تعيد الولايات المتحدة الأميركية، غداً الإثنين، فتح حدودها البرية والجوية أمام المسافرين الأجانب المحصّنين بلقاحات مضادة لكوفيد-19، وذلك بعد 20 شهراً على إغلاق تلك الحدود وفرض قيود على السفر، الأمر الذي أثّر على العائلات والسياحة وتسبّب في توتّر دبلوماسي.
وكانت العائلات المنفصلة ورجال الأعمال والسياح يترقّبون منذ أشهر إعلان البيت الأبيض رفع القيود على السفر. ففي مواجهة أزمة كورونا، أغلقت الولايات المتحدة الأميركية حدودها ابتداءً من مارس/ آذار 2020 أمام ملايين المسافرين الوافدين، خصوصاً من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والصين، ثمّ في وقت لاحق من الهند والبرازيل، باستثناء حالات محدّدة تكون فيها الأسباب مقنعة. كذلك، أغلقت نقاط دخول بريّة أمام الوافدين من كندا والمكسيك.
وقد أثّرت هذه الأشهر الطويلة من القيود المفروضة على مئات ملايين من الناس.
من جهتها، تتهيأ البريطانية آليسون هنري (63 عاماً) للسفر غداً إلى نيويورك لرؤية ابنها، بعد فراق طال 20 شهراً. تقول لوكالة "فرانس برس" وهي تبكي وتحزم حقيبتها في منزل العائلة في وارينغتون ببريطانيا: "كان الأمر صعباً جداً". تضيف: "أريد فقط أن أرى ابني". كذلك تتحضّر عائلات على جانبَي المحيط الأطلسي للقاء الأقارب.
وتسبّبت القيود التي امتدّت طويلاً بتوتّر دبلوماسي، خصوصاً ابتداءً من الصيف الماضي حين فتح الاتحاد الأوروبي الذي كان يشهد تسارعاً في عمليات التحصين، حدوده أمام الولايات المتحدة الأميركية والسيّاح الأميركيين حتى غير المحصّنين منهم. لكنّ شركات الطيران تتحضّر لاستقبال المسافرين المحصّنين مجدداً، غداً الإثنين، وذلك من 33 بلداً.
وبهدف مواجهة أعداد المسافرين الكبيرة، قامت الشركات التي تعتمد على المسارات الجوية عبر المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، أبرزها "إير فرانس" و"بريتيش إيرويز" و"يونايتد إيرلاينز"، بزيادة عدد الرحلات، واختارت طائرات أكبر حجماً، ووفّرت لذلك عدداً كافياً من الموظفين.
TRAVEL ALERT: The temporary restriction on non-essential travel at US land border ports of entry remains in effect. Essential travel and trade continue unimpeded. Essential travel includes, but is not limited to: pic.twitter.com/igBpLg7GQW
— CBP (@CBP) November 7, 2021
قيود لا بدّ منها
بالنسبة إلى المسافرين الذين يصلون جواً، سوف تطلب الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى إثبات التحصين وفحص الكشف عن كوفيد-19 قبل ثلاثة أيام من المغادرة، أن تضع شركات الطيران نظام تتبّع للمخالطين.
أمّا بالنسبة إلى الوافدين برّاً، فقد أعلن البيت الأبيض هذا الأسبوع أنّ رفع القيود سوف يتمّ على مرحلتَين.
ابتداءً من الثامن من نوفمبر، سوف يتمكّن الوافدون لأسباب غير ضرورية من قبيل تلك المتعلقة بالعائلة أو السياحة عبور حدود كندا أو المكسيك شريطة تلقّي لقاح مضاد لكوفيد-19. أمّا الوافدون لأسباب تُعَدّ ضرورية، من قبيل العمل (سائقو الشاحنات مثلاً)، فيُعفون من تلك الإجراءات. لكنّه ابتداءً من يناير/ كانون الثاني المقبل، سوف تُطبّق إلزامية التحصين على جميع الأشخاص الذين يعبرون الحدود البرية مهما كان سبب دخولهم.
