الورشة الخضراء: فلسطينيات يُعدن تدوير البلاستيك

13 مارس 2023
تهدف الورشة الخضراء إلى وقف التلوّث بالبلاستيك (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تغلّبت شابات فلسطينيات من قطاع غزة على أزمة تراكم النفايات البلاستيكية بصورة كبير، من خلال "الورشة الخضراء لإعادة تدوير البلاستيك" التي تُمكّنهنّ من تحويل الكميات غير اللازمة إلى مواد خام تدخل في مجال صناعات بلاستيكية عديدة.

وتسعى الشابات، من خلال مشروع إعادة تدوير النفايات الصلبة، التابع لمركز شؤون المرأة في القطاع، إلى الموازنة ما بين هدفَين أساسيَّين؛ الأوّل يتمثّل في إيجاد فرص عمل تساعدهنّ على توفير مصدر دخل خاص بهنّ لتغطية احتياجاتهن الأساسية، والثاني في الحفاظ على البيئة من الآثار السلبية الناجمة عن التلوّث بالبلاستيك.

وترتكز فكرة الشابات الفلسطينيات، من خلال مشروعهنّ الريادي النسوي في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، على إيجاد حلّ يمكّنهنّ من التغلّب على الآثار الناجمة عن التغيّر المناخي، وإدخال تقنيات جديدة لحلّ أزمة النفايات الصلبة، وذلك ضمن مشروع "إدارة النفايات الصلبة في قطاع غزة".

الصورة
شابات فلسطينيات في الورشة الخضراء في غزة 2 (عبد الحكيم أبو رياش)
 خلال عملية غسل البلاستيك (عبد الحكيم أبو رياش)

ويقوم المشروع صديق البيئة على ثلاثة أجزاء، فيدرس الجزء الأوّل الاحتياجات الخاصة بإعادة تدوير البلاستيك ونتائجها وصعوباتها، في حين يُصار في الجزء الثاني إلى توعية النساء بموضوع النفايات الصلبة وإعادة تدوير البلاستيك بهدف مواجهة التغيّر المناخي وآثاره. أمّا الجزء الثالث فيتعلق بتطبيق ما جرى التوصل إليه من خلال المشروع الريادي "الورشة الخضراء" في خان يونس.

وتُعَدّ ورشة إعادة تدوير البلاستيك المشروع الريادي النسائي الأوّل الذي تسيّره فلسطينيات بصورة كاملة، بهدف تمكين النساء، والتعريف بأهمية إعادة تدوير البلاستيك للحدّ من الآثار السلبية الناتجة عن التغيّر المناخي.

وتوضح المهندسة البيئية ولاء أبو طير التي تدير الورشة برفقة زميلتها أسماء طموس لـ"العربي الجديد" أنّ "المشروع هو ورشة لجرش البلاستيك وإعادة استخدامه كمادة خام أولية في الصناعات البلاستيكية". أمّا عمّا دفع هؤلاء الشابات إلى تنفيذ المشروع على أرض الواقع، فتقول أبو طير إنّ مشروعهنّ جاء للتخلّص من "معضلة تراكم النفايات البلاستيكية" التي كانت تواجههنّ خلال تنفيذ المبادرات البيئية. تضيف: "بدأت بإعداد دراسة جدوى لجرش البلاستيك، ووجدت أنّ العملية مجدية اقتصادياً وتُعَدّ مصدراً مُدِرّاً للدخل. وبما أنّني عاطلة عن العمل، بدأت بتنفيذ الفكرة على الأرض".

وتشرح أبو طير بأنّ "عملية إعادة التدوير تأتي في سلسلة من الخطوات تبدأ بجمع البلاستيك من كلّ مناطق قطاع غزة ووزنه، وتنظيفه بعد فرزه بحسب النوع واللون، وقطعه بمقصّ آلي، ثمّ جرش البلاستيك بواسطة ماكينة خاصة، وغسله في غسالة، وبعد ذلك شطف البلاستيك في حوض متخصّص، وتجفيفه، وتعبئته ووزنه وتغليفه، وصولاً إلى نقله وبيعه إلى التجار".

