الحيوانات رقيقة المشاعر!

18 مارس 2022
مشاعر الحزن لدى الحيوانات ماثلة (مجدي فتحي/ Getty)
+ الخط -

نعرض، خلال تدريب بناء القدرات، رسماً حول العمل في فريق يتكون من خمسة أجزاء، يُظهر حمارين، وأحياناً عنزتين، رُبطا إلى بعضهما بحبل قصير، ووُضع لكلٍ منهما نصيبه من العلف في طرفي الرسم، بحيث لا يستطيع أي منهما الوصول إلى كومته. وبعد محاولة فاشلة في الرسم الثاني، يجلسان وعلى رأسيهما علامة استفهام دلالة على التفكير. ثم يظهران في الجزء الرابع وهما يأكلان معاً الكومة الأولى، وفي الجزء الأخير يتناولان الكومة الثانية.
وحدث مرة أن احتج أحد المتدربين على استهانتنا بعقول الحيوانات، فبدأت أتساءل لماذا نعتقد بأننا أكثر توظيفاً لعقولنا ومواطن الإحساس داخلنا من باقي المخلوقات، ولماذا تتملكّنا الدهشة حين نرى حيواناً يعطف على آخر من فصيلة أخرى؟
عشرات المواقف نتداولها على وسائط التواصل الاجتماعي، تؤكد أن للحيوانات رقة في القلب قد تتفوق بها على الكثير من بني البشر، لكننا لا نلبث أن ننسى الأمر حين ننعت أحدهم بأنه حيوان، لأن تصرفاً لا يعجبنا بدر عنه. ما هذا التناقض؟ نُدين ونشجب الهمجية والشراسة ونربطها بالحيوانات ونظريات البقاء، فيما نمارس أكثرها بشاعة على بني جلدتنا وشركائنا في الكون. نُوصم قانون الغاب بأنه في منتهى الشراسة، فيما نجد في حيوانات الغابات والبرية رحمة وتعاطفا وتكاتفا نعجز عن ممارستها. 
كنا نراها من خوارق الطبيعة أن يُحدِّث ذلك الشيخ الكفيف حمارته، ويخبرها عن وجهته كي تمضي به حيث يشير. وهذه عجوز وحيدة بقيت لسنوات في منزلها لا تقوى على مغادرته، ليكتشف الجيران أن أغنامها تأتيها في مكانها لتحلب لبنها، وأن كلبتها تزيح عنها فضلاتها في مهارة نادرة.

موقف
التحديثات الحية

في عام 2003، تابع إيان دوجلاس هاملتون، من جمعية "أنقذوا الفيلة"، في محمية سامبورو بكينيا، ردود أفعال الفيلة مع احتضار اليانور، وهي أنثى الفيل القائدة في القطيع، عندما انهارت على الأرض وهرعت أنثى أخرى تقود عائلة ثانية يسمونها "جريس" إلى مساعدتها في الوقوف، وظلت تدفع بها وتحثها على النهوض حتى ماتت. وعلى مدار الأسبوع التالي، أظهرت إناث من خمس عائلات اهتماماً خاصاً بالجثة، ما يؤكد أن الحزن ليس لخسارة قريب، لكن أيضاً لخسارة أفراد من عائلات أخرى.
وفي محمية سويسامو في كينيا، وضعت زرافة صغيراً له ساق مشوّهة. ولاحظ العلماء أن الأم خاطرت بحياتها وصحتها كي لا تذهب بعيداً عنه طوال الأسابيع الأربعة التي عاشها الصغير.
وفي عام 2016، نشرت ميليسا ريجينت، من جامعة ميلانو، تقريراً مدهشاً يصف 14 ردة فعل للموت في 7 أنواع من الحيتان والدلافين. ومع أدلة أخرى هنا وهناك، يتأكد أن رؤية مشاعر الحزن لدى الثدييات ماثلة لا تخطئها العين.
(متخصّص في شؤون البيئة)

المساهمون