المغرب: تحذير بشأن مأساة المتضررين من الزلزال

28 فبراير 2024
وسط الدمار في ظل بطء إعادة الإعمار (فاضل سنا/ فرانس برس)
+ الخط -

مرّ أكثر من خمسة أشهر على وقوع زلزال المغرب في وقت لا يزال المتضررون يعانون الأمرين، جراء بطء تنفيذ الوعود، والعيش في خيام وسط الأمطار والصقيع.

أعرب ائتلاف مدني في المغرب عن قلقه حيال تفاقم معاناة السكان المتضررين من زلزال إقليم الحوز الذي ضرب عدداً من المناطق في البلاد في الثامن من سبتمبر/ أيلول الماضي، وأدى إلى مقتل نحو 3000 ودمار كبير، مطالباً الحكومة بتسريع وتيرة الإعمار والحد من معاناة السكان.
وبعد مرور أكثر من خمسة أشهر على زلزال إقليم الحوز الذي وصف بأنّه الأقوى في تاريخ المغرب منذ قرن، واستهدف أقاليم الحوز، ومراكش، وورزازات، وشيشاوة، وأزيلال، نبه "الائتلاف المدني من أجل الجبل"، في رسالة مفتوحة وجهها إلى رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، إلى بعض من معاناة سكان المناطق المتضررة من زلزال الحوز، معتبراً تلك المعاناة "مسؤولية وطنية تفرض تحركاً بشكل عاجل من الحكومة لوضع حد لها".
ويقول المنسّق الوطني للائتلاف محمد الديش لـ "العربي الجديد"، إنه "باستثناء التقدم الطفيف الحاصل على مستوى توصل المتضررين من الزلزال بالدفعة الأولى من الدعم الذي أقرته الحكومة للمتضررين، فإن ما حصل عليه الائتلاف من شكاوى سكان المناطق المتضررة من الزلزال ومن تمثيلياته في جهات سوس، وماسة، ومراكش، وآسفي، ودرعة، وتافيلالت، وخنيفرة، وبني ملال، تظهر أن السكان لا يزالون يعيشون المعاناة نفسها، في ظل استمرار عيشهم في الخيام، وعدم قدرتهم على الاستقرار في منازلهم المنهارة، وعدم وجود مأوي يضمن لهم العيش الكريم".
ويوضح: "لا يزال أثر الزلزال يثقل كاهل سكان المناطق الجبلية، وخصوصاً مع حلول فصل الشتاء القارس. وفي وقت لا تزال الأنقاض تملأ الشوارع، يعيش العديد من المتضررين في خيام نصبت في سبتمبر/ أيلول الماضي بشكل عاجل، علماً أنها لا تقيهم قساوة البرد، كما أنها لا تصمد في وجه الأمطار والبرودة ناهيك عن نقص المواد الأساسية". يتابع: "عاينّا من خلال مجموعة من الفيديوهات التي وصلت الائتلاف أوضاعاً صعبة يعيشها المتضررون بمجرد هطول الأمطار وحدوث سيول، والتي تتسبب في ضياع مؤنهم وما يملكون، علماً أن ظروف العيش تكون قاسية جداً في المناطق التي تشهد انخفاضاً في درجات الحرارة".

ويقول إنه "في مقابل هذه الأوضاع، هناك بطء كبير على مستوى الإعلان عن المنهجية وطريقة تنفيذ خطط إعادة الإعمار، وغياباً للمعلومات حول تلك الخطط"، لافتاً إلى حدوث تأخر غير مفهوم في آليات عمل وكالة تنمية الأطلس الكبير التي أحدثتها الحكومة لتأهيل المناطق المتضررة من الزلزال، ما جعل قطاعاً واحداً يعمل وهو وزارة الداخلية، في وقت كان يفترض فيه ألا يضطلع ذلك القطاع بعمل الوكالة". يتابع: "لا نعرف ولم نفهم سبب التأخر الحاصل في عمل الوكالة التي كان من الممكن أن تضبط التقاء جميع المتدخلين، وتسرع الأشغال وعمليات الإحصاء والتعويض وإعادة الإعمار وتوفير الحاجيات اليومية الملحة من تطبيب وتمدرس وتشغيل".
وتتمثّل المهام والصلاحيات المنوطة بالوكالة في إنجاز مشاريع البرنامج، لا سيما إنجاز مشاريع إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة مع أخذ البعد البيئي في الاعتبار، واحترام تام للتراث المتفرد وتقاليد وأنماط عيش سكان المناطق المعنية وضوابط ومعايير البناء المقاوم للزلازل، وإنجاز مشاريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المناطق المستهدفة المدرجة بهذا البرنامج.
وبحسب إحصائيات رسمية، بلغ عدد المتضررين من الزلزال 2.8 مليون نسمة، ما يمثل ثلثي السكان في هذه المناطق. في حين كانت السلطات المغربية قد قررت، في إطار برنامج الطوارئ لإعادة إيواء المتضررين من الزلزال والتكفل بالفئات الأكثر تضرراً، منح مساعدة مالية طارئة بقيمة 30 ألف درهم مغربي (3000 دولار) للأسر المعنية، و140 ألف درهم (13.500 دولار) للمساكن التي انهارت بالكامل، و80 ألف درهم (7700 دولار) لتغطية أشغال إعادة تأهيل مساكن انهارت جزئياً.

