التونسيون سمر البشرة لم ينجوا من الحملة المناهضة للمهاجرين في بلادهم

11 مارس 2023
سعدية مصباح (وسط) خلال زيارتها مخيماً للمهاجرين الأفارقة في تونس (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

لم ينجُ التونسيون من ذوي البشرة السمراء جراء الحملة المناهضة للمهاجرين غير القانونيين من أفريقيا جنوب الصحراء، وتنامى لديهم شعور بعدم الطمأنينة في بلدهم إثر تصريحات شديدة اللهجة للرئيس قيس سعيّد.

تعمل نبراس مجنح البالغة من العمر 26 عاماً نادلة في العاصمة، وهي واحدة من هؤلاء التونسيين الذين صاروا يواجَهون اليوم بعبارات الازدراء وبخطاب من قبيل "ماذا تفعلين هنا؟ عودي إلى بلادك، ارحلي".

يقدر عدد التونسيين السود بما بين 10 و15% من السكان، ويعيش غالبيتهم في الجنوب التونسي

منذ 21 فبراير/ شباط، عندما ندد قيس سعيّد عبر تصريحات بوصول "جحافل" من المهاجرين غير القانونيين، متحدثاً عن مؤامرة "لتغيير التركيبة الديمغرافية" لتونس، سُجّلت انتهاكات بحق مهاجرين من دول جنوب الصحراء لجأ العشرات منهم إلى سفاراتهم للعودة إلى بلدانهم.

تقول رئيسة جمعية مناهضة العنصرية "منامتي" سعدية مصباح: "لاحظتُ إثر الخطاب أن السود في تونس شعروا أيضاً بالخوف"، مشيرة إلى وقوع "خمسة أو ستة اعتداءات على تونسيين سود البشرة".

كانت المضيفة السابقة البالغة من العمر 63 عاماً، من بين الناشطين الحقوقيين الذين قادوا حملة في عام 2018 انتهت بإقرار البرلمان لقانون رائد في البلاد مناهض للتمييز العنصري.

تقول سعدية إنها صُدمت بإزاء هجمات تنمّ عن الكراهية عبر الإنترنت تطالبها "بالعودة إلى بلادها"، وإنها أظهرت "مقابل ذلك، تضامناً كاملاً" مع المهاجرين غير القانونيين من دول جنوب الصحراء والذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها بلا عمل ودون سكن، بعد أن قررت السلطات تشديد الرقابة عليهم. وكان يقدَّر عددهم بأكثر من 21 ألفاً وفق الأرقام الرسمية.

تصريحات سعيّد ضوء أخضر للعنصرية

تجلب سعدية يومياً الطعام والمواد الأولية للمهاجرين المخيمين أمام مقر المنظمة العالمية للهجرة في العاصمة تونس.

وتقول الناشطة إن العنصرية "الخفية إلى حد ما" في تونس "طفت فجأة على السطح، بينما كنتُ أقول دائماً إن الدولة التونسية ليست عنصرية ولا تمييزية".

وأضافت أن تصريحات سعيّد كانت "بمثابة ضوء أخضر من السلطة السياسية للعنصريين" في تقديرها، مبدية استغرابها وجود "أشخاص من النخبة المثقفة والمستنيرة" من بين المناهضين للمهاجرين.

الصورة
سعدية مصباح (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
سعدية مصباح: خمسة أو ستة اعتداءات على تونسيين سود البشرة (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

وأكدت سعدية أن "الوقت ليس مناسباً لطرح" مسألة الأقلية السوداء في تونس على الطاولة للنقاش، وتعتبر ذلك "كمن يصبّ الزيت على النار".

يقدَّر عدد التونسيين السود بما بين 10 و15% من السكان، ويعيش أغلبهم في الجنوب التونسي و"الغالبية منهم تعيش في مناطق محرومة، وتنتمي إلى أفقر الطبقات"، وفق ما ذكرت الباحثة مها عبد الحميد من "معهد يوروميسكو"، في دراسة نُشرت عام 2018.

من جانبها قالت عالمة الأنثروبولوجيا، ستيفاني بوسيل، إن "السود في تونس ضحايا جانبيون لخطاب الرئيس الذي لم يكن موجهاً لسود البشرة، بل ضد غير القانونيين".

وأضافت أنهم يعانون بالفعل من "عنصرية دفينة، وعنصرية يومية، وكذلك صعوبة الارتقاء إلى مناصب عليا".

ورأت بوسيل أن بعد "القنبلة" التي أطلقها الرئيس في سياق التوترات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد، فإن العديد من التونسيين السود "لا يريدون أن تلتصق بهم مسألة (الهجرة)، في حين أنهم يكافحون من أجل اعتبارهم تونسيين بالكامل".

قال لاعب كرة القدم السابق، النجم راضي الجعايدي، وهو من ذوي البشرة السوداء: "يجب أن ننظر بجدية في إدماج التونسيين السود.. هذا موضوع يتواتر منذ سنوات من دون أن تكون هناك مبادرة حقيقية".

نشر الجعايدي في وقت سابق تغريدة عبّر فيها عن رفضه للحملة ضد المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وأكد فيها قائلاً: "أنا أفريقي ليس لأنني ولدت في أفريقيا، ولكن لأن أفريقيا وُلدت بداخلي".

وقال القائد السابق للمنتخب التونسي لكرة القدم إن الهدف من رسالته هو "المطالبة باحترام حقوق المهاجرين"، القول إن الهجمات "شوّهت صورة تونس" التي "يفخر برفع علمها 105 مرات" خلال المنافسات الدولية.

كان لدى الجعايدي أمل في أن يحذو حذوه العديد من المشاهير والنجوم التونسيين الآخرين ممن "يتمتعون بثقة الجمهور"، مشيراً إلى أنه باستثناء نجمة كرة المضرب أنس جابر، فإن ردود الفعل كانت محدودة.

وعلى الرغم من السخرية التي عانى منها عندما كان طفلاً في حيّه، فإنه يرغب في الاستمرار بترويج صورة لبلاده كأرض "للحرية والضيافة وتنوع الأصول".

(فرانس برس)

المساهمون