العراق: سكان قرى الخازر ممنوعون من العودة إلى قراهم بأوامر من البيشمركة

02 نوفمبر 2020
ما زالوا مبعدين بقرارات من القوات الكردية (Getty)
+ الخط -

رغم مضيّ أكثر من أربع سنوات على طرد مسلحي تنظيم "داعش" منها، إلا أن سكان 14 قرية عربية شرقي محافظة نينوى، تُعرَف باسم قرى الخازر، ما زالوا مبعدين عنها، بقرارات من القوات الكردية التابعة لإقليم كردستان العراق (البيشمركة)، التي توجَد داخلها وتستخدم منازلها ومزارعها في صورة مشابهة لما يحدث في بلدات أخرى تستولي عليها مليشيات مرتبطة بإيران، وتمنع عودة أهلها إليها، كبلدة جرف الصخر والعودة ويثرب والعويسات ببابل وصلاح الدين والأنبار ومناطق أخرى من العراق.

وأطلق ناشطون عراقيون وسماً تحت عنوان قرى الخازر، للتذكير بمعاناة سكانها الذين يقيمون في مخيمات غير بعيدة عن قراهم، مطالبين الحكومة العراقية والسلطات في أربيل إعادة السكان النازحين إلى مناطقهم.

فيما دعا مرصد "أفاد" (غير حكومي) السلطات في إقليم كردستان ومسعود البارزاني، في بيان له إلى "الأخذ بالاعتبار معاناة أهالي تلك القرى، والسماح لهم بالعودة إليها، ولملمة الجراح وإنهاء الملفات المعقدة التي خلّفها تنظيم داعش".

وأشار إلى أن السماح بعودة سكان قرى الخازر إلى مناطقهم "ينعكس إيجاباً على الاستقرار في الموصل وإقليم كردستان العراق بشكل عام".

ويفيد مثنى الطائي، وهو ناشط إغاثي في مناطق سهل نينوى وتلعفر، بأن أسباب عدم عودة النازحين إلى قراهم في منطقة الخازر سياسية، مشيراً إلى أن "البيشمركة هي التي تسيطر أمنياً على المناطق التي حررتها من سيطرة داعش في الخازر ومخمور المجاورة ومناطق أخرى، وسمحت فقط بعودة العوائل الكردية إليها، فيما تواصل منع العوائل العربية".

ويؤكد الطائي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه "ليس أمام سكان هذه القرى سوى البقاء في المخيمات لفترة أطول حتى نيل حقهم في العودة"، مبيناً أن "قضية هؤلاء النازحين طُرحت أمام جميع الجهات السياسية في العراق، لكن لا يوجد أي تحرك لمصلحتهم".

وأضاف: "حياة قاسية يعيشها النازحون، فهم بالإضافة إلى كونهم يعيشون في مخيمات بسيطة ومتهالكة تحت ظروف جوية صعبة، وخاصة في فصلي الصيف والشتاء، لكن الأصعب من هذا أنهم يشاهدون قراهم ومنازلهم من بعيد دون أن يتمكنوا من العودة إليها".

وفي إشارة إلى خطة ضمّ أراضٍ تسعى إليها حكومة إقليم كردستان العراق، بمنع عودة سكانها الأصليين إليها، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لها في يوليو/ تموز الماضي، إن حكومة إقليم كردستان لا تزال تمنع نحو 1200 أسرة عربية من العودة إلى منازلهم في خمس قرى بعد أكثر من 6 سنوات على استعادة المنطقة من تنظيم (داعش) في أواخر عام 2014.

وتقول الباحثة الأولى في قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش بلقيس والي: "إن السلطات الكردية تمنع الآلاف من سكان القرى العرب من العودة إلى منازلهم دون أي سبب قانوني"، لافتة إلى أن حكومة كردستان سمحت لسكان القرى المجاورة من الأكراد بالعودة، ما يوحي بأن العرب ممنوعون من العودة عقاباً لهم.

 محمد الصالح، أحد النازحين في مخيمات الخازر، يتهم حكومة كردستان بأنها لا تقول الحقيقة، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أن "قرى الخازر لم تتضرر جميعها. عدد قليل منها تضرر بفعل الحرب، وتمكنت قوات البيشمركة الكردية من السيطرة عليها وهروب قوات داعش".

وتابع: "منطقتنا آمنة ولم يعد فيها أي عناصر من تنظيم داعش، وما تقوله حكومة إقليم كردستان بأن منظقة الخازر ما زالت مهددة بعودة داعش بعيد عن الصحة"، مشدداً على أن "كردستان غايتها وضع اليد على منطقتنا لضمها إلى الإقليم الكردي".

بدورهم دشّن ناشطون عراقيون حملة على منصة "تويتر" طالبوا فيها بعودة النازحين داخل المخيمات إلى مناطق سكناهم في قرى الخازر.

واعتبر ناشطون أن مثل هذه القضية المهمة سهلة الحل بالنسبة إلى شخص مثل مسعود البارزاني، رئيس إقليم كردستان السابق، وصاحب القوة الأكبر في الإقليم الكردي.

وفي مشاركته بالتعبير عن رأيه في معاناة سكان الخازر، غرّد صحافي شارك في تغطية المعارك في الموصل، أنه كان شاهد عيان على تفجير القوات الكردية منازل سكان الخازر العرب. ووفق تعبيره، فهذا دليل على نية مبيتة لطردهم ومنعهم من العودة إلى قراهم ومنازلهم.

واستغرب مغردون الحال الذي تعيشه آلاف العوائل المشردة الممنوعة من العودة إلى منازلها دون أن تتكفل بمساعدتهم وإرجاع حقوقهم لهم بإعادتهم إلى قراهم أي جهة حكومية وطنية أو دولية.

وحول الموضوع، يؤكد زياد السنجري، المتحدث باسم مرصد "أفاد"، المعني بمتابعة الملفات الإنسانية والانتهاكات في البلاد، أن حل مشكلة أكثر من 10 آلاف إنسان تكمن في جرة قلم من مسؤولي الإقليم.

ويضيف: "النازحون موجودون أساساً في مناطق سيطرة البيشمركة داخل المخيمات، بمعنى أنهم يعرفونهم ويدققونهم أمنياً، والقرى يرونها رأي العين أمامهم، لكن هناك جهات داخل البيشمركة لا تريد إعادتهم إلى منازلهم وقراهم"، مطالباً رئيس الحزب الديموقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، بالتدخل لإنهاء معاناة القرويين مع بدء حلول فصل الشتاء القاسي على المنطقة عموماً، وعلى سكان المخيمات خصوصاً.

المساهمون