الخيام لا تقيهم برد الشتاء (فاضل سنا/ فرانس برس)
الخيام لا تقيهم برد الشتاء (فاضل سنا/ فرانس برس)

كما أعلنت إطلاق ورش ضخمة لإعادة إعمار القرى التي دمرها الزلزال، بميزانية مقدارها 120 مليار درهم (11.7 مليار دولار) على مدى خمس سنوات، وتستهدف 4.2 ملايين نسمة. كما قررت اللجنة فتح اعتمادات بقيمة 2.5 مليار درهم (نحو 250 مليون دولار)، من أجل المباشرة الفورية في مشاريع إعادة الإعمار العاجلة في مجالات التعليم، والصحة، والتجهيز، والسكن، والثقافة، والسياحة، والفلاحة، والأوقاف.

مطالب ملحة

وفي ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المتضررون من الزلزال، طالب الائتلاف المدني رئيس الحكومة بالتدخل العاجل لوضع حد لمعاناتهم، عبر التعجيل بإجراءات عدة، على رأسها تسريع عملية إعادة الإعمار، من خلال توفير الدعم المالي اللازم، وتسهيل الإجراءات الإدارية، وتوفير سكن لائق للمتضررين، بدلاً من الخيام التي لا تقيهم قساوة البرد. كما طالبت الرسالة بإشراك سكان المناطق المتضررة في عملية إعادة الإعمار، من خلال إتاحة الفرصة لهم للمشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبل مناطقهم، وتحسين التواصل مع المواطنين عبر إطلاعهم على خطط إعادة الإعمار ومراحل تنفيذها، والتحقيق في التناقضات والتضارب في المعلومات المتعلقة بتقييم الأضرار وتوزيع المساعدات.

الخيام لا تقيهم برد الشتاء (فاضل سنا/ فرانس برس)
ينتظر الانتقال إلى مسكن لائق (فاضل سنا/ فرانس برس)

وشددت الرسالة على ضرورة إعادة بناء كل منزل مهدم بفعل الزلزال، بغض النظر عن مكان إقامة صاحبه ومالكه، ضماناً لتقوية ارتباط أصحابها بمسقط رأسهم، وبناء مسكن لكل رب أسرة مقيمة في المناطق المتضررة، وإعادة بناء وتقوية البنية التحتية، مع الحرص على جعلها مقاومة للزلازل.
في المقابل، تؤكد الحكومة أنه جرى إصدار تراخيص إعادة البناء لصالح 30 ألف طلب على مستوى عدد من الجماعات، وذلك بموازاة تمكين الأسر من الاستفادة من المواكبة الدقيقة وتصاميم نموذجية تراعي خصوصية المنطقة. وتلفت إلى أن مختلف السلطات المختصة تواصل جهودها من أجل تمكين جميع الأسر المستحقة من مبالغ الدعم المقررة، تجسيداً للعناية الملكية التي يوليها الملك محمد السادس لضحايا الزلزال منذ أولى اللحظات، وتماشياً مع ما تتطلبه المرحلة من إجراءات وتدابير للتخفيف عن الضحايا ودعمهم في أفق عودة الحياة الطبيعية بشكل كامل وإعطاء نفس تنموي جديد للمناطق المعنية.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وفي ما يخص التدخلات الميدانية المتعلقة بإزالة الأنقاض على مستوى المساكن، سجلت لجنة البين الوزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، أنه حتى 29 يناير/ كانون الثاني 2024، تم التدخل على مستوى 4233 مسكناً من أصل 6.676 طلباً. فضلاً عما سبق، جرى تجهيز 137 آلية إضافية لإزالة الأنقاض منذ 14 يناير/ كانون الثاني الماضي، الأمر الذي مكّن من بلوغ 303 آليات مخصصة لهذا الغرض. وعلى مستوى قطاع التعليم، جرى الوقوف على الخبرة التقنية المنجزة على 80 في المائة من المدارس المتضررة البالغ عددها 1709 مؤسسات.

المساهمون