السوريون بالسودان في دوامة الخوف والمصير المجهول

27 ابريل 2023
يريد سوريون كثيرون مغادرة السودان (فرانس برس)
+ الخط -

في العاصمة السودانية الخرطوم، مسرح الاشتباكات الأكبر بين الجيش وقوات الدعم السريع، يواجه السوريون ظروفاً صعبة بسبب شحّ الخدمات، والخوف من التنقل في الشوارع غير الآمنة للحصول على متطلبات الحياة اليومية. يقول أحمد عجلاني لـ"العربي الجديد": "توقفت حركة تنقل السوريين في الخرطوم بسبب سوء الأوضاع الإنسانية والمخاوف المرتبطة بالاشتباكات، علماً أن معظمهم يعتمدون على أجورهم الشهرية للعيش والتي سيحرمون منها فترة غير معلومة. وهم يتعاملون أيضاً مع انقطاع المياه والكهرباء، في حين عادت خدمة الإنترنت بعد انقطاع استمر أياماً". 
ويتابع: "إلى جانب توقف مصادر المال والطعام والشراب، في الوقت الحالي، يقع السوريون تحت تهديدات أمنية كبيرة، وقتل أفراد من عائلة سورية على طريق في الخرطوم، وكذلك شاب خلال محاولته التوجه إلى المعبر الحدودي مع مصر، كما أصيب شابان نقلا إلى المستشفى، علماً أن عدد السوريين يتجاوز 30 ألفاً، ولا خطط واضحة لإجلائهم". 
بدوره، يخبر سعيد العبد الله الذي يقيم في السودان منذ حوالى 11 عاماً "العربي الجديد" أن "غالبية السوريين يتواجدون في العاصمة الخرطوم ومدينة بورتسودان، والخطر كبير عليهم. لا طعام ولا شراب والكهرباء تمنح ساعة واحدة في أفضل الأحوال. ويصعب الخروج من البيوت في الخرطوم، أما خارجها فيمكن التحرك نوعاً ما".
يضيف: "كان السوريون يعيشون في استقرار قبل اندلاع المعارك، وافتتح كثيرون مطاعم وحققوا نجاحات في هذا المجال، كما عمل بعضهم في الزراعة وحفر الآبار، وآخرون في مهن الدهان والبلاط. وخلال السنوات الماضية عمل أطباء سوريون كثيرون في السودان، لكنهم لم يستقروا فيها أكثر من عامين أو ثلاثة أعوام لأن المداخيل ضعيفة". يتابع: "حالياً تزداد مخاطر التنقل داخل الخرطوم، خاصة في شارع الستين ومحيط الدوائر الحكومية، وبالنسبة لي حصلت على الجنسية السودانية منذ سنوات، لكن الظروف التي نعيشها حالياً صعبة للغاية". 
ويأمل العبد الله أن يعود الاستقرار إلى السودان، ويقول: "أقيم منذ 11 عاماً في هذا البلد حيث أسست حياتي الخاصة. سأصبر وأنتظر أن يتوفر حل للأزمة، فالخروج بالنسبة لي يعني التخلي عن كل شيء أسسته، والبدء من الصفر، ولا يمكن أن أعود إلى سورية".
ولم تتخذ حكومة النظام السوري أي إجراءات ملموسة على الأرض للتعامل مع ملف السوريين العالقين في السودان وأفراد الجالية، واكتفت بإصدار تصريحات، وجمع قوائم أسماء عبر تطبيق "واتساب" تمهيداً، بحسب سوريين انضموا إلى هذه المجموعات، "لتنفيذ عمليات إجلاء".

ويوضح حمو إبراهيم، وهو سوري يقيم في الخرطوم، لـ"العربي الجديد" أن "السفارة السورية لم تتدخل حتى الآن إلا لإنشاء مجموعة عبر واتساب سجلت فيها أسماء عدد كبير جداً من السوريين. الطريق الوحيد المتاح للخروج هو عبر مصر عبر الحدود البرية، علماً أن القاهرة طلبت من السوريين الحصول على تأشيرات لاستقبالهم. وداخلياً استطاعت عائلات مغادرة الخرطوم إلى ولايات بعيدة عن الاشتباكات، منها نهر النيل وشندي وعطبرة".

يناشد السوريون أي جهة إخراجهم من السودان (فرانس برس)
يناشد السوريون أي جهة إخراجهم من السودان (فرانس برس)

ويضيف حمو الذي يعمل على كسّارة للحجارة ويتحدر من قرية كفر صغير بريف حلب القريبة من عين العرب: "معظم من يتحدرون من منطقة عين العرب بريف حلب الشرقي من الأكراد السوريين الذي يعملون على حفارات للمياه. كان الوضع جيداً قبل اندلاع الاشتباكات، علماً أن بعضهم يقيمون منذ 15 عاماً في السودان، وأسسوا حياتهم فيها. الوضع الآن سيئ للغاية بعدما توقفت الأعمال وباتت الخدمات الطبية والحياتية غير متوفرة، لذا نرجو أن تنتهي هذه الحالة بسرعة، وغالبية المقيمين في الخرطوم الذين أعرفهم غادروها إلى أماكن أخرى بعيدة عن الاشتباكات".
من جهته، يلفت محمود خليل في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن "عصابات تخيف السوريين، وهو ما حصل لسوري يتحدر من معرة النعمان والذي قتل وسرقت سيارات يملكها فرحلت عائلته إلى عطبرة التي يسيطر عليها الجيش السوداني. ولأن الوقود غير متوفر امتنعت عائلات سورية كثيرة عن المغادرة، كما أن البنوك مغلقة ما يمنع سحب المال. ونحن نناشد أي جهة أن تخرجنا من السودان، خاصة إدارة إقليم كردستان العراق، وحالياً توجد أكثر من 90 عائلة سورية كردية في عطبرة".

ونقل موقع "أثر برس" الموالي للنظام السوري عن مصادر مطلعة في الجالية السورية بالسودان، أن "وزارة الخارجية السورية وافقت على طلب سفارتيها في مصر والخرطوم السماح بدخول سوريين قادمين من السودان، وما زالت عمليات التسجيل مستمرة، في حين اشترطت الخارجية المصرية إعداد السفارة السورية في الخرطوم قوائم مسبقة لإدخال السوريين إلى أراضيها". لكن "العربي الجديد" علمت من سوريين عبر مجموعات "واتساب" أن "لا خطوات واضحة حتى الآن، وكل ما حدث هو تسجيل أسماء بشكل عشوائي، والعديد من العائلات التي وصلت إلى بورتسودان تفترش العراء".
ويقدر عدد أفراد الجالية السورية في السودان بنحو 40 ألف شخص، وفق إحصاءات غير حكومية مصدرها أبناء الجالية. 

المساهمون