المسن الفلسطيني حلمي الغول يتذكر بلدته "هربيا" بعد 74 عاماً على النكبة

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
15 مايو 2022
حلمي الغول
+ الخط -

لم يملك التسعيني الفلسطيني حلمي الغول، حبس دموعه حين ذكر اسم قرية "هربيا" المُحتلة، والتي هُجر منها قسراً مع عائلته في النكبة عام 1948، على أيدي عصابات "الهاغانا" الصهيونية، ليصبحوا نازحين في داخل وطنهم، أو لاجئين في بلاد العالم.

كانت قرية "هربيا" تتبع قضاء غزة قبل عام 1948، وهي تقع على بعد 15 كيلومتراً شمال قطاع غزة، وتحيط بها قرى الجورة، وبربرة، والخصاص، وبيت جرجيا، وتحدها من الشرق أراضي دير سنيد، ومن الجنوب أراضي بلدة بيت لاهيا.

بكثير من الألم الممزوج بالحنين إلى أرضه و"بيارته"، يستذكر المسن الفلسطيني لحظة تهجيره من قريته، ضمن تهجير عشرات آلاف الفلسطينيين من بلداتهم وقراهم في عام 1948، حين قامت العصابات الصهيونية بقتل البشر، وهدم الحجر، وطرد من تبقى على قيد الحياة من السكان.

لم ينسَ حلمي الغول معالم قريته ذات البيوت الطينية، ولا أراضيها الزراعية ذات المحاصيل الوافرة، كما لم ينسَ ما قامت به العصابات من تغيير لملامح المدن، في محاولة لمحو التراث الفلسطيني، وتهويدها بشكل كامل.

يبدأ الحاج حلمي، وهو من مواليد عام 1929، حديثه مع "العربي الجديد"، في بيته المليء بالصور القديمة التي تجمعه مع أفراد أسرته، باستذكار الحياة الآمنة في قريته الزراعية، والتي كانت ذات عادات وتقاليد فلسطينية أصيلة.

يقول: "كنت أمتلك بستاناً مكوناً من 55 دونماً زراعياً، وكنت أزرع فيه مختلف أصناف الحمضيات، مثل الليمون والبرتقال والكلمنتينا والمندلينا، وأصناف الخضار مثل الخيار والبندورة والباذنجان، إلى جانب كروم العنب، وأشتال التفاح، وقصب السكر، وكان البيت الكبير ينتصف الأرض".

يضيف الغول، وهو يتحسس "مفتاح العودة" الذي ما زال يحتفظ به: "كانت هربيا سلة غذاء نظراً لخصوبة تربتها، وكانت الزراعة أساس عمل معظم سكانها قبل أن يتم طردنا منها، وتحويل أراضيها إلى مستوطنة وموقع زيكيم العسكري".

التسعيني الفلسطيني حلمي الغول يحتفظ بمفتاح العودة (العربي الجديد)
التسعيني الفلسطيني حلمي الغول يحتفظ بمفتاح العودة (العربي الجديد)

تكتظ ذاكرة المهجر الفلسطيني بالكثير من الأحداث حول تفاصيل التهجير المأساوية، يقول: "لحظة الهجرة كانت صادِمة، إذ كان الرصاص يأتي من كل حدب وصوب، وكانت المشاهد مروعة، ما حدا بالناس إلى الفرار بأرواحهم، فقد كان كل شيء مستهدفاً".

ويروي أنّ عائلته قامت بتحميل الأمتعة والمستلزمات الأساسية على الجمل، ليتوجهوا إلى قطاع غزة، وكانت جباليا النزلة في شمال القطاع هي محطتهم الأولى، وبفعل الحمل الثقيل مات الجمل قبل الوصول إلى وجهتهم، ما دفعهم إلى استئجار وسيلة نقل مقابل ثلاث ليرات، وكانت الليرة تحظى آنذاك بقيمة كبيرة.

يتابع: "سكنا في البيارة، وبدأنا بزراعة الحمضيات والفواكه والخضروات التي اعتدنا على زراعتها في بلدتنا المُحتلة، وكانت تجمع المودة عائلتي مع عائلات أخرى من قطاع غزة، من بينها عائلة الريس وعائلة الغصين".

التسعيني الفلسطيني حلمي الغول يحلم بالعودة إلى هربيا (العربي الجديد)
التسعيني الفلسطيني حلمي الغول على أمل العودة إلى هربيا (العربي الجديد)

تتوق نفس التسعيني الفلسطيني إلى العودة إلى قريته التي هُجر منها، وإلى أجواء السلام والأمان التي كانت تحف البلدات الفلسطينية المُحتلة قبل النكبة والاحتلال الإسرائيلي لها، ولا يتوقف عن وصف بلدته بأنها "جنة"، ويقول "فش (لا يوجد) أعز من الوطن، أمنية حياتي العودة إلى بلدتي المحتلة، وأن أبقى بها حتى آخر لحظة في عمري".

التسعيني الفلسطيني حلمي الغول يحتفظ بصور قريته هربيا (العربي الجديد)
التسعيني الفلسطيني حلمي الغول يحتفظ بصور قريته هربيا (العربي الجديد)

ذات صلة

الصورة
تجمّع مياه صرف صحي في خانيونس - غزة - 1 يوليو 2024 (عبد الرحيم الخطيب/ الأناضول)

مجتمع

تُسجَّل أزمة في الصرف الصحي بقطاع غزة، تفاقمت في الآونة الأخيرة. والمشكلة التي تهدّد صحة المواطنين، راحت تعرقل حركتهم مع تجمّع المياه العادمة على الطرقات.
الصورة
المشهد حول سجن "عوفر" قبيل ساعات من الإفراج عن أسرى بموجب صفق التبادل (العربي الجديد)

سياسة

دان نادي الأسير الفلسطيني، جريمة الإعدام الميداني التي نفّذها جيش الاحتلال بحق أربعة أسرى من غزة، مشيراً إلى أنها تشكّل جريمة حرب جديدة
الصورة
الحصص المائية للفلسطينيين منتهكة منذ النكبة (دافيد سيلفرمان/ Getty)

مجتمع

في موازاة الحرب الإسرائيلية على غزّة يفرض الاحتلال عقوبات جماعية على الضفة الغربية تشمل تقليص كميات المياه للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية.
الصورة
انتشال جثث ضحايا من مبنى منهار بغزة، مايو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

قدّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وجود أكثر من 10 آلاف فلسطيني في عداد المفقودين تحت الأنقاض في قطاع غزة ولا سبيل للعثور عليهم بفعل تعذر انتشالهم..
المساهمون