تعتزم الحكومة العراقية تأسيس مركز للتعايش السلمي وحماية التنوع في البلاد، في خطوة تعنى بحل جميع المشاكل التي تواجهها المكونات العراقية، وإشاعة الخطاب المعتدل، مؤكدة أن حقوق المكونات وحمايتها في صلب اهتماماتها.
ووفقاً لمستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون المكونات، نوفل بهاء موسى، فإن "هذا المركز سيكون مشابهاً للكثير من المراكز الموجودة في العالم، يُعنى بحماية المكونات والأقليات والأديان والشعور الوطني لكل فرد في هذا البلد"، مبيناً في تصريح لصحيفة "الصباح" الرسمية، اليوم السبت، أن "هذا المركز سيعنى بحل جميع المشاكل التي تواجهها المكونات وبثّ خطاب صحيح يؤدي بالنهاية إلى وعي وثقافة مجتمعية لأبناء المجتمع ويؤسس للمرحلة المقبلة".
وأضاف: "هناك عمل على هيكلية مهام هذا المركز لتقديمه إلى رئيس مجلس الوزراء لإقراره بأمر ديواني، ليكون جزءاً من حماية المكونات"، مؤكداً أن "هناك حاجة لتعزيز دور المكونات في هذا البلد وإيقاف عمليات الهجرة عبر الاهتمام بها والحفاظ عليها".
ونبه إلى "وجود تقصير في وزارة التربية من ناحية توعية الطفل بأبناء الديانات والمكونات، بحيث يصل الطالب إلى الجامعة وهو لا يعلم ما هو دين أو معتقد زميله الذي رافقه طوال سنوات الدراسة، في وقت أن الاهتمام بواقع المكونات يمكن أن يوصل رسالة إيجابية إلى المجتمع الدولي عن العراق".
وأكد أن "منهاج حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تضمن الاهتمام بالمكونات بعد ما عانته منذ 2003 ولغاية احتلال تنظيم "داعش" الإرهابي لمحافظة نينوى عام 2014، وكان الموضوع الأبرز هو تشكيل لجنة خاصة بموضوع التجاوز على أملاك المسيحيين وتقديم رؤية مستقبلية لعمل هذه اللجنة المشكلة من مجموعة من الجهات المعنية بهذا الملف كدائرة عقارات الدولة ومجلس القضاء الأعلى ووزارة الداخلية ومستشارية الأمن الوطني وجهاز المخابرات وصدور أمر ديواني بعد موافقة مجلس الوزراء على تشكيلها، وهي مستمرة بالعمل منذ شهرين، وقد شخصت اللجنة ظلماً كبيراً على المكون بالتجاوز على أملاكه والاستيلاء عليها من قبل البعض لتهجيرهم".
ولفت إلى أن "أكثر محافظتين وقع فيهما تجاوز على أملاك المكونات هما بغداد ونينوى، ولم تقتصر على المنازل فحسب، بل على الأراضي الزراعية، حيث تقدر الأملاك المتجاوز عليها بملايين الدولارات، وتحويلها من أراضٍ زراعية إلى سكنية وتقسيمها وبيعها كاستثمار من دون معرفة أصحابها الأصليين، إضافة إلى ما يحصل في دوائر التسجيل العقاري من تزوير"، مشيراً إلى أن "اللجنة تأكدت من صحة معلومات عمليات البيع والشراء لأبناء هذا المكون والنظر بصورة مباشرة للشكاوى المقدمة للجنة من قبل العوائل واتخاذ القرارات المناسبة لحل جميع الإشكالات".
وبخصوص التغيير الديمغرافي في سهل نينوى، أكد موسى "تشكيل لجنة من رؤساء الكنائس في المنطقة للوقوف على عمليات التصارع والنزاع على الأراضي والممتلكات بين المكونين المسيحي والشبكي"، مؤكداً أن "هذا الإجراء حلّ ما يقارب 80 بالمائة من المشكلة، وعزز ثقة المكونات بالحكومة وثقة الحكومة بالمجتمع، ما يعزز بقاءهم داخل البلد، ومنع فقدان لون ومكون أساسي من مكونات الشعب".
يجري ذلك في وقت يوجه فيه أبناء المكون المسيحي بالعراق، انتقادات للإجراءات الحكومية لحماية المسيحيين من الانتهاكات وإعادة أملاكهم، معتبرين أن الإجراءات ليست بحجم الانتهاكات وعمليات السلب والتزوير التي تعرضت لها تلك الأملاك، من قبل جهات متنفذة حزبياً ومليشياوياً.
ورغم استعادة القوات العراقية لمدينة الموصل وسهل نينوى ذي الأكثرية العربية المسيحية، منذ ما يزيد على 6 سنوات، إلا أن عمليات عودة العراقيين المسيحيين لديارهم ما زالت تواجه مشاكل كثيرة، أبرزها هيمنة الجماعات المسلحة الحليفة لإيران على مناطق واسعة، وتنصل الحكومات المتعاقبة في بغداد من تعهدات إعادة إعمار مدنهم.