النظام السوري يسترضي أنصاره بأموال مساعدات الزلزال

28 مايو 2023
كثر في سورية محرومون من إعادة بناء منازلهم بعد الزلزال (كريم صاحب/ فرانس برس)
+ الخط -

يسعى النظام السوري إلى استغلال جزء من المساعدات العربية والدولية التي تلقّاها أخيراً، بعد زلزال السادس من فبراير/ شباط الماضي، لإرضاء الحاضنة الشعبية التابعة له، متجاهلاً محنة المتضرّرين من تلك الكارثة الطبيعية وكذلك ملايين المهجّرين النازحين في البلاد بسبب الحرب.

وفي هذا السياق، أعلنت محافظة اللاذقية، غربي سورية، ومجلس بلدية وطى الخان الواقعة في ريف اللاذقية، عن تسجيل طلبات إعادة تأهيل منازل متضرّرة جزئياً من جرّاء "الإرهاب" في قريتَي الكرت وساقية الكرت.

ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) التابعة للنظام الإعلان، الذي نشرته المحافظة اليوم الأحد، أنّ تقديم طلبات التأهيل تُقدَّم من قبل أصحاب العلاقة حصراً وفي الفترة الممتدة، ما بين 30 مايو/ أيار الجاري ويونيو/ حزيران المقبل، في مقرّ بلدية وطى الخان.

وقالت مديرة مكتب الإغاثة في الأمانة العامة لمحافظة اللاذقية دينا دندش إنّ مشروع التأهيل "مجاني بالكامل، ويُنفَّذ بالتعاون ما بين المحافظة ومنظمة الإسعاف الأولي الدولية بتمويل من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين". وأشارت إلى أنّه لا يُسمح بتقديم طلب تأهيل لمنزل سبق تأهيله، وأنه يحق للعائلة الاستفادة من طلب تأهيل منزل واحد فقط.

وكانت محافظة اللاذقية ومجلس بلدة قسطل معاف قد أعلنا قبل أربعة أيام عن تسجيل طلبات إعادة تأهيل منازل تضرّرت "من جرّاء الإرهاب" في قرى زنزف وبيت ملق وتميمة وبيت عيوش والريانة والسرايا في ريف المحافظة الشمالي والتابعة لبلدة قسطل معاف. ووفقاً لوكالة سانا، فإنّ القرى المذكورة طاولتها "اعتداءات التنظيمات الإرهابية التي كانت منتشرة في ريف اللاذقية الشمالي".

وبعد زلزال السادس من فبراير/شباط الماضي، تلقّت حكومة النظام السوري آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية العربية والدولية، بالإضافة إلى خمسين مليون دولار أميركي قدّمتها الإمارات نقداً لهذه الحكومة من أجل مساعدة المتضرّرين من الكارثة الطبيعية، إلى جانب مشاريع كثيرة تقيمها منظمات دولية بالتنسيق مع حكومة النظام.

وبحسب تقارير دولية عدّة، من بينها تقرير أعدّه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، فإنّ النظام السوري يتلاعب بالمساعدات الإنسانية بصورة متكررة من خلال منعها عن معارضيه ومنحها لآخرين.

وأفاد التقرير الأميركي الصادر في منتصف فبراير/شباط الماضي بأنّ النظام السوري يتمتّع بسلطة قوية تتحكّم بوصول منظمات الإغاثة، خصوصاً من خلال الموافقات على تأشيرات الدخول، لدرجة أنّه صار من الطبيعي بالنسبة إلى أقارب كبار مسؤولي النظام الحصول على وظائف في هيئات الأمم المتحدة.

وأضاف التقرير نفسه أنّه "بينما تساهم الحكومات الغربية المانحة بنحو 2.5 مليار دولار سنوياً من المساعدات الإنسانية، تستمرّ الاحتياجات في الارتفاع"، مشيراً إلى أنّ الحكومة السورية "تلاعبت بالمساعدات لأكثر من عقد من الزمن، ومنعت المساعدة عن المعارضين ووجّهتها إلى الحلفاء". وتابع أنّ "حالات التهديد والاعتقال التعسفي والتعذيب التي طاولت موظفي الإغاثة السوريين ازدادت خلال العام الماضي".

وعلى الرغم من التحذيرات، فإنّ الأمم المتحدة تواصل التنسيق مع حكومة النظام بشأن تقديم المساعدات الإنسانية. وقد زارت دمشق، الأسبوع الماضي، بعثة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين برئاسة ممثّلتها في سورية سيفانكا دانابالا، التي بحثت مع المسؤولين هناك "المشاريع التي تُنفَّذ بالتعاون مع المفوضية، وإمكانية تعزيزها بما يتناسب مع مرحلة إعادة الإعمار"، بحسب ما نقلت وسائل إعلام النظام.

وفي هذا الإطار، قال الناشط محمد الدوماني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "النظام السوري ما زال يحرم ملايين النازحين في سورية من العودة إلى منازلهم ومناطقهم، على الرغم من أنّه المتسبّب الأول في تهجيرهم منها". أضاف أنّ "مؤسسات النظام لا تعمد فقط إلى عدم تقديم أيّ مساعدة لهؤلاء النازحين في سبيل ترميم منازلهم المدمرة، بل هي تحرمهم كذلك من إعادة ترميمها على نفقتهم الخاصة وتضع عراقيل كثيرة أمام عودتهم إليها. ومن بين تلك العراقيل الحصول على موافقات أمنية، وإثبات عدم وجود أقارب لهؤلاء كانوا من المعارضة، بالإضافة إلى مصادرة ممتلكات كثيرين منهم بدعوى تورّطهم في الإرهاب".

تجدر الإشارة إلى أنّ تقريراً، نشرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان يوم الخميس الماضي، سلّط الضوء على القوانين التي أصدرها النظام السوري للسيطرة على الملكيات العقارية والأراضي في سورية، مبيّناً أنّها استهدفت نحو نصف سكان سورية من المهجّرين والمعتقلين والمختفين قسرياً والقتلى على يد قوات النظام الذين لم يُسجَّل معظمهم في السجل المدني.

المساهمون