعد لظاهرة الأعاصير".
وأشار الباحث في معهد "تشاتام هاوس" البريطاني كريم الجندي إلى أن تهالك البنية التحتية في اليمن وضعف قدرات الاستجابة للكوارث نتيجة سنوات من النزاع يزيدان من التهديد الذي يمثّله تغير المناخ. وقال خبير المناخ لفرانس برس: "واقعة تساقط أمطار أكثر غزارة واقترانها ببلد غير مستقر نتيجة الحرب يعرّضان اليمن بشكل استثنائي لهطول أمطار غير مسبوقة، ما أدى إلى فيضانات كارثية في العديد من المحافظات".
(فرانس برس)