الرئاسة الفلسطينية توافق على تعديلات نقابة الأطباء

31 أكتوبر 2022
في أحد مستشفيات الضفة الغربية (حازم بادر/فرانس برس)
+ الخط -

ثلاثة أيام من المفاوضات وأربعة أيام من العصيان الطبي أفضت، مساء أمس الأحد، بحسب نقابة الأطباء ـ مركز القدس في الضفة الغربية المحتلة، إلى موافقة الرئاسة الفلسطينية على جميع التعديلات التي طلبتها النقابة على قرار بقانون تشكيل "نقابة الأطباء الفلسطينيين"، والذي كان قد أثار عاصفة احتجاجات لما اعتبرته النقابة الحالية (التي ينظم عملها قانون نقابة الأطباء الأردني لعام 1954) استهدافاً لمجلسها الذي انتخب قبل أقل من خمسة أشهر فقط، بإحلال مجلس تأسيسي معين برئاسة نظام نجيب بدلاً من المنتخب برئاسة شوقي صبحة.

وبات المجلس التأسيسي الذي حدد القرار بالقانون الصادر عن الرئيس محمود عباس غير موجود وفقاً للاتفاق الذي تم أمس بين النقابة الحالية من جهة وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ ووزيرة الصحة مي الكيلة ووكيل الوزارة وائل الشيخ من جهة أخرى، وبحضور مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك.

وستبقى الصلاحيات للمجلس الحالي برئاسة النقيب شوقي صبحة، الذي كان قد فاز ومعظم القوائم المستقلة التي تحالف معها على قوائم حركة فتح في شهر يونيو/ حزيران الماضي، وكان قد خاض فعاليات احتجاجية فيها صيغة تحدٍ للحكومة الفلسطينية خلال دورة المجلس الماضية.

وقالت كيلة لوكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا)، إن "أزمة نقابة الأطباء انتهت، وسيعود الأطباء إلى العمل كالمعتاد في القطاعين العام والخاص"، مشيرة إلى أن "حسين الشيخ مكلفاً من عباس، عقد اجتماعاً مع النقابة، وتم خلاله التوافق على الصيغة النهائية لقرار بقانون معدل بشأن إنشاء نقابة الأطباء الفلسطينيين".

ورفض عضو المجلس التنفيذي للنقابة ورئيس اللجنة الفرعية لها في الخليل وائل أبو سنينة الحديث عن تفاصيل التعديلات المتفق عليها بانتظار النص الذي سيقر وينشر لاحقاً، لكنه كشف بعض تفاصيل المفاوضات خلال أيامها الثلاثة.

وقدمت النقابة مقترحاتها للتعديل الجمعة الماضي، فعادت اللجنة التي اصطلح على تسميتها اللجنة الرئاسية بمقترحات لتعديلات كثيرة على ما طلبته النقابة، وهو ما رفضه الأطباء، وعادت اللجنة بمقترحات تعديلات أقل، مساء يوم السبت الماضي، لترفضها النقابة مرة أخرى.

يتابع أبو سنينة: "المكلفون بالوساطة قالوا، السبت، إن الرئاسة لم توافق على كل التعديلات التي طلبناها، لكننا حصلنا على الموافقة على كل التعديلات خلال اجتماع الأحد مع الشيخ".

وما لم يفصح عن تفاصيله أبو سنينة كشفه نقيب المحامين سهيل عاشور، الذي كان قد صاغ المقترحات الأولى للتعديلات على القرار بقانون. ويقول عاشور لـ"العربي الجديد"، إن "ما حصل أمس هو إنهاء الخلاف بشكل نهائي. ووفقاً لذلك، تم تأسيس نقابة الأطباء الفلسطينيين على أن يقوم مركز القدس (أي النقابة الحالية) بإعداد القانون الخاص بها، مع الحفاظ على كافة الحقوق لكافة الأطراف".

