الجزائر: ملابس الأطفال في العيد تُتعب الأسر
مع بداية النصف الثاني من شهر رمضان، تنتعش الحركة في مدن وشوارع الجزائر، خاصة تلك التي توجد فيها محال لبيع الملابس والأحذية الخاصة بالأطفال.
في سوق وسط مدينة ميلة (شرق) المزدحمة بالوجوه المصابة بحيرة من الخيارات الكثيرة والأسعار المختلفة، تتفقد نورة بوطلاعة المحال لشراء ملابس العيد لأطفالها، وتقول لـ"العربي الجديد": "أتيت من منطقة قريبة لاقتناء ملابس العيد لأولادي الثلاثة، وأعتقد بأن وجود محال كثيرة تبيع ملابس الأطفال يخلق منافسة في النوعية والأسعار، خاصة في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، لكنني أرى أن الأسعار ما زالت مرتفعة نسبياً، ما جعل عملية الشراء غير سهلة بتاتاً".
تضيف: "خصصت مبلغ 44 ألف دينار جزائري (نحو 200 دولار) لشراء ملابس العيد للأطفال الذين تجلب فرحتهم الفرح لنا، ما يحتم توفيرها كي يظهروا بأبهى حلة، لكن الخيارات كانت صعبة، والعائلات متوسطة الدخل لا يمكن أن تفكر في جودة الملابس بمقدار إدخال السرور في نفوس أولادها".
خلال الأيام الأخيرة من رمضان، تفتح المحال أبوابها بعد الإفطار، ويسمع داخلها صراخ الأطفال وبكاء بعضهم، ما يجعل الأمهات يشعرن بتشنج، وإحداهن وهيبة بلحور التي بذلت جهداً كبيراً في البحث عن ملابس لطفليها التوأم تنسجم مع المبلغ المالي الذي خصصته لهذا الأمر. وتوضح لـ"العربي الجديد" أن ثمن ملابس طفليها تجاوز 35 ألف دينار جزائري (نحو 150 دولاراً)، وأنها بحثت طويلاً عن أحذية تناسب المبلغ الذي حملته.
وفيما تبحث الكثير من الأسر عن ملابس تناسب ميزانياتها فقط على حساب الجودة، يكرر بعض أفرادها جولات التسوق وتفقّد المحال لمحاولة إيجاد أسعار في المتناول، ما قد يدفعهم إلى قصد أسواق في أحياء شعبية تعرض سلعاً بأسعار منخفضة مقارنة بالمحال في الأحياء الراقية.
وتخبر جودي سعاد، وهي ربة بيت وأم لطفلين، "العربي الجديد" أنها لم تستطع شراء ألبسة لطفليها لأن ملابسهما قد تكون أغلى من تلك للكبار. وتقول لـ"العربي الجديد": "تتعب العائلات كثيراً لاقتناء ملابس العيد بسبب ارتفاع الأسعار والمصاريف خلال شهر رمضان، ما يعني إنفاق مبالغ مالية إضافية. وهكذا تحاول بعضها شراء الملابس في وقت مبكر، وربما حتى قبل حلول الشهر نفسه".
وحاولت بعض المحال التكيّف مع أوضاع العائلات، ووضع آليات لتسويق ما يتوفر لديها من ملابس وأحذية، واقترحت بيع أنواع منها بالتقسيط، ما سهّل عمليات الشراء بالنسبة إلى بعض العائلات التي دفعت مبالغ بسيطة مقابل ضمان صك، على أن تكمل دفع باقي المبالغ بعد العيد على مرحلتين أو ثلاث، بحسب ظروف كل زبون.
يقول محمد رحال، وهو تاجر ملابس، لـ"العربي الجديد": "فضلت معاملة الزبائن بهذه الطريقة لتسهيل تسويق تجارتي، واخترت الربح عبر بيع أكبر كمية، والحصول على مكاسب مقبولة مقارنة بالدفع الفوري. وأنا أحقق عبر هذه الطريقة هدف كسب زبائن للمستقبل، وهذه مسألة مهمة في التجارة، علماً أنني لا أطبق هذه الطريقة للمرة الأولى، إذ سبق أن اختبرتها في مرحلة الدخول المدرسي، وحققت ما توقعته رغم أنني واجهت مشكلات قليلة جداً مع بعض الزبائن".
ومع اقتراب عيد الفطر، أطلقت جمعيات خيرية ومنظمات مجتمع مدني سلسلة مبادرات خيرية لتوفير ملابس للأطفال الفقراء والأيتام وفئات أخرى تعيش في ظروف صعبة، لمحاولة رسم الابتسامة على وجوه هؤلاء الأطفال ومنحهم الدفء وفرصة الاستمتاع بفرحة العيد.
واختارت جمعية "ناس الخير" في حي سيدي بويحي، وسط مدينة ميلة (شرق)، بدء هذه العملية في الأسبوع الثاني من شهر رمضان، بعد إجراء تعداد للأطفال الذين يستحقون المساعدات. ونسّق أعضاء هذه الجمعية التبرعات مع رجال أعمال محسنين في المدينة وأًصحاب محال لبيع الملابس والأحذية.
وكان لافتاً تطبيق جمعيات ومنظمات خيرية أسلوباً جديداً في التعاون مع المحسنين وأصحاب المتاجر، شمل حصول أطفال العائلات المعوزة على الملابس مباشرة من المحال من أجل منحهم الفرص نفسها مثل باقي الأطفال، والسماح لهم باختيار ملابسهم بنفسهم لإدخال السرور إلى قلوبهم.
من جهتها، تقول عضو جمعية "سبق الخير" في منطقة الوادي (جنوب) فريدة لعلالي لـ"العربي الجديد": "بدأت عملية تحضير ملابس الأسر الفقيرة قبل شهر رمضان في إطار برنامج سنوي، ما ضبط القائمة المعنية بالعمليات الخيرية، ووسّع المبادرات الخيرية في مختلف مدن الولاية وحتى خارجها".
تضيف: "كانت التبرعات جيدة، واستطعنا قبل منتصف رمضان ضبط مختلف الاحتياجات من ألبسة وأحذية لكل الأطفال المسجلين في الجمعية، وأرسلنا الفائض إلى جمعيات أخرى تنشط في الولاية لتعميم الفائدة والخير".
وتستفيد عائلات معوزة عدة من هذه العمليات الخيرية، خاصة تلك التي لا تستطيع توفير احتياجات الأطفال في العيد، من خلال التواصل مع الجمعيات الخيرية لتزويدها ببعض الملابس لأبنائها.