السوريون ينتظرون الخلاص من الظلم في العام الجديد

01 يناير 2023
آلاف من أطفال سورية لم يعرفوا الاستقرار (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

يتشارك السوريون أمنيات عدة، في مقدمتها الخلاص من عذابات النزوح والتهجير في المخيمات، وهي الأسمى، إلى جانب ما يحلم به الأطفال، مثل الحصول على دراجات أو ملابس جديدة، أو حتى التدفئة التي تحوّلت أيضاً إلى أمنية يصعب تحقيقها. ولعلّ عام 2023 يحمل لجميع السوريين ما هو أفضل من أعوام التعب التي سبقتها.
عام 2013 نزح عبد العزيز الأحمد من ريف حمص إلى ريف إدلب شمال غربي سورية، بعدما تنقل في مناطق كثيرة. وحالياً، يجتمع مع أولاده الثلاثة في المساء بعد عودته من ورشته لتصليح الدراجات النارية، ويحكي، كما يقول لـ"العربي الجديد"، قصصاً عن النزوح والقصف الذي عاشه، وأحياناً يتصفح معهم صوراً في هاتفه لأصدقاء استُشهدوا بغارات للطيران الحربي والقصف المدفعي. 
يضيف: "أمنيتي الأولى في العام الجديد أن أعود إلى البيت الذي نشأت فيه، والأرض التي لعبت على ترابها، وسقطت عليها مرات، وهذا ما يشغل تفكيري منذ 10 سنوات، مع أمنية أن أجتمع مع أصدقائي الذين تفرقوا عن الديار، علماً أنني فقدت عدداً كبيراً منهم خلال السنوات الماضية، ولم يعد في قلبي حزن كافٍ للتعامل مع فقدان آخرين، لكنني أبقى متفائلاً بأن القادم أجمل".
ويتحدث سمير عليان (45 عاماً)، النازح بأحد مخيمات الحسكة شمال شرقي سورية، والموظف السابق في مؤسسة الكهرباء، لـ"العربي الجديد"، عن تطلعه في العام الجديد إلى "تحقيق أمنية العودة إلى منزلي ودفء العيش فيه، واستعادة حرارة العائلة وتآلفها، وأن أذهب في الصباح الباكر إلى العمل، أو توصيل أولادي إلى المدرسة. ورغم أن هذه الأماني بسيطة لكنها لم تتحقق. وأرغب في أن أعود يوم الجمعة لأتناول طبق الفول والفتة، والتقي جيراني على باب المسجد، وأمرّ على دار أهلي، أو أقصد الأهل والأصدقاء لمشاركتهم في جلسة بسيطة، بعيداً عن اللقاء الذي يحصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
ويُعتبر لقاء الأصدقاء أحب أمنيات عليان، تمهيداً للتخطيط لنزهة أو رحلة إلى بحيرة أو ضفة نهر في المنطقة، "نبدأها في الصباح الباكر باصطياد السماك، ونستمر فيها حتى غياب الشمس، وأنا أشتاق كثيراً إلى هذه الرحلات، وأرجو أن يعود بعض أصدقائي في أقرب وقت من ألمانيا لزيارتنا".
ويتطلع عبد الحق الأحمد، النازح من ريف إدلب الجنوبي ويقيم في تجمع مخيمات كفر لوسين شمالي إدلب، إلى العودة إلى بلدته وبيته عام 2023، ويقول لـ"العربي الجديد": "أتمنى أن يعم الخير، وأعود إلى بلدتي وأن تنتهي الأزمة. ضاقت بنا الدنيا فنحن مهجّرون منذ 5 سنوات، ونتمنى أن يزول حكم الطاغية بشار الأسد، وهذا من أكبر همومنا". 
بدوره يتمنى علي في حديثه لـ"العربي الجديد" الخلاص من حكم بشار الأسد، والعودة إلى بيته الذي أجبر على النزوح منه، ويقول: "أتمنى الفرج والخلاص من الطاغية والعودة إلى بلدتي، ولقاء أحبابي الذين فارقتهم، وبعضهم يقيمون في أوروبا، وآخرون في مناطق النظام". 