ومن أهم النقاط، كما يقول عاشور، إلغاء المواد 4 و5 من القرار بقانون، التي تتعلق بتعيين مجلس تأسيسي للنقابة، وإعطائه الصلاحيات، لتكون الصلاحيات الآن فقط لنقابة الأطباء ـ مركز القدس.

وينفي عاشور أن تكون هناك مواعيد محددة لتفعيل النقابة الجديدة، وصياغة قانونها، بعكس مسودة كانت قد انتشرت خلال الأيام الماضية للمقترحات تحدد عام 2025، أي نهاية دورة مجلس النقابة الحالي، لصياغة القانون وإنشاء النقابة.

يضيف عاشور: "هناك معوقات أمامنا لتطبيق القانون تتعلق بحالة الانقسام في قطاع غزة، فكيف سنقوم بالعمل النقابي وإجراء انتخابات ومجلس تأسيسي في ظل حالة الانقسام مع غزة؟ لا يمكن إنشاء نقابة في المحافظات الشمالية وحدها (أي الضفة الغربية من دون قطاع غزة). بذلك، نحن نكرس الانقسام وكأننا نوافق عليه. هناك معضلة قانونية وهي غزة".

ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد" حول ما إذا كان ذلك يعني عدم تنفيذ القانون الجديد إلا بعد حل الإشكاليات، يقول: "هذا مؤكد، وخصوصاً إنهاء الانقسام. إذاً، فالتعديلات قد تعني عملياً إلغاء القرار بقانون، ولكن بصيغة تشير إلى إنشاء نقابة فلسطينية من دون التنفيذ الفوري ومن دون تحديد سقف زمني".

وهذا يحيل إلى ما تحدث عنه نقيب الأطباء شوقي صبحة في تصريحات صحافية خلال الأيام الماضية، من أن المحيطين بعباس ورطوه بالقرار، حسب تعبيره، وباتوا يبحثون عن صيغة لا تضطره لإلغائه، واتهم بذلك صراحة خلال مؤتمر صحافي، الجمعة، المستشار القانوني لعباس علي مهنا.

يشار إلى أن التعديلات التي طلبتها النقابة على القرار بقانون تشمل ألا يمس القانون الجديد حقوق الأطباء المكتسبة، وخصوصاً مقر النقابة الدائم في القدس.

وكان موضوع مقر النقابة في القدس أحد الملفات التي أشار لها صبحة مرات عدة، ويتبع حالياً رسمياً لنقابة الأطباء الأردنية، كون نقابة الأطباء ــ مركز القدس تتبع رسمياً للنقابة الأردنية، وقد حذرت النقابة من أن تحويل المقر إلى النقابة الفلسطينية التي أعلن استحداثها، قد يعني إغلاق المقر أو السيطرة عليه من الاحتلال، بسبب إجراءاته التي تستهدف المؤسسات الفلسطينية في القدس، وتمنع عملها في المدينة المقدسة.

أما الواقع الحالي للنقابة، فهو أنها تسيّر وفق القوانين الأردنية وتحت اسم نقابة الأطباء الأردنية ــ مركز القدس منذ العام 1954، أي قبل احتلال الضفة الغربية، منذ كانت الضفة الغربية تتبع إداريا للأردن. وهذا الواقع يعني عدم انضمام الأطباء في قطاع غزة لهذه النقابة، بل توجد لهم آلية منفصلة ضمن جمعية تضم كل المهن الطبية، حسب نقيب الأطباء.

وما أثار الاحتجاجات الواسعة من الأطباء، إلغاء مجلس نقابة انتخب فقط قبل خمسة أشهر وهو ما فسره النقيب أنه لإزاحته شخصياً ولمجلسه الذي لا يعمل وفق أوامر جهات رسمية أو غير رسمية، حسب تعبيره، وخشية من عدم التمكن من إقامة انتخابات للنقابة المستحدثة في غزة بسبب ظروف الانقسام، وخشية على مقر النقابة في القدس من الاحتلال، وهي الأمور التي دفعتهم للاحتجاج حتى تحقيق المطالب في نهاية المطاف.

المساهمون