لبنان: إجراءات بحق "العمالة السورية" بالتزامن مع ارتفاع وتيرة الترحيل القسري

20 ابريل 2023
ارتفاع وتيرة الترحيل القسري للسوريين من لبنان (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

مع تصاعد التضييق بحق السوريين في لبنان، تزداد عمليات الترحيل القسري، وسط تكثيف المداهمات والإجراءات والتوقيفات بحق اللاجئين السوريين الذين يعيشون في البلاد من دون أوراق قانونية.

ومن آخر الإجراءات بحق السوريين في لبنان إصدار محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، اليوم الخميس، مذكرة قضت بتكليف المدير الإقليمي لأمن الدولة اللبناني في المحافظة بإصدار "إنذارات إلى أصحاب المحال التجارية والمطاعم والمصالح والخدمات ومستثمريهم بوجوب الاستغناء عن العمالة السورية النازحة العاملة من دون إجازة عمل وبشكل غير قانوني، تحت طائلة اتخاذ القرارات اللازمة لإغلاق هذه المحال والمؤسسات وإبلاغ المحافظة بالنتيجة والمقترحات عند انتهاء فترة الإنذارات".

وبحسب المذكرة، فإن اللاجئين السوريين (تصفهم السلطات اللبنانية بالنازحين) يمارسون الأعمال التجارية والاستثمارات والخدمات وجميع المهن في محافظة بعلبك الهرمل، ولا سيما في بلدتي عرسال والقاع، من دون أي مسوغ قانوني وبشكل مخالف لقانون العمل، وفي حال عدم الالتزام بمضمون الإنذار، يصار إلى اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحق المخالف.

وأضافت المذكرة: "في حال صدور مذكرات توقيف قضائية ضد الشخص المخالف فلن تكون نافذة المفعول، أو ترحيله لأسباب معروفة. من هنا عملت العديد من المؤسسات التجارية والخدماتية الكبيرة في بعلبك الهرمل، خصوصاً المستشفيات والتجارية منها، وفق قانون وزارة العمل، وأصدرت تصاريح عمل لعمّالها النازحين السوريين تحسباً لأي مشكلة قانونية".

وختمت: "مع ذلك، فإن بعض المؤسسات الصغيرة تعمل من دون أطر قانونية، حيث يستثمر النازحون السوريون كرؤوس أموال وعمال لهذه المؤسسات، ولكن بترخيص باسم لبناني أغلبهم من العشائر في المنطقة، الأمر الذي يحول دون تنفيذ هذه المذكرة، ولتكون نتيجة تطبيقها رهن الأيام القادمة".

وقال خضر إنه "بعد الكشف على عدد من المؤسسات في ثلاث بلدات، تبين وجود 269 مؤسسة مستثمرة من قبل لاجئين أو لبنانيين يوظفون لاجئين من دون مسوغ قانوني بصورة غير شرعية خلافاً لقانون العمل، لذلك تم تكليف أمن الدولة بإنذار هذه المؤسسات للاستغناء عنهم تحت طائلة الإقفال".

وتأتي هذه الإجراءات في وقتٍ يكثر الحديث عن تضييق لبناني بحق السوريين، وتزايد عمليات الترحيل القسري، وتكثيف المداهمات والإجراءات والتوقيفات بحق اللاجئين السوريين.

وفي السياق، قال مركز "وصول" لحقوق الإنسان (ACHR)، في سلسلة تغريدات عبر "تويتر"، إن "اللاجئين السوريين في لبنان يتعرّضون خلال المداهمات الأمنية التعسفية لعدة انتهاكات خطيرة، أبرزها الاعتقال التعسفي والترحيل القسري وسوء المعاملة تحت ظروف لاإنسانية"، لافتاً إلى أنه "في الفترة الأخيرة تتزايد عمليات الترحيل القسري التي تقوم بها السلطات اللبنانية بحق اللاجئين السوريين من دون الالتفات إلى شروط العودة الآمنة".

وأشار المركز إلى أنه يراقب حالات اللاجئين الذين تعتقلهم السلطات اللبنانية تعسفياً، ولكن تنقطع أخبارهم بمجرد ترحيلهم إلى سورية وتسليم بعضهم إلى الأمن السوري، من دون قدرة الفريق على التحقق من مصيرهم أو ظروف اعتقالهم.

ولفت إلى أنه في يومي 10 و11 إبريل/ نيسان الجاري، اعتقلت السلطات اللبنانية 64 لاجئاً من مناطق مختلفة في البلاد، بينهم أشخاص مرضى وأطفال، وجرى ترحيلهم قسراً رغم المخاطر الجسيمة التي تهدد سلامة حياتهم داخل سورية.

وفي الجانب السوري، أكد أحد قادة فصائل محافظة السويداء، لـ"العربي الجديد"، أن دوريات للأمن العام اللبناني داهمت منطقة قرنايل ذات الأكثرية الدرزية، الجمعة الماضي، وألقت القبض على 67 عاملاً سورياً، بينهم شبان من محافظة السويداء، أحدهم مريض.

وأشار المتحدث إلى أن "معلومات كثيرة وصلت إليهم عن أعداد أخرى من الشبان ألقي القبض عليهم، وغالبيتهم مطلوبين للخدمة العسكرية (إلزامي- احتياط) في سورية، وليسوا لاجئين كما يدعي الأمن اللبناني". واعتبر أن "هذا الانتهاك لحقوق الإنسان متفق عليه" بين النظام السوري وما وصفها بـ"قوى الأمر الواقع في لبنان"، وأنه "استغلال حالة ما يسميه النظام الانفتاح على دمشق، بينما هي في الحقيقة تعزيز لجيش النظام السوري الذي تآكل كثيراً، ويفتقر للعناصر من كل المحافظات السورية".

قائد الفصيل، الذي كلف من قبل أهالي شبان السويداء المقبوض عليهم في لبنان، أشار إلى أن لؤي الأطرش، أمير دار عرى، هو الوسيط مع سلطات دمشق للإفراج عن الشبان، وأنه "في حال عدم الامتثال للواسطة فسوف يصعّدون بطرق مختلفة لتحقيق ذلك". 

وتداول ناشطون في بيروت مقطعاً مصوراً لمداهمة عناصر من قبل الأمن العام اللبناني أماكن سكن عمال سوريين في برج حمود، ما يلغي حجة (العودة الطوعية للاجئين السوريين) التي تسوق لها قوى لبنانية.

بدوره، أوضح الناشط المدني ساري الحمد، لـ"العربي الجديد"، أن "آلاف الشبان وجدوا في لبنان مكاناً أخيراً للهروب من الحرب السورية المستمرة منذ 2011، وتأقلموا مع الواقع الاقتصادي السيئ، وهم بانتظار فرص للهروب إلى أي بلد آخر". وأشار إلى أن "مئات الآلاف من السوريين يقبعون في المخيمات والعشوائيات بعد أن فقدوا منازلهم، وباتت العودة مستحيلة بوجود النظام القمعي الذي يسوق للعودة من دون تقديم أي شيء سوى المعتقلات".

في المقابل، يكتفي مصدر أمني لبناني بالقول، لـ"العربي الجديد"، إن "كل الإجراءات التي تتخذ بحق السوريين هي طبيعية وتأتي في إطار تطبيق القانون، سواء على صعيد ضرورة وجودهم في البلاد بطريقة قانونية وشرعية، أو على صعيد التزامهم بقانون العمل اللبناني، ولا انتهاكات تمارس من قبلنا".

المساهمون