استمع إلى الملخص
- **استمرار هجرة الأطباء رغم الإجراءات:** لم تتوقف هجرة الأطباء رغم تعليق التصديق، حيث تتحقق المؤسسات الأجنبية من صحة الشهادات عبر الممثليات الدبلوماسية، مما يعكس استمرار المشكلة.
- **تفاقم هجرة الكفاءات الطبية:** تزايدت هجرة الأطباء بسبب الظروف غير المناسبة للعمل في الجزائر، وضعف الرواتب والبيروقراطية، رغم تعهدات الرئيس الجزائري بإصلاح القطاع الصحي وتحسين ظروف العمل.
قرّرت السلطات الجزائرية، أخيراً، تجميد التصديق على شهادات الكفاءة الطبية للأطباء مؤقتاً حتى تاريخ آخر، في سياق إجراء احترازي يستهدف الحد من هجرة الأطباء والكفاءات الطبية والعلمية من البلاد نحو الخارج. وقد قدمت وزارة التعليم العالي توضيحات بشأن قرارها منع التصديق على الوثائق الخاصة بخريجي كليات الطب بالجزائر، وأكدت أنه "في إطار دراسة سبل كبح ظاهرة هجرة الكفاءات الوطنية لخريجي العلوم الطبية نحو الخارج، عُلِّقَت عملية التصديق المباشر على شهادات العلوم الطبية مؤقتاً، وستُستأنَف بعد اقتراح حلول تسمح بمعالجة هذه الظاهرة والحد منها".
وأوضحت الوزارة في رد مكتوب مؤرخ بـ22 يوليو الجاري على استجواب نيابي تقدم به النائب البرلماني، الوردي براجي أنه "على الرغم من تعليق عملية التصديق على مستوى مصالح الوزارة، فإن هذا لم يمنع من هجرة الكفاءات الطبية، من أطباء عامين واختصاصيين، ولجوء المؤسسات والهيئات الأجنبية لتقديم طلب التأكد من صحة الشهادات من طريق المُمثليات الدبلوماسية أو القنصليات الجزائرية بالخارج والهيئات الدبلوماسية أو القنصلية المعتمدة في بلادنا". واتخذت السلطات الجزائرية هذا القرار لمنع هجرة الكفاءات الطبية من البلاد، واستفادة دول غربية، وبخاصة فرنسا، من هذه الكفاءات لصالح مستشفياتها ونظامها الصحي، دون أن تكون قد أنفقت أي شيء على تكوينهم.
وفي هذا الإطار، قال رئيس نقابة مستخدمي الصحة العامة الياس مرابط لـ" العربي الجديد" إنّ "موقف وزارة التعليم العالي يؤكد أمرَين كنّا قد أشرنا إليهما قبل سنتَين. الأمر الأوّل أنّ لا سند قانونياً لقرار منع توثيق شهادات تخرّج الأطباء، بل هو يمنع مواطنين من حقّهم في الاستفادة واستخدام شهاداتهم الجامعية. أمّا الأمر الثاني، فهو اعتراف الوزارة بأنّ هذا الإجراء لم يوفّر حلاً لهجرة الأطباء، بدليل أنّها مستمرة".
وتفاقمت في السنوات الأخيرة هجرة الكفاءات الطبية وفي شتى المجالات العلمية إلى الخارج، بسبب عدم توافر الظروف المناسبة للعمل في الجزائر، وضعف الرواتب والمنح المقررة للأطباء والكفاءات العلمية في مختلف المجالات، وكذا تسلط الإدارات والبيروقراطية على إدارة المسارات المهنية. وتشير إحصائيات رسمية في فرنسا، إلى أن عدد الأطباء الجزائريين العاملين في المستشفيات الفرنسية بلغ 15 ألف طبيب من مختلف التخصصات، والعام الماضي نجح عدد من الأطباء الجزائريين في امتحان معادلة الشهادة في فرنسا، ما يسمح لهم بالعمل في المستشفيات الفرنسية والأوروبية، ويزيد من هجرة الأطباء.
وغالباً ما تثير هجرة الأطباء من الجزائر إلى الخارج جدلاً سياسياً لافتاً في البلاد، وفي فبراير/ شباط 2022 نشرت وزارة الصحة الفرنسية بيانات تؤكد نجاح أكثر من ألف طبيب جزائري في امتحان المناظرة ومعادلة الشهادات، الذي يُعَدّ البوابة الرئيسية للعمل طبيباً في فرنسا، ما يسمح لفرنسا بالاستفادة مجاناً من الكوادر الطبية الجاهزة التي أنفقت عليها الجزائر الملايين لتكوينها، ودفع ذلك البرلمان حينها إلى استجواب الحكومة بشأن الخطط التي تسمح "بتدارك الأمور قبل تفاقمها وحدوث مضاعفات أصعب على المجتمع الجزائري، ومعالجة الأوضاع المادية للطبيب في الجزائر، وتحسين الظروف المهنية والاجتماعية".
ومنذ عام 2022 تعهّد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بإصلاح القطاع الصحي وتحسين ظروف عمل الأطباء والكادر الطبي بشكل عام، بما فيها المادي والاجتماعي وتجهيز المستشفيات. وفي بداية مايو/ أيار الماضي أقرّ تبون نظام تعويضات جديد للأطباء يسمح بزيادات مهمة في الأجور والمنح والعلاوات، لتشجيعهم على البقاء في الجزائر، إضافة إلى منح خاصة بمن يقبلون العمل في المستشفيات في الجنوب والمناطق الصحراوية.