السيسي يصدر قانون حظر تغطية المحاكمات الجنائية

15 يونيو 2021
قضاة المحاكم المصرية لديهم سلطات واسعة فعلياً (إسلام صفوت/Getty)
+ الخط -

أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، قانونا ينص لأول مرة على منع التغطية الإعلامية للمحاكمات الجنائية، من خلال وضع شروط شبه مستحيلة تتضمن موافقة جميع أطراف المحاكمة على تلك التغطية، سواء كانت في شكل تصوير، أو تسجيل، أو بث، أو عرض بأي وسيلة.
وينص القانون الجديد على عقوبة بغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه (6380 دولار أميركي) ولا تزيد على 300 ألف جنيه (19 ألف دولار)، مع مصادرة الأجهزة المستخدمة، ومحو المحتوى، إذا تمت تغطية المحاكمة من دون موافقة كل من رئيس المحكمة، والنيابة العامة، والمتهم، والمدعي بالحق المدني، أو ممثلي أي منهما، وهو الأمر الذي يعد ضربا من الاستحالة العملية مع تعدد المتهمين والمدعين في أنواع مختلفة من القضايا، سيما أن العديد من الأطراف تكون متضررة بشكل مباشر من نشر محتوى جلسات المحاكمة.

ويتحدث كثيرون عن تعليمات متواترة من رؤساء الهيئات القضائية المعينين من قبل السيسي، بمنع التغطية الإعلامية لجلسات المحاكمات، خاصة جلسات قضايا الإرهاب، وقضايا المعارضين السياسيين، والتي تشهد العديد من المخالفات القانونية والإجرائية التي لا تخرج إلى العلن إلا من خلال المحامين.
وكانت وزارة العدل قد ادعت عند عرض القانون على البرلمان، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أنه يهدف إلى "منع تصوير المتهمين إعلاميا لحين صدور حكم بات في القضايا حماية لهم، لأن الأصل في الإنسان البراءة، وهذا الأصل يتمتع به كل متهم حتى يصدر ضده حكم بات على نحو يجعل له الحق في ألا تلتقط له أيه صورة في وضع يجعله محل ازدراء الآخرين أو شكوكهم".
ولا يمت هذا الهدف للواقع بصلة، إذ إن القوانين المنظمة للإعلام تتضمن نصوصا تنظم التعامل مع حالات الاتهام قبل صدور أحكام الإدانة، كما أن القضاة يمتلكون عمليا سلطة منع التصوير، أو التغطية الصحفية، وحتى منع حضور ذوي المتهمين، وغير أطراف الدعوى الأصليين، كما هو الوضع الحاصل منذ بضعة سنوات سابقة في القضايا المنظورة بالأماكن الاستثنائية التي خصصتها الحكومة لمحاكمة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وبقية معارضي النظام في أكاديمية الشرطة، أو معهد أمناء الشرطة، مما ينفي وجاهة السبب الذي تنتحله الحكومة لتمرير المشروع.

ويفضح نص القانون رغبات النظام الحقيقية بعدم اقتصار أركان الجريمة على تصوير المتهمين، بل تضمنها التسجيل والنشر والبث والعرض، سواء كانت المادة مكونة من صور، أو عبارات.
وبينما تزعم الحكومة أنها تنفذ النص الدستوري الذي يؤكد على افتراض براءة المتهم قبل صدور حكم بإدانته، فإنها تتجاهل نصا آخر يتكامل معه في المادة 100 من الدستور، يقول: "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب، وتكفل الدولة وسائل تنفيذها على النحو الذي ينظمه القانون"، فالمشروع الجديد يجرد جميع المحاكمات الجنائية من شرط العلانية، الذي يفترض أنه ما يحقق رقابة الشعب على الأحكام في العصر الحديث الذي تتعدد فيه أماكن المحاكمات، ويجعل فتحها للعامة متعذرا.

المساهمون