الصورة
يعيش آلاف السوريين في المخيمات منذ سنوات (عز الدين قاسم/الأناضول)

أما علياء فتقول لـ"العربي الجديد": "أتمنى أن أعود إلى بلدتي، وهذا الشتاء قاسٍ، ولا نملك تدفئة، ووضعي مع أولادي الثمانية صعب للغاية".
في المقابل، تقول رسمية العبدالله، وهي ربة منزل مهجرة من ريف حماة الشرقي تقيم في تجمع مخيمات أطمة، لـ"العربي الجديد": "العودة إلى بيتي أكثر أمنية أتطلع إلى تحقيقها مع قدوم العام الجديد. الحياة في الخيمة عذاب، فهي باردة كئيبة والعيش فيها يسرّع ذهاب العمر، وتمر الأيام فيها متشابهة بلا روح. وأكثر ما يبعث فينا الصبر على حالنا هو الأمل بالعودة ولقاء أهلنا، ورجوع أولادنا إلى المكان الذي ولدنا فيه. صحيح أن الغربة تتسبب في ضياع الأصول".
وفيما يستنسخ الأطفال الأمنيات التي تلاصق ذويهم، يقول الطفل محمد، المهجر مع عائلته من مدينة خان شيخون لـ"العربي الجديد": "أتمنى موت بشار الأسد، وأن أعود إلى خان شيخون ومدرستي، وأرى رفاقي وإخوتي". أما قريبه سليم فيقول: "أتمنى أن أعود إلى بلدتي، وألعب مع رفاقي وأعود إلى المدرسة". 
بدوره، يقول الطفل عمر الخليل لـ"العربي الجديد": "أتمنى أن نعود إلى بيتنا، وأن أشتري دراجة ألعب بها، وأعود إلى خان شيخون". 
أما الطفلة تالين فتتمنى في حديثها لـ"العربي الجديد" أن تعود إلى بلدتها، وتجلس في البيت، وتحصل على لباس جديد "أريد الحصول على مدفأة، علماً أننا نذهب من الصباح حتى الظهر لجمع الكرتون تمهيداً لبيعه". 

ويقول حمزة السعدو، الذي غادر مدينة حلب خلال موجة التهجير القسري التي حصلت عام 2016، ويقيم حالياً في مخيم بريف إدلب، في حديثه لـ"العربي الجديد": "يشبه الإنسان الأشجار التي تموت حين تقتلع من التراب. هذه حالنا كسوريين، اقتلعونا من أرضنا قسراً وأبقوا أجسادنا حية، لكن جزءاً من قلوبنا مات، ولن يعود إلى الحياة حتى ننتهي مما نحن فيه. أتمنى عاماً جديداً من دون بشار الأسد، ومن دون قصف الطائرات وأزمات الخبز والمياه، عام نعود فيه جميعاً إلى بيوتنا، وأعود شخصياً إلى مدينة حلب، وأزور قلعتها، وأتجول في أسواقها وجامعها الأموي". 
ويتشارك عموم نازحي شمال سورية الأماني والمشاكل ذاتها، وأهمها الحاجة إلى مساعدات إنسانية.
وكان "فريق منسقو الاستجابة" قد قدّر عدد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية بنحو 3.7 ملايين نسمة، مؤكداً أن "85 في المائة منهم يقيمون في مخيمات، فيما تشهد مناطق شمال غربي سورية تحديداً زيادة كبيرة في الاحتياجات الإنسانية".
ويبلغ عدد المخيمات الكلي وفق الفريق 1633، وتضم نحو 1.8 مليون شخص، وبلغ عدد المخيمات العشوائية 514، وتضم 311.782 شخصاً.

المساهمون