تجهل فاتن المعراتي التي تبلغ الـ45 من العمر وتعيش في مخيمات مشهد روحين شمالي إدلب في الشمال السوري، أرقام التواصل مع جهاز الدفاع المدني أو أي مركز صحي قد يقدم لها خدمة الإسعاف بعد منتصف الليل. وجعلها ذلك تتكبد عناء تحمّل أعراض إصابتها بالتهاب معوي حاد ومفاجئ في إحدى الليالي من دون أن تتلقى أي نوع من المساعدة الطبية.
تقول لـ"العربي الجديد": "تبعد أقرب نقطة طبية أو مستشفى نحو 10 كيلومترات عن مخيم مشهد روحين بإدلب، ولا يملك كثيرون في المنطقة أي وسيلة نقل للوصول إلى هذه المراكز، خاصة في وقت متأخر من الليل، ما يضاعف الأعراض في حال إصابتهم بمرض، ويؤخر في مرحلة تالية فترة علاج المرض ومتابعته، وهو ما حصل لي".
بدورها، تخبر النازحة حياة السلوم (55 عاماً) التي تقيم في مخيمات قاح شمالي إدلب "العربي الجديد" أنها حاولت من دون جدوى الاتصال بالمنظومة الإسعافية للدفاع المدني السوري بعد منتصف الليل من أجل إسعافها بعدما تعرضت لنوبة ارتفاع في نسبة السكر بالدم، وتقول: "اتصلت مرات برقم إسعاف نشرته وسيلة إعلامية محلية لكنني لم أتلقَ أي رد فحُرمت من أي خدمة إسعاف، وزادت حالتي سوءاً لدرجة أنني كدت أن أفارق الحياة".
تضيف: "يخلو مخيمنا من أي مراكز طبية وإسعاف ما يضطر المرضى إلى البحث عن وسيلة نقل خاصة خلال أوقات الليل للحصول على خدمات صحية. ومن يحالفه الحظ فقط يستطع الوصول إلى هذه الخدمات حين يكون في أمسّ الحاجة إليها".
من جهته، يقول مسؤول برنامج الصحة في الدفاع المدني السوري الطبيب عثمان العمر لـ"العربي الجديد": "تزداد خلال الشتاء نسبة الخدمات الطبية والإسعافات التي تقدمها فرقنا في مخيمات شمال غربي سورية، ونحن نوفر احتياجات مماثلة خلال الصيف لكنها ترتفع في شكل كبير خلال الشتاء بسبب انتشار الأمراض، مثل نزلات البرد والانفلونزا الموسمية، إضافة إلى أمراض الجهاز التنفسي الناتجة من الأدخنة وانبعاثات المدافئ التي تستخدم مواد غير آمنة وغير صحية مثل البلاستيك والفحم الحجري، باعتبارها تلائم الظروف الإنسانية الصعبة للأهالي، لكنها قد تؤدي إلى إصابات خطرة وحالات اختناق".
يتابع: "تنفذ فرقنا جولات لتقديم الرعاية الصحية في المخيمات وقياس العلامات الحيوية للمرضى وكبار السن ونسب السكري وضغط الدم، كما تقدم خدمات لتبديل ضمادات جروح وتعقيمها. أيضاً تنقل الفرق المرضى وتحوّلهم إلى المستشفيات من أجل تخفيف أعباء التنقلات عنهم، خاصة مرضى الفشل الكلوي الذين نخصص سيارات لنقلهم إلى مراكز غسل الكلى في شكل دوري وفي المواعيد المحددة، كما نوفر خدمات للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، بما يتناسب مع أوضاعهم واحتياجاتهم".
ويؤكد عثمان وجود ارقام مخصصة لغرفة الإسعاف في الدفاع المدني السوري ومراكز الطوارئ، ويشرح أن هذه الأرقام منشورة ومعروفة لدى الأهالي كي يتصلوا أثناء الحالات الطارئة للمطالبة بإرسال سيارات إسعاف إليهم. ويشير إلى أن فرق الدفاع المدني السوري موزعة في شكل مناسب لتلبية احتياجات المدنيين في مناطق شمال غرب سورية، وأن الجهاز أنشأ مراكز لتقديم خدمات صحية للنساء وأفراد الأسر خلال ساعات النهار، كما نظّم عملها للعمل ليلاً من خلال مناوبات تقدمها مسعفات متطوعات يستجبن للحالات الطارئة.
ويتطرق عثمان إلى استمرار نشاطات التوعية الصحية للأهالي من الأمراض، ووسائل الوقاية منها سواء تلك التي تنتشر في الصيف أو الشتاء، وذلك تنفيذاً لخطة تختلف بحسب احتياجات المجتمع والظروف المحيطة به، ويؤكد الاهتمام بتنسيق الخدمات مع باقي الأجهزة الصحية وتلك الخاصة بالإسعاف كي تتكامل عملياتها، وتحقق فائدة أكبر للمدنيين تمهيداً لتخفيف بعض الأعباء عنهم.
وأورد تقرير سابق لـ"العربي الجديد" أن "منظومة الإسعاف في الشمال السوري تعمل في شكل منظم منذ عام 2016، وتضم 24 سيارة إسعاف قدمت مئات الآلاف من الخدمات الإسعافية، ونسقت عمليات الإحالة بين أكثر من 150 منشأة صحية في ريف حلب الشمالي وعفرين وإدلب. وخلال الاستجابة لجائحة كورونا نفذت المنظومة أكثر من 100 ألف عملية نقل وإحالة خلال أعوام الجائحة".
وطوّر الدفاع المدني السوري برنامجاً لضبط العدوى في المنشآت الصحية عبر تشغيل 4 فرق ومخبر وتم تدريب مئات العاملين في القطاع الصحي، والإشراف على عشرات المنشآت الصحية لتطبيق بروتوكولات ضبط العدوى المعتمد من منظمة الصحة العالمية، بالإضافة إلى الإشراف على التخلص من النفايات الطبية.