احتفلَ المغاربة، صباح الخميس، بأوّل أيام عيد الفطر، في ظلّ استمرار فرض تدابير احترازية بسبب تفشي فيروس كورونا في البلاد. وللعام الثاني على التوالي، لم يتمكّن المغاربة من أداء صلاة عيد الفطر في المساجد والمصلّيات، وما يرافق ذلك من أجواء روحية، من جراء منع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إقامة صلاة عيد الفطر سواء في المصليات أو المساجد، نظراً إلى "التوافد الذي يتم عادة في هذه المناسبة"، و"نظراً لصعوبة توفير شروط التباعد"، بحسب بيان صادر عن الوزارة.
ويقول المرشد الديني محمد العلوي: "كان المشهد المعتاد في عيد الفطر شوارع مكتظة برجال ونساء وأطفال في طريقهم لأداء صلاة العيد، ومصليات عامرة بالمصلين. لكن مع الأسف، يغيب هذا المشهد، للسنة الثانية على التوالي، بسبب الجائحة والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات. وهو أمر أحزننا، وحاولنا أن نتجاوزه بإقامة صلاة العيد في المنازل بحضور أسرنا الصغيرة وأفراد من عائلتنا".
يضيف في حديث لـ "العربي الجديد": "صحيح أنّنا افتقدنا الأجواء الروحانية التي تطبع صلاة العيد في المصليات والمساجد، من دعاء بصوت واحد وتبادل التهاني، لكن، على الأقل، حاولنا خلق أجواء فرحة العيد داخل البيوت قدر الإمكان، من خلال إقامة الأجواء العائلية المحببة والمرحة، للتأكيد على أن الفرحة ممكنة في هذه الظروف الاستثنائية".
وفي وقت كان لعيد الفطر في العام الماضي ملامح مختلفة في زمن كورونا، فإن عيد هذه السنة شهد عودة تدريجية لبعض العادات الاجتماعية من خلال حرص الكثير من الأسر المغربية على تنظيف البيوت ووضع زينة العيد وإعداد الحلويات.
وتقول خديجة السرار، وهي ربة منزل، لـ "العربي الجديد": "خلافاً للعام الماضي، غابت العديد من العادات بسبب فرض الحجر المنزلي، وحرصت هذه السنة على اقتناء الملابس التقليدية المغربية وتنظيف البيت لاستقبال الضيوف صبيحة العيد، وإعداد حلويات تقليدية مغربية لتزيين المائدة تحضر في الأيام الأخيرة من شهر رمضان"، لافتة إلى أن فرحة وأجواء العيد لا تكتمل من دون ذلك.
بالإضافة إلى العادات والتقاليد الاجتماعية والدينية التي درج عليها المغاربة منذ القدم، فإن العيد يُعَدّ فرصة لتعزيز صلة الرحم.
ويقول الناشط عز الدين المصلي، لـ "العربي الجديد": "خلافاً للعام الماضي الذي عشنا فيه إغلاقاً كاملاً تعذر معه إمكانية التواصل وتبادل الزيارات من جراء تفشي كورونا، اتّسم عيد هذه السنة بإصرار المغاربة على الاحتفال وتبادل الزيارات مع الجيران والأقارب".
يضيف: "هذا العام، لم تتغير الكثير من عادات الناس وتقاليدهم. هناك إصرار على الاحتفال وإن كان ذلك بالحد الأدنى، كتعزيز صلة الرحم مع الأقارب الذين يقطنون في المدينة نفسها، وتبادل التهاني معهم ومع الأصدقاء".
واعتادت العائلات المغربية اقتناء ملابس العيد لأبنائها قبل أيام قليلة من حلول عيد الفطر، وقد شهدت العديد من الأسواق المغربية ازدحاماً خلال الأيام القليلة الماضية. وكان هناك إقبال لافت على الأسواق الشعبية والأسواق الكبرى والمتاجر .
في المقابل، لم يكن الإقبال على اقتناء الملابس التقليدية من قبيل "الجبادور" و"الكندورة" و"الجلابية" كثيفاً كما كان خلال سنوات ما قبل كورونا. ويقول أحمد العوني، وهو بائع ملابس تقليدية بمدينة سلا القريبة من العاصمة المغربية الرباط، لـ "العربي الجديد ": "خلال الأيام التي سبقت العيد، سجل إقبال متوسط على الملابس التقليدية بالمقارنة مع ما كان عليه الحال خلال السنوات السابقة قبل تفشي فيروس كورونا. لكن، يبقى أفضل مما كان عليه الحال العام الماضي".
وفي وقت استبقت السلطات المغربية عيد الفطر بالإعلان عن استمرار سريان الإجراءات الاحترازية التي كانت قد اتخذت في شهر رمضان لمواجهة خطر المتحور الهندي لفيروس كورونا، سواء تعلق الأمر بحظر التجول الليلي من الثامنة مساءً وحتى السادسة صباحاً، أو بتشديد التنقل بين المدن بحسب ما كان عليه الأمر سابقاً، كان لافتاً في أول أيام عيد الفطر، إقبال كبير للمغاربة صغاراً وكباراً على المتنزهات العامة والمقاهي والمطاعم من أجل الترفيه عن النفس واستعادة فرحة العيد قبل موعد حظر التجول الليلي.