- يطالب المعلمون، بما فيهم النازحون، بإنشاء صندوق التكافل التعليمي لتأمين رواتب تقاعدية ويسعون للتعاون مع منظمات المجتمع المدني لضمان عيش كريم.
- رغم الاحتجاجات، لم تستجب السلطات لمطالبهم، مما يعكس أزمة في قطاع التعليم بشمال غربي سورية، تشمل تحديات إدارية واقتصادية وفجوة تمويلية تؤثر على الجودة التعليمية.
نظم المعلمون المتقاعدون وقفة احتجاجية، اليوم السبت، أمام مديرية التربية في إدلب شمالي سورية، احتجاجا على تسريحهم التعسفي منذ السنة الماضية، بحجة التقاعد من دون حصولهم على مستحقاتهم وتوقّف مصدر دخلهم الوحيد.
واعتبر المعلمون المتقاعدون أنفسهم مطرودين بشكل تعسفي، نظراً لعدم منحهم أي رواتب تقاعدية أو إعادتهم للعملية التعليمية، حتى يتمكنوا من الحصول على رواتب تقيهم الحاجة والعوز، بعد رحلة تفانيهم الطويلة في التدريس وتنشئة الأجيال.
يقول المعلم عمر حاج حسن، البالغ من العمر (60 عاماً)، إنه شارك رفقة زملائه في الوقفة الاحتجاجية، لرفع مطالبهم إلى الجهات المعنية من وزارة تربية ورئاسة حكومة ومجلس شورى، مشيرا إلى أن معظم المعلمين "المطرودين" من عملهم هم نازحون يقيمون في مخيمات النزوح ويفتقرون لأدنى مقومات الحياة، وتسبب توقف مصدر رزقهم وعدم تواجد مهنة أخرى في مضاعفة معاناتهم.
المعلمون المتقاعدون يطالبون برواتب تقاعدية
وأوضح أن مطالبهم ترتكز حول عدة محاور، أهمها تأمين رواتب تقاعدية للمعلمين عبر إنشاء صندوق التكافل التعليمي والذي يمكن من خلاله اقتطاع دولارين فقط من راتب كل معلم ليساعد المعلمين المتقاعدين على تأمين مبلغ صغير يمكنهم على العيش بكرامة على الأقل.
وأضاف أن المحور الآخر يتركز حول إيجاد آلية للبحث مع منظمات المجتمع المدني لتبني مطالبهم وتأمين رواتب تقاعدية للمعلمين، إذ بلغ عدد المعلمين المتقاعدين في إدلب 304 معلمين متقاعدين، بعضهم ما زال على رأس عملهم لعدم وجود البديل.
ويضيف المعلم عبد الله ملندي (65 عاماً) لـ"العربي الجديد" أنه من الظلم أن يتم طرد المعلم من وظيفته بحجة التقاعد من دون تأمين راتب تقاعدي له يحفظ له ماء وجهه بما تبقى من حياته التي أفناها في التربية والتعليم، مؤكدا أنها ليست المرة الأولى التي يطالبون فيها بحقوقهم، فعلى مدار عامين من الحوارات واللقاءات مع المعنيين لم يخرجوا بنتائج مثمرة لتأمين دخل ولو بمبلغ 100 دولار فقط لكل معلم متقاعد.
يقول ملندي: "معاناتنا كمعلمين متقاعدين بلا دخل ولا راتب لا توصف، حيث أمضى كل معلم فينا أكثر من 35-40 عاماً من عمره بالعملية التعليمية ليصل في نهاية المطاف لحافة الفقر المدقع، إنه أمر مؤسف ويجب أن ينظر المعنيون لهذا الأمر بجدية ويسعون للمساعدة في تحسين أوضاع المعلمين المتقاعدين في أسرع وقت ممكن".
ومع محاولة مدير التربية بإدلب ورئيس مكتب وزير التربية لاستقبال وفد من المعلمين المتقاعدين والاستماع إليهم ووعده بنقل معاناتهم للجهات العليا، إلا أن ملندي لا يثق فيما يمكن أن يحققوه، خاصة وأنهم لم يجدوا أي أذن صاغية حتى اليوم رغم تكرر الاحتجاجات.
من جانبها، قالت المعلمة روان القزيز (33 عاماً) من "المؤلم أن يجد المعلم نفسه بعد كل جهده وتعبه في العملية التعليمية مهمشا مطرودا بلا أي اهتمام ولا مصدر دخل، كلنا معنيون بمعاناة هذه الفئة، ولابد من إيجاد سبل لحل مشكلاتهم المعيشية"، مطالبة كافة المسؤولين بالعمل على تحسين واقع المعلمين في المنطقة، خاصة المتقاعدين الذين وصلوا إلى أعمار لا يمكن معها العمل في مهن أخرى، أو حتى تعويض يمكّنهم من إنشاء مشروع صغير يؤمّنون من خلاله احتياجاتهم الأساسية.
وبحسب تقديرات سابقة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن التعليم من الأولويات الثلاث الأولى في المنطقة، بعد إدارة الخدمات وقضايا التعافي المبكر، غير أن فجوة التمويل في قطاع التعليم ضمن مناطق شمال غربي سورية بلغت 38.7 مليون دولار.
وتتعرض العملية التعليمية في شمال غربي سورية لمشكلات إدارية واقتصادية تستهدف الكادر التدريسي، إذ وجد كثير من المعلمين أنفسهم إما مطرودين بلا رواتب تقاعدية أو مضطرين لترك مهمتهم وشغفهم بالمهنة، وانخرطوا في أنشطة أخرى لتأمين كفاف عائلاتهم.