أعلن المغرب، الأربعاء، إقرار رأس السنة الأمازيغية، عطلة وطنية رسمية، على غرار رأس السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية، في سابقة من نوعها في تاريخ المملكة.
وأعلن الديوان الملكي مساء الأربعاء، أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، وجه رئيس الحكومة عزيز أخنوش باتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل قرار إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية.
وقال الديوان الملكي، في بيان له، إن القرار الملكي يأتي" تجسيدا للعناية الكريمة، التي ما فتئ يوليها جلالته، للأمازيغية باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، كما يندرج في إطار التكريس الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية".
وظل مطلب الحركة الأمازيغية في المغرب بإقرار رأس السنة الأمازيغية مناسبة رسمية، على غرار رأسَي السنة الميلادية والهجرية، خلال السنوات الماضية، يراوح مكانه ويثير جدالا كبيرا في المشهد السياسي بالبلاد.
وقد دأبت الحركة الأمازيغية وجمعيات حقوقية عديدة، على رفع مطلب إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية، خصوصا في ظل سريان دستور عام 2011 الذي جعل اللغة الأمازيغية رسمية إلى جانب اللغة العربية، غير أنّ هذا المطلب الملح ظل عالقا بسبب ما تعدّه الحركة الأمازيغية غياباً للإرادة السياسية في ما يخصّ التعاطي الإيجابي مع هذا المطلب وإنصاف الأمازيغ عموماً في المغرب.
وكانت الدولة المغربية قد اعترفت باللغة الأمازيغية في الخطاب الملكي لعام 2001 في بلدة أجدير شمالي البلاد، قبل أن يُصار إلى الاعتراف الدستوري بها لغةً رسميةً في عام 2011، في حين صدر القانون التنظيمي المتعلق بمراحل تفعيلها في مجالات الحياة في عام 2019.
وتتباين تسميات رأس السنة الأمازيغية في المغرب من منطقة إلى أخرى، ما بين "إيض يناير" أو "إيض سكاس" أو "حاكوزة"، وهذا العام يُحتفى برأس سنة 2973 بالتقويم الأمازيغي. ويعتدّ الأمازيغ بهذا التاريخ، إذ إنّ تقويمهم يتجاوز التقويم الغريغوري (الميلادي) المعترف به عالميا بـ950 عاما.
وينقسم المؤرخون حول أصل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى فريقَين، الأول يرى أن اختيار 13 يناير من كلّ عام يرمز إلى الاحتفال بالأرض والزراعة، لذا يحكى عن "السنة الفلاحية"، في حين يعيده الفريق الآخر إلى إحياء ذكرى انتصار الملك الأمازيغي شاشناق على الفرعون المصري رمسيس الثاني.
وتطبع ليلة رأس السنة الأمازيغية (12-13 يناير) طقوس احتفالية شعبية تتميّز بإعداد أطباق مخصّصة لهذه المناسبة، من بين أبرزها الكسكس بسبع خضار، و"تاكلا". والأخير عصيدة تحضر بمزج دقيق الشعير أو الذرة مع الماء قبل أن توضع على النار لتنضج، ثمّ تُقدَّم بعد تزيينها باللوز والتمر أو البيض المسلوق بحسب الرغبة، فيما يُسكَب وسطها زيت زيتون أو زيت أرغان أو عسل.
وتعمد النساء إلى وضع "أغورمي" (نوى التمر) في "تاكلا" (أكلة رأس السنة) قبل تقديمها لأفراد العائلة، ويعتقد أن من يعثر على النوى في أثناء تناول العصيدة الساخنة سوف يكون الأوفر حظاً خلال السنة الفلاحية الجديدة.
كذلك تتضمن الاحتفالات إلقاء محاضرات وتنظيم أنشطة أكاديمية تنظّمها مؤسسات حكومية وجهات أمازيغية، في حين بدا لافتاً في الأعوام الأخيرة انتقال الطقوس الخاصة بالاحتفال من المجال الخاص إلى ذلك العام، لتصير ممارسة جماعية في البلاد.