الطلاب السوريون في أوكرانيا منسيون من النظام والمعارضة

26 فبراير 2022
أوكرانيون يغادرون العاصمة كييف مع بدء الاجتياح الروسي (بيير كروم/Getty)
+ الخط -

ما إن اقترب الهجوم الروسي على أوكرانيا، حتى بدأت الحكومات بالتواصل مع جالياتها وإجلاء الراغبين في المغادرة، وحثّ رعاياها على التزام المنازل كي لا يتعرضوا للخطر، لكنّ هذا لم يحصل مع الطلاب السوريين، يصل عددهم إلى الألف يتوزعون بين العاصمة كييف ومدن أخرى، وتُركوا دون أي اهتمام من النظام السوري أو الجهات الرسمية في المعارضة.

يقول الخبير في الشؤون الأوكرانية، السوري فرهاد شيخ بكر، لـ"العربي الجديد"، إن عدد الطلاب السوريين في أوكرانيا تراجع كثيراً بعد الثورة، عام 2011، إذ كان يتركز معظمهم في كييف، أما الآن فهناك نحو 20 طالباً في المدينة فقط، أما أوديسا فكان فيها نحو 500 طالب والآن العدد لا يتجاوز الـ20، وهم الآن كغيرهم من المواطنين الأوكرانيين والمقيمين على الأراضي الأوكرانية الذين تأثروا بالهجوم الروسي.

ويشير إلى أن التواصل وعمليات سحب الأموال من أجهزة الصراف الآلي لم تتأثر كثيراً، لكن أصبح السحب مقتصراً على النهار فقط بسبب حظر التجول الليلي، ولوحظ أن معظم الطلاب توجّهوا إلى الملاجئ وابتعدوا عن المناطق التي تشهد توترات أمنية، إذ لا توجد منظمات رسمية تعنى بشؤونهم، بسبب ما تشهده سورية من أحداث، والطلاب يتدبّرون أمورهم بأنفسهم، وهناك العديد ممن توجّهوا نحو دول الجوار، خاصة من قاطني المناطق التي شهدت عمليات أمنية وقصفاً من قبل الجيش الروسي.

بدوره، يقول طالب الدراسات العليا في مدينة أوديسا، محمد علي، لـ"العربي الجديد"، إن سبب تراجع أعداد الطلاب السوريين في أوكرانيا يعود إلى أن الحكومة الأوكرانية توقّفت عن منح التأشيرات للطلاب بعد اندلاع الثورة، واقتصر الأمر على حاملي إقامات الدول الأوروبية والخليجية، ويتوزع هؤلاء الموجودون حالياً بين مدن أوديسا ودنيبرو وخاركيف وكييف، وهؤلاء يعتمدون على الحوالات التي تأتي من أهاليهم، ومعظمهم لا يودعون أموالهم في البنوك لأنها تحتاج إلى بيانات تطلبها الحكومة حول مصدر هذه الأموال.

ويضيف أن الكثير من الطلاب يرغبون في الخروج نحو الدول الأوروبية، لكنهم عالقون بسبب تقطّع الأوصال، ومن يرغب في الانتقال من مدينة إلى أخرى يضطر إلى دفع مبالغ باهظة، وبعضهم لجؤوا إلى مراكز إسلامية خاصة ساعدتهم في تأمين مأوى ووسائل نقل، حيث لا توجد أي جهة رسمية تابعة للنظام أو المعارضة تهتم بشؤونهم.

وبحسب علي، فإن بعض الطلاب وجدوا فرصة للوصول إلى الدول الأوروبية بعد فتح الحدود لأنها كانت ممنوعة عليهم، وأصبح الطالب يفاضل بين البقاء وبين الوصول إلى دولة أوروبية تعتبر الأفضل على صعيد المعيشة والدراسة وفرص العمل.

ويؤكّد أن هناك الآلاف من الطلاب العرب العالقين الذين لم تتواصل معهم حكومات بلادهم، وهؤلاء وقعوا ضحية لضعاف النفوس من تجار الأزمات الذين يطلبون مبالغ تقدّر بآلاف الدولارات من أجل نقل طالب بين مدينة وأخرى، أو نحو الحدود البولندية، دون مراعاة لمخاطر بقاء هؤلاء الطلاب في المناطق التي تشهد توتراً.

ويلفت في سياق حديثه إلى أن الحكومة الأوكرانية لم تمدد للسفير السوري منذ بداية عام 2019 بسبب اعتراف النظام السوري بشبه جزيرة القرم، وهذا انعكس أيضاً على حياة العائلات السورية التي تراجع عددها إلى بضع مئات قليلة تتوزع بين المدن التجارية وخاصة مدينتي كييف وأوديسا، واقتصر الوجود السوري على رابطة يقوم عليها سوريون قادمون من مناطق النظام ولا تهتم بشؤون الطلاب المعارضين وهي جهة غير رسمية في الأساس.

وانتقد علي هذا التقصير من قبل المؤسسات السورية، وأشار إلى أن الطلاب يمثّلون الواجهة للسوريين في المغترب، وقال متسائلاً "كيف يتركون لمصيرهم دون أي اهتمام، مع تردّي الأوضاع الأمنية ووصول القصف إلى العاصمة والمدن الرئيسية" والعتب الأكبر بحسب قوله يقع على عاتق جهات المعارضة، إذ لا يمكن لوم النظام الذي قتل السوريين في بيوتهم ولا يطلب منه رعاية شؤونهم خارج البلاد.

وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد اعتبر أن روسيا تدافع عن نفسها والعالم ومبادئ العدل والإنسانية، وقال إن "ما يحصل اليوم هو تصحيح للتاريخ وإعادة للتوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفيتي"، وأشار إلى أن "الهيستيريا الغربية تأتي من أجل إبقاء التاريخ في المكان الخاطئ لصالح الفوضى التي لا يسعى إليها إلا الخارجون عن القانون، وأن روسيا اليوم لا تدافع عن نفسها فقط وإنما عن العالم وعن مبادئ العدل والإنسانية".

وأضاف في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، أن سورية تقف مع روسيا انطلاقاً من قناعتها بصوابية موقفها، ولأن مواجهة توسع الناتو هي حق لروسيا لأنه أصبح خطراً شاملاً على العالم، وتحول إلى أداة لتحقيق السياسات غير المسؤولة للدول الغربية لضرب الاستقرار في العالم.

أما على صعيد المعارضة، فدان الائتلاف الوطني السوري، في بيان ما أسماه بـ"الغزو" الروسي لأوكرانيا، ودعا دول العالم للتصدي له بحسم، قائلاً "لا يريد الشعب السوري أن يشهد المزيد من الإجرام الروسي المقترن بخذلان دولي في أي جزء جديد من العالم، بعدما عانى وما يزال يعاني من مجازر روسيا وجرائمها في سورية".

المساهمون