طبيبان وممرض سوريون: النظام السابق مارس علينا ضغوطاً لتغيير شهاداتنا حول هجوم دوما الكيماوي
استمع إلى الملخص
- انتشر فيديو يظهر الفوضى بالمستشفى، واتهم ناشطون الحكومة السورية بالمسؤولية، بينما نفت دمشق ذلك، واستُدعي الشهود للاستجواب تحت تهديدات.
- في يناير 2023، أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مسؤولية القوات الجوية السورية عن الهجوم، ودعت لاتخاذ إجراءات دولية، وهو ما نفته دمشق وموسكو.
روى طبيبان وممرّض سوريون من مدينة دوما في محافظة ريف دمشق، في مقابلات حصرية مع وكالة فرانس برس، أنّهم تعرّضوا لضغوط من قبل النظام السوري السابق في السابع من إبريل/ نيسان 2018، بعد إسعافهم عشرات المصابين من جرّاء هجوم بغاز الكلورين، وذلك من أجل إنكار معاينتهم أعراضاً تؤشّر إلى قصف بسلاح كيماوي. وكان ذلك الهجوم قد استهدف حينها مبنى قريباً من مستشفى ميداني نُقل إليه المصابون، وكان الطبيبان والمسعف المشار إليهم في عداد طاقمه.
وبعد وقت قصير، انتشر تسجيل فيديو قصير على شبكة الإنترنت يُظهر حالة من الفوضى داخل المستشفى، فيما يسعف أعضاء من الطاقم الطبي المصابين، من بينهم أطفال. واتّهم ناشطون ومسعفون، حينها، الحكومة السورية بالوقوف خلف الهجوم الذي أسفر عن مقتل 43 شخصاً، الأمر الذي نفته دمشق. وأكّد الشهود الثلاثة أنّهم استُدعوا إلى مقرّ الأمن الوطني عقب الهجوم.
وقال الطبيب المتخصص في جراحة العظام محمد ممتاز الحنش لوكالة فرانس برس: "أُبلغت بأنّه يتوجّب عليّ الخروج ومقابلة الجهات الأمنية (في دمشق) وأنّها تعلم بمكان وجود أهلي في دمشق". أضاف: "ذهبنا، فريق من الأطباء الموجودين في المستشفى، إلى مبنى الأمن الوطني وقابلنا محقّقاً، وحاولنا قدر المستطاع إعطاء إجابات عامة. سُئلت مثلاً عمّا حدث في ذلك اليوم وأين كنت وماذا شاهدت وماذا عن الناس الذين تعرّضوا للاختناق؟ حاولنا أن نجيبهم أجوبة غير موجّهة. فأخبرتهم أنّني في قسم الجراحة (...) والمصاب بالكيماوي لا يُنقَل إلى قسم العمليات". وتابع الحنش أنّه برّر أعراض الاختناق الخفيفة بـ"السواتر الترابية" حول المستشفى، التي نُصبت آنذاك لحمايته من القصف الذي كانت تتعرّض له مدينة دوما بعد حصار محكم، أحد أبرز معاقل المعارضة بالقرب من العاصمة دمشق.
وقد طُرحت الأسئلة نفسها على طبيب الطوارئ والعناية المشدّدة حسان عبد المجيد عيون الذي أفاد وكالة فرانس برس: "حين دخلت إلى المحقق (...) كان مسدّسه على الطاولة وموجّهاً نحوي. قال لي: الحمد لله على سلامتك وسلامة أهلك وسلامة مئة ألف شخص لا نريدهم في دوما".
بدوره، خضع موفق نسرين، الذي كان حينها مسعفاً وممرّضاً، للاستجواب، بعدما ظهر في تسجيل الفيديو (المذكور آنفاً) يربّت على ظهر فتاة مبلّلة وقد جُرّدت من ملابسها لإخراج البلغم من قصبتها الهوائية من جرّاء تنشّق غاز سام. وقال نسرين لوكالة فرانس برس: "كنت تحت الضغط لأنّ عائلتي في دوما مثل معظم عائلات الكادر الطبي (...) أخبرونا أنّ أيّ هجوم كيميائي لم يقع (...) وأنّهم يريدون أن ننهي هذه القصة وننكرها لتفتح دوما صفحة جديدة من دون مداهمات واعتقالات" تستهدف سكّانها.
وكان الهجوم قد وقع بعد حصار قاسٍ وحملة قصف كثيفة تعرّضت لها مدينة دوما في ريف دمشق، وقبل يوم واحد من إعلان روسيا التوصّل إلى اتّفاق مع فصيل معارض لوقف إطلاق النار وإجلاء مقاتليه إلى الشمال السوري. وقد أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في أواخر يناير/ كانون الثاني من عام 2023، أنّ محقّقيها خلصوا إلى أنّ "القوات الجوية العربية السورية هي التي نفّذت الهجوم"، الأمر الذي نفته دمشق وموسكو على حدّ سواء. وقال رئيس منظمة حظر الأسلحة الكيماوية فرناندو أرياس، في بيان حينها، إنّ "العالم يعرف الآن الحقائق"، مضيفاً أنّ "الأمر متروك للمجتمع الدولي من أجل اتّخاذ إجراءات" في هذا الشأن.
(فرانس برس، العربي الجديد)