أعاد حكم قضائي في حق 6 أشخاص اتهموا باغتصاب قاصر في إقليم (محافظة) طاطا (جنوب شرقي المغرب) بالحبس سنة واحدة، إلى الواجهة، الجدل حول مدى ملاءمة الأحكام والعقوبات الصادرة مع ما يقترفه مغتصبو الأطفال والقصر. وتفجّر الجدل مُجدداً، بالتزامن مع استعداد محكمة الاستئناف بمدينة أغادير، بعد غد الأربعاء، بدء جلسات محاكمة ستة أشخاص قضت المحكمة الابتدائية في المدينة ذاتها، في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في حقهم بالحبس النافذ سنة واحدة. وهو الحكم الذي اعتبره ناشطون حقوقيون وعائلة الضحية حكما "مخففا" يتعين تصحيحه في مرحلة الاستئناف. وتعود وقائع القضية إلى سنة 2021، إذ تعرضت الفتاة التي كانت تبلغ من العمر حينها 15 سنة، للاغتصاب المتكرر من قبل مساعد مدرب فريق نسوي لكرة القدم في إقليم طاطا، بالإضافة إلى 5 أشخاص من بينهم تاجر، وهو ما تسبب لها في حمل. في حين، تطالب عائلة القاصر وجمعيات حقوقية وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، بإنصاف الضحية وتشديد العقوبات في حق المتهمين الستة. وتعيد الواقعة الجديدة إلى الأذهان عاصفة الغضب بين المغاربة التي أشعلها قبل أكثر من شهر حكم قضائي بالحبس سنتين في حق ثلاثة متهمين توبعوا في قضية "اغتصاب جماعي لطفلة قاصر نتج عنه حمل" في إقليم الخميسات. وهي العاصفة التي لم تقتصر على الأوساط الحقوقية والنسائية، بل امتدت كذلك إلى الأوساط الحكومية. وفيما تحولت هذه الحادثة إلى قضية رأي عام في المغرب، مخلفة مجموعة من التساؤلات حول مدى توفير القوانين اللازمة لحماية ضحايا الاعتداءات الجنسية، خاصة الأطفال، كان لافتا تشديد محكمة الاستئناف في العاصمة المغربية الرباط، الأحكام الصادرة في حق مغتصبي ما بات يعرف في المغرب بطفلة تيفلت، حيث قضت في 14 إبريل/نيسان الماضي، بالحكم بالسجن 20 سنة في حق المتهم الرئيسي، وبـ10 سنوات في حق المتهمين الآخرين. ويعيش الشارع المغربي، في السنوات الأخيرة، حالة من الغضب بعد توالي حوادث اغتصاب وقتل الأطفال، وطالبت منظمات تُعنى بقضايا الطفولة بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق مرتكبي تلك الأفعال الإجرامية، وعمدت منظمات غير حكومية إلى إثارة نقاش حول صرامة القوانين المغربية. وفي السياق، يرى رئيس جمعية "منتدى الطفولة" (غير حكومية)، عبد العالي الرامي، في حديث مع "العربي الجديد "، أن إصدار أحكام مخففة في حق أشخاص ثبت تورطهم في الاعتداء الجنسي على أطفال وقصر، من شأنه أن يبعث برسائل طمأنة إلى مغتصبي الطفولة، الذين لن يتورعوا عن تكرار أفعالهم، ما دام نهش الطفولة لا يكلف سوى عقوبات بسيطة لا تردع الجناة"، مؤكدا على ضرورة الضرب بيد من حديد للحد من ارتفاع هذه الظاهرة المرضية. ويشدد الرامي على ضرورة عدم إهمال الجانب النفسي في قضايا الاغتصاب، مضيفا: "لا أحد يتساءل، بعد الحكم، ما إذا كان الطفل سيخضع لعلاج نفسي، من آثار تعرّضه للاغتصاب"، داعيا إلى مواكبة النفسية للضحايا، لأن ترك الضحايا بندوب ما تعرّضوا له قد ينذر بتفاقم وضعهم النفسي، مما قد يجعلهم يفكرون في الانتقام من المجتمع وإعادة إنتاج ما تعرضوا له.
وينصّ القانون الجنائي المغربي، على معاقبة أفعال هتك عرض أو محاولة هتكه، مرتكبة في حق كل طفل أو طفلة تقلّ سنه عن 18 عاماً، بعقوبة السجن لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، بحسب الفصل 484 من القانون الجنائي.
وتتضاعف العقوبة في حالة اقتران هتك العرض بالعنف ضدّ الطفل الذي تقلّ سنّه عن 18 عاماً أو العاجز أو المعوق أو المعروف بضعف قواه العقلية، فيُحكم على الجاني بالسجن من عشر سنوات إلى عشرين. أما الاغتصاب المرتكب في حق فتاة تقل سنها عن 18 عاماً أو العاجزة أو المعوقة أو المعروفة بضعف قواها العقلية أو الحامل، فيعاقب بالسجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة. وتتضاعف تقريباً هذه العقوبة إذا كان الفاعل من أصول الضحية أو ممن لهم سلطة عليها أو وصاية عليها أو ممن يقدمون خدمة بالأجرة ونتج عن هذا الاغتصاب فض بكارة المجني عليها، بالتالي تتراوح مدة السجن بين عشرين عاماً وثلاثين.