المغرب: مشروع قانون يتبنى يتامى الزلزال

20 سبتمبر 2023
خسر بعض الأطفال كل شيء (سعيد الشريف/ الأناضول)
+ الخط -

تتّجه الحكومة المغربية، خلال اجتماع مجلسها المقرر يوم غد الخميس، إلى إقرار مشروع مرسوم بقانون يتعلق بمنح الأطفال ضحايا زلزال الحوز، الذي خلف نحو 3000 قتيل وآلاف الجرحى، صفة "مكفولي الأمة". ووجد عدد من أطفال قرى وبلدات المناطق المتضررة من الزلزال، خلال الأيام الأخيرة، أنفسهم أمام واقع جديد ومؤلم، بعدما خسروا أهلهم، وفقدوا بين ليلة وضحاها البيت الذي كان يؤويهم ويحميهم من التشرد والضياع.
وبحسب المعطيات الأولية التي أوردتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، الأسبوع الماضي، فإن حوالي 100 ألف  طفل تأثروا بالزلزال المدمر الذي ضرب مساحات شاسعة في خمسة أقاليم وسط المغرب في الثامن من سبتمبر/ أيلول الجاري. وكان الملك محمد السادس قد وجه، الأسبوع الماضي، بإحصاء الأطفال اليتامى الذين فقدوا أسرهم وأصبحوا من دون موارد، ومنحهم صفة "مكفولي الأمة".
وبحسب بيان أصدره الديوان الملكي، فإن منح صفة "مكفولي الأمة" للأطفال ضحايا الزلزال يهدف إلى "انتشالهم من هذه المحنة وحمايتهم من جميع المخاطر وجميع أشكال الهشاشة التي قد يتعرضون لها" بعد هذه الكارثة الطبيعية. وأعطى الملك أوامره للحكومة من أجل اعتماد إجراءات المصادقة على مشروع مرسوم القانون اللازم لهذا الغرض، وذلك في أقرب وقت.
وبمقتضى مشروع مرسوم القانون الذي ستقره الحكومة المغربية الخميس، سيتمكن الأطفال الذين فقدوا أسرهم في الزلزال من حمل صفة "مكفولي الأمة" وذلك بقرار ملكي، في وقت كان منح تلك الصفة يقتصر على أبناء العسكريين الذين يفقدون حياتهم أثناء خوضهم الحروب. وبموجب هذا المشروع، سيتمكن الأطفال اليتامى من الاستفادة من الرعاية المعنوية والمساعدة المادية إلى حين بلوغهم سن الرشد أو الانقطاع عن دراستهم، كما سيخولون الحق في الخدمات التي يمكن أن تقدمها لهم مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين، بحسب ما ذكره الظهير الشريف (الظهير مرسوم يقوم بإصداره ملك المغرب بصفته سلطة عليا وممثلاً أسمى للأمة) رقم 1 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4722 بتاريخ 2 سبتمبر/ أيلول 1999.
كما سيستفيد الأطفال اليتامى من تكفل الدولة، حسب الحالة، بمجموع أو بعض المصاريف المتعلقة بالنفقة والصحة والتمرس المهني والدراسة الضرورية لنموهم العادي، في حال كان هؤلاء المكفولون لا يتوفرون على موارد تمكنهم من سد حاجاتهم، أو كان الأشخاص الملزمون شرعاً بالنفقة عليهم غير قادرين على ذلك. 

ويمكن لمكفولي الأمة الاستفادة لأجل نفقتهم من إعانة إجمالية سنوية يحدد مبلغها وشروط وإجراءات منحها بنص تنظيمي، إلى حين بلوغهم سن الرشد أو زواج البنات منهم أو انقطاعهم عن الدراسة إذا كانوا لا يتوفرون على مدخول يساوي مبلغها أو يفوق مبلغ الأجرة الأساسية المنفذ للرقم الاستدلالي 100 المعمول به في الوظيفة العمومية (المرتب الأساسي السنوي الخاص بالرقم الاستدلالي الحقيقي 100 يعادل 4.715 درهما، أي أكثر من 400 دولار)، فضلاً عن الاستفادة من مجانية العلاجات الطبية والجراحية والاستشفاء في التشكيلات الصحية المدنية والعسكرية التابعة للدولة.
ومن بين الامتيازات التي يحظى بها "مكفولو الأمة" كذلك أنهم يقبلون على سبيل الأسبقية في المؤسسات الابتدائية ويتمتعون إذا كانوا يتابعون دراسة ثانوية أو عليا بحق الأسبقية في الحصول بالتساوي في الشروط على منح دراسية، وكذلك يكون الشأن في ما يتعلق بمؤسسات التمرس أو التكوين المهني العامة أو الخاصة.

دعم نفسي للأطفال (فرانس برس)
دعم نفسي للأطفال (فرانس برس)

بالإضافة إلى ذلك، يتمتع مكفولو الأمة بالأسبقية لولوج المناصب العامة بإدارات الدولة والمؤسسات العامة والجماعات العمومية والمشاركة في مباريات الالتحاق بالكليات والمدارس الوطنية الكبرى.
ويرى رئيس "منتدى حماية الطفولة"، عبد العالي الرامي، أن منح الأطفال يتامى الزلزال صفة مكفولي الأمة "مبادرة ملكية إيجابية أدخلت الطمأنينة على قلوب المغاربة بشأن المصير المجهول الذي كان يواجه عشرات الأطفال"، لافتاً إلى أنه بفضل تلك المبادرة سيستفيد أولئك الأطفال من مرسوم "مكفولي الأمة" الذي سيوفر لهم رعاية الدولة من مختلف الجوانب من مسكن ومأكل وتعليم والأسبقية في العمل.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويوضح الرامي لـ "العربي الجديد" أن مشروع المرسوم يأتي في سياق اتخاذ مجموعة من الإجراءات من قبل السلطات المغربية من أجل حماية الأطفال ضحايا الزلزال من بينها نقل 6000 طفل من مناطق الفاجعة إلى مدينة مراكش من أجل الاستفادة من التمدرس، وذلك في سياق استمرارية الحياة وإخراجهم من المناطق المنكوبة، معتبراً ذلك "مؤشراً على أن المغرب يتحرك نحو الأفضل ولمداواة الجراح وبعث الحياة من جديد في نفوس جميع أبنائه".
يتابع: "الآن هو زمن الإعمار وإعادة الأمور إلى نصابها وتوفير الرعاية النفسية والظروف الملائمة لهؤلاء الأطفال من أجل تنشئتهم في أجواء سليمة ومريحة لأن ما مروا به خلال الفاجعة وفقدان الوالدين لم يكن بالأمر الهين عليهم".
وكانت أصوات قد تعالت خلال الساعات التي تلت زلزال الثامن من سبتمبر مطالبة بحماية ومساعدة الأطفال ضحايا الكارثة معنوياً ومادياً، واعتماد برنامج تأهيلي لدعمهم نفسياً والترفيه عنهم، والحرص على عودتهم سريعاً لفصول الدراسة، وكذلك إطلاق حملات توعية ضد محاولات استغلالهم. 

المساهمون