الصين تخشى زيادة تفشي الإصابة بمرض ألزهايمر

21 يونيو 2023
مريض ألزهايمر داخل أحد مستشفيات الصين (شين زونكوي/Getty)
+ الخط -

أظهر تقرير صادر عن المركز الطبي للأمراض العصبية في العاصمة بكين، أنه تم خلال السنوات الثلاث الماضية تشخيص 15 مليون إصابة بمرض ألزهايمر بين المسنين، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى نحو 50 مليون إصابة بحلول عام 2050. ومع ارتفاع أعداد المسنين في البلاد، يتزايد عدد الأشخاص الذين يصابون بمرض ألزهايمر بشكل أسرع مما يستطيع نظام الرعاية الصحي التعامل معه، الأمر الذي يشكل عبئاً كبيراً على ملايين العائلات في المجتمع الصيني، عدا عن المخاوف الحكومية من تداعيات ذلك في ظل ارتفاع نسبة الشيخوخة وتراجع معدلات المواليد الجدد. 
وينذر تأثر ملايين الأسر بألزهايمر خلال الفترة المقبلة في ظل نقص موارد الرعاية بحدوث أزمة اجتماعية، وخصوصاً أنه من دون الوصول إلى خدمات الرعاية المهنية، يتعين على الأفراد تحمّل أعباء مضاعفة. ويضطر كثيرون إلى التخلي عن أعمالهم لرعاية أقاربهم المسنين بشكل يومي، وغالباً ما يعاني هؤلاء مادياً، ويرون أن صحتهم العقلية والبدنية تتدهور مع مرور الوقت، ولا يزال من غير الواضح كيف يمكن للصين التكيف مع هذا الواقع الجديد.
لين تشي وهو موظف سابق، شُخّص والده السبعيني بمرض ألزهايمر قبل أربع سنوات. ومنذ ذلك الحين، قرر التخلي عن عمله من أجل التفرغ لرعايته، نظراً لعدم قدرته على إيداعه في مراكز رعاية متخصصة بسبب كلفتها الباهظة. يقول لـ "العربي الجديد": "بعد تدهور حالة أبي الصحية وفقدانه الذاكرة تماماً، كان لا بد أن أبقى إلى جانبه، كونه يحتاج إلى رعاية على مدار الساعة. وتزداد حالته سوءاً كل يوم. لم أكن أتوقع أن تنقلب حياتي رأساً على عقب. تركت عملي في مركز جباية الضرائب، وأعتمد الآن على راتب أبي التقاعدي وهو بالكاد يغطي احتياجاتنا اليومية".

أسعار المراكز الصحية ليست بمقدور عائلات كثيرة (شين زونكوي/ Getty)
تكاليف المراكز الصحية تفوق قدرات عائلات كثيرة (شين زونكوي/Getty)

وعن صعوبة رعاية من يعانون من ألزهايمر، يوضح لين أن كل لحظة هي بمثابة مرارة يومية يتجرعها الأبناء لناحية حيث الشعور بعجز آبائهم وتحولهم إلى أطفال، وإيجاد لغة مشتركة، ومحاولة تنشيط الذاكرة، وهي أمور تحتاج إلى أشخاص ذوي كفاءة ومهارات خاصة للتواصل مع من فقدوا ذاكرتهم. يضيف أن ما يهمه الآن هو الحفاظ على سلامة والده، لافتاً إلى أنه في إحدى المرات، وبينما كان والده جالساً أسفل المجمع السكني من أجل التعرض للشمس، ذهب لشراء بعض الحاجيات وعندما عاد لم يجده، وظل مختفياً لمدة ثماني ساعات قبل أن تعثر عليه الشرطة وهو يتجول في منطقة خطرة محاذية لسكة قطار.
من جهته، يقول الأستاذ المعيد في جامعة خواتشونغ للعلوم، دا فنغ، لـ "العربي الجديد"، إن "تراجع الذاكرة المرتبط بتقدم العمر يُعتبر جزءاً طبيعياً من الشيخوخة. لذلك، يبدو الأمر نتيجة حتمية لارتفاع أعداد المسنين في البلاد. فألزهايمر هو أحد الأمراض الشائعة، وكل شخص معرض للإصابة به بمجرد أن يتقدم في السن ويتجاوز عقده الثامن أو التاسع. لا شك في أن المسؤولية جماعية، لأن أعداد المصابين تفوق قدرة الدولة على التعامل بصورة مثلى مع هذه الفئة"، مضيفاً أن ذلك يحتم على الأسر والأفراد ومراكز الرعاية تحمّل جزء كبير من مهام المتابعة والرعاية.

ويوضح أن المشكلة تكمن في أن عدداً قليلاً من مراكز رعاية المسنين يقبل استقبال مرضى ألزهايمر بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، وتقوم بعض هذه المراكز بتقييم الحالة العقلية للمتقدمين وتدرس ما إذا كانوا يشكلون خطراً على الآخرين. كما أن هناك دور رعاية تصنف مرضى ألزهايمر على أنهم مجموعة عالية الخطورة، فضلاً عن أن معظم هذه المراكز تفتقر إلى الموارد البشرية والكوادر المؤهلة للتعامل مع هذا المرض. لكن في المقابل، إن نسبة قليلة من الأسر لديها القدرة المالية لوضع مرضاها في مراكز التأهيل، وتبقى النسبة الأكبر من المرضى في البيوت وتتلقى رعاية بالحد الأدنى الذي يضمن لها فقط الاستمرار على قيد الحياة لناحية تأمين الغذاء والدواء والاعتناء بالنظافة الشخصية.

ورغم توسيع السلطات الصينية أنظمة رعاية المسنين، لكنها تكافح لمواكبة الحجم الهائل للتغيرات الديموغرافية، وعمدت خلال السنوات الأخيرة إلى إنشاء مئات مراكز رعاية المسنين، كما أطلقت خطة تأمين رعاية طويلة الأجل، وقدمت إعانات لخدمات الرعاية المنزلية.
لكن تزايد نسبة المسنين والأعداد الهائلة لمرضى ألزهايمر تشكل عائقاً كبيراً، ويعتقد خبراء أن عدم الفصل بين الرعاية التي يحتاجها كبار السن، والرعاية التي يحتاجها مرضى ألزهايمر والخلط بينهما، يشيران إلى أنه ليست هناك خطة حكومية ناضجة للتعامل مع هذه الأزمة.

المساهمون