وتساهم خطوات المشروع في إنتاج البلاستيك الخام الذي يُعَدّ المادة الأولية التي تُستخدم في صناعة المنتجات البلاستيكية، من قبيل التمديدات الزراعية والكهربائية والديكورات والكراسي.

من جهتها، توضح المتخصصة أسماء طموس لـ"العربي الجديد" أنّه "من الممكن للمشروع أن يساعد في الحفاظ على البيئة من التلوّث، كذلك يساهم في التخفيف من النفايات البلاستيكية وظاهرة حرق النفايات، ويسعى في الوقت نفسه إلى تعزيز ثقافة فرز البلاستيك، إلى جانب تعزيز دور المرأة في المجتمع". تضيف طموس أنّ "المشروع يسعى إلى النهوض بصناعة البلاستيك والتدوير، إذ إنّها ركيزة اقتصادية خضراء مستدامة صديقة للبيئة، إلى جانب تعزيز القدرة الاقتصادية للفلسطينيات رائدات الأعمال، ومساعدتهنّ على التربّح من عملية إعادة تدوير البلاستيك ومراحلها العديدة".

الصورة
شابات فلسطينيات في الورشة الخضراء في غزة 3 (عبد الحكيم أبو رياش)
يساهم المشروع في إنتاج البلاستيك الخام (عبد الحكيم أبو رياش)

في الإطار نفسه، توضح منسّقة برنامج التمكين الاقتصادي في مركز شؤون المرأة ومنسّقة المشروع ريم النيرب لـ"العربي الجديد" أنّه "يهدف إلى تمكين النساء ورائدات الأعمال من مكافحة الآثار السلبية للتغيّر المناخي. ويُعَدّ مشروعاً مبتكراً يُشرف عليه المركز لإعادة تدوير البلاستيك".

وتعدّدت الخطوات الأولى للمشروع بحسب النيرب التي تشرح أنّ "العمل بدأ بدراسة تحليلية لخط الأساس لوضع النفايات الصلبة عموماً، وواقع النفايات البلاستيكية بصورة أساسية، ودور النساء في هذا المجال. وقد توصلنا إلى أنّ العمل في هذا المجال غير منظم وغير متسلسل، ولا تتوفّر أيّ دراسات سابقة حول الموضوع أو خطة واضحة للعمل فيه، الأمر الذي شجّعنا على تنفيذ المشروع على أرض الواقع".

وعن الفئات المستهدفة من خلال هذا المشروع الذي يشمل 302 امرأة، تقول النيرب إنّهما اثنتان. الفئة الأولى تضمّ الجزء الأساسي، أي النساء المهمّشات في المناطق الوسطى والجنوبية لقطاع غزة، تحديداً مناطق دير البلح وخان يونس ورفح. وقد كانت توعية لهؤلاء النساء عبر ورش العمل وجلسات إرشادية بأضرار البلاستيك عموماً وعلى المرأة خصوصاً، إذ هي الراعي الأساسي في داخل الأسرة، في حين يُصار إلى تشجيعهنّ على جمع البلاستيك لقاء مقابل مادي". أمّا الفئة الثانية بحسب النيرب فـ"تضمّ خرّيجات جامعيات عاطلات من العمل يُشرفنَ على مراحل العمل في داخل الورشة الخضراء لإعادة تدوير البلاستيك وجرشه، عبر مراحل متعددة. وقد ساعدهنّ المشروع في توفير فرص لتوفير دخل، بهدف تعزيز دورهنّ في المجتمع"، مشدّدة على "أهمية رعاية وتسليط الضوء على المشاريع التي تُدار من قبل نساء رائدات أعمال متخصصات في البيئة".