اللبنانية ليليان شعيتو تحتضن طفلها بعد عامين من المعاناة والمرارة

05 اغسطس 2022
اللقاء الأول بعد عامين بين ليليان شعيتو وابنها علي (فيسبوك)
+ الخط -

لم يكن أمس الخميس يوماً عادياً في حياة اللبنانية ليليان شعيتو، إحدى ضحايا انفجار مرفأ بيروت، فبعد عامٍ من الغيبوبة وعامين من المعاناة المريرة ومن حرمانها رؤية طفلها علي، أُتيح للأم الملهوفة ولأول مرة أن ترى فلذة كبدها، في لقاءٍ مؤثرٍ لم يكن ليحصل لولا ضغط الرأي العام وحملات المناصرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ليليان، التي ذاقت الأمرّين، سواء لناحية منعها من رؤية "علّوشي"، كما كانت تناديه، تارةً بحجّة وضعها الصحي وتارةً أخرى بحجّة جائحة كورونا، أو لناحية منعها من السفر لمتابعة علاجها في الخارج، لا تزال طريحة الفراش في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، منذ الرابع من أغسطس/آب 2020. غير أنّ الذكرى الثانية للانفجار لامست قلبها ووجدانها، فكانت رؤية طفلها الوحيد بمثابة جرعة أملٍ أعادت لها الروح والحياة.

نوال شعيتو، شقيقة الضحية، وصفت لـ"العربي الجديد" اللقاء الأول بين علي ووالدته بعد عامين على الفراق "تفاعلت ليليان بشكلٍ لا يوصف، فقد تركت "علّوشي" في ذلك اليوم المشؤوم، وهو بعمر الشهرين، لتعود وتراه أمس وقد بلغ عمره سنتين وشهرين. لم تفارقه لحظة، رافقته ولاحقته بعينيها، كيفما تجوّل في غرفة المستشفى. اقترب منها، فسارعت إلى مدّ يدها والتمسّك به، وبدأت شفاهها ترتجف، وكأنّها تريد مناداته باسمه، علي".

ليليان، التي فتحت عينيها بعد 18 يوماً على الانفجار، واستفاقت من غيبوبتها مطلع العام 2021، تحدّثت مع ابنها قبل سنة عبر تقنية "اتصال الفيديو" فقط، وذلك جراء ضغط الإعلام ومناشدته المحكمة الجعفرية إنصافها حينها.

وتسرد نوال كيف أنّ علي لم يتذكّر والدته ولم يعرفها، غير أنّ والده ردّد أمامه القول "هذه ماما، سلّم عليها واسألها كيف حالها"، فاقترب منها وسألها "كيفك يا ماما؟"، فكان أن نطقت ليليان بكلمة "ماما" لأول مرة أمام علي "بعد أن كانت تردّدها أحياناً خلف اللعبة التي اخترناها خصيصاً لتؤنس وحدتها، وتعوّضها غياب علي واشتياقها إليه، وذلك بعد استشارتنا معالجة نفسية، أثنت على هذه الخطوة".

الشقيقة، التي تروي معاناة ليليان، وكيف كانت تبكي لدى مشاهدتها طفلاً على التلفاز، تقول "الحمدلله أنّها سمعت كلمة "ماما" من علّوشي، وليس من اللعبة. ونشكر الله أنّنا وصلنا لاتفاقية تقضي بأن يزورها علي مرة بالأسبوع، ولو أنّها غير كافية، لكنّها تبقى أفضل من حرمانها منه".

وعن حالتها الصحية، قالت نوال إنّ "وضع ليليان بات أفضل، ومن المؤكّد أنّها ستتحسّن بشكلٍ أسرع بوجود علي في حياتها وبعد رؤيتها له. لكنّها طبعاً لا زالت تعاني شللاً نصفيّاً، فهي غير قادرة على المشي والكلام. كما أنّها تستطيع تحريك يدها وقدمها اليسرى بشكلٍ جيد، لكن اليد والقدم اليمنى بشكلٍ طفيفٍ جداً".

وتابعت نوال "تجيبنا بعينيها ورأسها، ولا يزال أمامها علاج طويل، من العلاج الفيزيائي وعلاج النطق إلى العلاج الانشغالي والنفسي. لكن للأسف علاجها غير موجود في لبنان، وقد نصحنا الأطباء بالسفر إلى ألمانيا أو تركيا أو سويسرا". وكشفت أنّ "جواز سفر شقيقتها بات بحوزتهم، ولا زال أمامنا إنجاز المعاملات، غير أنّ وزارة الصحة العامّة، والتي من المفترض أن تغطّي تكاليف السفر والعلاج، تتقاعس عن تغطية نفقة علاج ليليان في لبنان، حتّى أنّها رفضت تغطية كلفة علاجها في أحد مراكز العلاج الفيزيائي المتخصّصة بحالتها، فكان أن أبقيناها في المستشفى، حيث تتكفّل الأخيرة، مشكورة، بنفقة العلاج".

المساهمون