من جهة أخرى، أشارت السلطات الصحية الأميركية إلى أنّ اللقاحات المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية سوف تكون مقبولة. وهي حتى الآن، بحسب الإجراء الطارئ الذي وضعته المنظمة، "أوكسفورد-أسترازينيكا" و"جونسون أند جونسون" و"موديرنا" و"فايزر-بايونتيك" و"سينوفارم" و"سينوفاك".
تجدر الإشارة إلى أنّ الولايات المتحدة الأميركية التي كانت صارمة جداً في إغلاق الحدود، لم تفرض إلزامية التحصين على ركاب الرحلات الداخلية. حتى إدارة جو بايدن التي رضخت في الآونة الأخيرة لفرض بعض الإجراءات الملزمة، لم تقدم على تغييرات بسبب حساسية الموضوع سياسياً.
تمسّك بإلزامية اللقاح
في سياق منفصل، دافعت حكومة جو بايدن، اليوم الأحد، عن شرعيّة جعل اللقاح المضاد لكوفيد-19 إلزامياً في الشركات التي يزيد عدد موظفيها عن 100، وذلك بعدما علّق القضاء قرارها أمس السبت للنظر في دستوريته.
وقال سدريك ريتشموند، مستشار بايدن في تصريح لشبكة "سي بي إس": "نحن على ثقة بأنّ هذا الإجراء يتوافق مع القانون والنظم". وشدّد على أنّ "خيار الفحص الأسبوعي لكشف الإصابة" طُرح على العاملين الذين أبدوا تحفّظاً على تلقّي اللقاح.
وأضاف ريتشموند: "أن يصبح الشخص رئيساً لا يعني اتّخاذ القرارات السهلة، بل القرارات العادلة والتحلّي بالشجاعة لتطبيقها"، في وقت يندّد فيه المحافظون بأيّ شكل من أشكال إلزامية اللقاح، وقد عدّوه إجراءً "ديكتاتورياً".
وأوضح ريتشموند أنّ "المذبحة الجارية" مع وفاة أكثر من 750 ألف شخص بسبب الوباء في الولايات المتحدة الأميركية "غير مقبولة" و"اللقاحات أفضل طريقة لمحاربتها".
ويرغم الإجراء المثير للجدال ملايين الموظفين في الشركات التي تضمّ أكثر من 100 موظف على تلقّي لقاح مضاد لكوفيد-19 بحلول الرابع من يناير، تحت طائلة الخضوع لفحوص منتظمة لكشف الإصابة.
وكانت محكمة استئناف فدرالية قد قرّرت، أمس السبت، بعدما رفعت إليها ولاية تكساس التي يسيطر عليها الجمهوريون طعناً عاجلاً، تعليق هذا القرار الجديد بذريعة "مشكلات دستورية وإجرائية جدية"، إلى أن يتمّ درسه في الجوهر.
ويُعَدّ ذلك نكسة للرئيس الديمقراطي الذي يراهن على تطبيق التحصين الإلزامي لإعادة تعزيز العملية الآخذة في التراجع.
وقال كبير الأطباء في الولايات المتحدة الأميركية فيفيك مورثي، لقناة "إيه بي سي": "لم يكن الرئيس والحكومة ليتّخذا هذه الإجراءات لو لم يريا أنّها مناسبة وضرورية"، مؤكداً أنّ السلطة التنفيذية "سوف تدافع" عنها أمام القضاء.
وشدّد مورثي على أنّ اللقاح الإلزامي "ليس بجديد" في التاريخ الأميركي، وقد فُرض لمكافحة أمراض عديدة في أوقات سابقة. ولم يستبعد توسيع الإجراء ليشمل الشركات الأصغر حجماً إذا صادق القضاء على القرار في نهاية المطاف.
(فرانس برس)